دخلت منظمة الأممالمتحدة في قبضة مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي بسبب إصرارها على مواصلة أنشطتها الاستيطانية في الضفة الغربية رغم إجماع المجموعة الدولية على عدم شرعيتها ومطالبة إسرائيل بضرورة وقفها. وبلهجة حادة، أدان أمس الأمين العام الاممي، بان كي مون، الاستيطان الإسرائيلي بفلسطين واعتبره بمثابة تحد للشعب الفلسطيني وكل المجموعة الدولية. ووصف المشاريع الاستيطانية الضخمة التي أعلنت عنها إسرائيل مؤخرا بأنها "أعمال استفزازية" تثير تساؤلات بشأن التزامها تجاه حل الدولتين. كما أكد أنها تزيد في حدة التوتر وتقوض كل فرصة لتسوية سياسية لأقدم صراع في منطقة الشرق الأوسط وكل العالم. وجاءت تصريحات الرقم الأول عن المنظمة الأممية بعد إعلان حكومة الاحتلال أنها ستصادر مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة في الضفة الغربيةالمحتلة على الحدود الأردنية في منطقة من المفروض أن تقام عليها الدولة الفلسطينية المستقلة وفق مبدأ "حل الدولتين". وقال الأمين العام الاممي إنه يشعر "بانزعاج شديد بشأن تقارير ذكرت أن الحكومة الإسرائيلية وافقت على خطط لبناء أكثر من 150 منزلا جديدا في مستوطنات غير قانونية بالضفة الغربيةالمحتلة". تصريحات لم ترق لحكومة الاحتلال التي اعتادت على اغتصاب كل الحقوق الفلسطينية علنا دون أن تتعرض لأي عقاب أو مجرد لوم. وهو ما جعلها تسارع لإشهار ورقة "الإرهاب" في وجه بان كي مون بعدما اعتبرت تصريحاته بأنها تشجع "الإرهاب". والإشارة كانت واضحة إلى عمليات الطعن التي ينفذها شباب فلسطيني في ريعان العمر يئسوا من وضع احتلالي مقيت كتم على أنفاسهم وحرمهم من أبسط حقوقهم. ويبدو أن تبريرات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لم تعد تقنع أحدا وهو الذي تمادى في ضرب الشرعية الدولية عرض الحائط وحتى "الإرهاب" الذي يريد إلصاقه بالفلسطينيين لا ينظر إليه آخرون بنفس النظرة الإسرائيلية، بدليل خروج أصوات غربية عن صمتها إزاء الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ومطالبتها حكومة الاحتلال بوقف إعداماتها الميدانية للشباب الفلسطيني. ولكن السؤال المطروح إذا كان الأمين العام الاممي قد أقر بأن إسرائيل هي المسؤولة عن الوضع المتردي في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة والانسداد الذي تشهده عملية السلام، فهل سيكتفي بمجرد الإدانة أو انه سيبادر من اجل اتخاذ إجراءات ملموسة لوقف آلة الاستيطان الإسرائيلية؟ ويطرح هذا التساؤل وقد سبق الاستيطان أن عرف إدانات مماثلة حتى من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية لكن دون أن يصاحب ذلك تحرك فعلي يوقف الكيان العبري عند حده بدليل أن هذه الأخيرة ترد على مثل هذه الإدانات بمزيد من التحدي وإعلان مزيد من المشاريع الاستيطانية. وإذا كان حل الدولتين اصطدم بعقبة الرفض الإسرائيلية بسبب عجز مجلس الأمن الدولي في حمل إسرائيل على الانصياع للشرعية الدولية فان ما زاد الوضع كارثية في فلسطين ما يعانيه سكان قطاع غزة جراء الحصار المفروض عليهم منذ عشر سنوات. وهي مأساة تتعمد إسرائيل على تعميقها ضمن سياسة عقاب جماعي اعتادت على ممارسته لتضييق الخناق أكثر على الفلسطينيين لحملهم على قبول الأمر الواقع. فهل ستتحرك المجموعة الدولية وفي مقدمتها الأممالمتحدة ومجلس أمنها لحماية الفلسطينيين بالأراضي المحتلة الذين يعانون الأمرين اعتداءات إسرائيلية يومية وحرمان من أدنى متطلبات العيش الكريم من ماء ودواء وغذاء؟