أجمعت مداخلات النواب خلال مناقشتهم أمس لمشروع القانون 4 المتعلق بالتقييس على أهمية هذا المشروع في ترقية جودة المنتوج الوطني وحماية السوق الوطنية من غزو المنتجات المستوردة المضرة بصحة المستهلك والبيئة، داعين إلى ضرورة الحرص على تطبيق أحكام هذا القانون من خلال الإسراع في إصدار النصوص التطبيقية واتباع الصرامة في التعامل مع الهيئات المؤهلة بالإشهاد على مطابقة المنتجات لمعايير الجودة، فيما أكد وزير الصناعة والمناجم، عبد السلام بوشوارب بأن النصوص التطبيقية لهذا القانون جاهزة وسيتم عرضها بعد المصادقة على هذا المشروع الذي يوفر الحماية غير الجمركية للاقتصاد الوطني. وأوضح المسؤول الأول عن قطاع الصناعة والمناجم بمناسبة عرضه مشروع القانون المعدل والمتمم للقانون 04/04 المتعلق بالتقييس أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، أن التعديلات التي تم إدخالها على هذا النص تهدف إلى ترقية جودة المنتجات الوطنية وتأهيلها من خلال مطابقتها مع المعايير المتعامل بها دوليا، مع الرفع من مستوى تنافسية المؤسسات الوطنية وحماية الاقتصاد الوطني وحماية المستهلك والحفاظ على البيئة، لافتا إلى أن كل هذه الأهداف مكرسة في الدستور الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في 7 مارس الجاري. وذكر الوزير بأن مشروع القانون محل المناقشة، يأتي ضمن سلسلة من القوانين التي أعدها القطاع في إطار برنامج إصلاحي واسع، سيتم ضمنه عرض مشروع قانون الاستثمار ونصين آخرين حول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والقياسة القانونية، مؤكدا بأن وزارته بادرت في إطار إعادة بناء القاعدة القانونية للقطاع إلى إعادة تنظيم مجال التقييس الذي يشكل عنصرا أساسيا من أجل تنويع الاقتصاد الوطني، من خلال ترقية المنتوجات وإعطاء القدرة اللازمة للمؤسسات لتطوير تنافسيتها للظفر بحصتها في السوق الوطنية والتمكن من الاستثمار في أسواق خارجية. وإذ اعتبر التقييس عنصرا يفرض نفسه في ظل عدم قدرة الحماية الجمركية وحدها على حماية المنتجات الوطنية، أوضح بوشوارب بأن أحكام النص الجديد للتقييس جاءت لتعطي القدرة للمعهد الجزائري للتقييس، على لعب دوره كاملا في مجال الإشهاد على المطابقة، "حيث تم في هذا الإطار إلغاء المادة 22 من النص، مما سيسمح بإنشاء شبكة من المخابر والمؤسسات التي ستعمل على الإشهاد والتصديق وفق المعايير التي يحددها المعهد الجزائري للتقييس". كما سيسمح فتح المجال للهيئات المؤهلة للإشهاد حسب الوزير برفع قدرات التصديق على المنتجات الوطنية ومنحها الوسم، "والتي لم يتجاوز عددها إلى يومنا ال8700 منتوج".وخلال مناقشتهم للمشروع الذي حظي بتثمين لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية والصناعة والتجارة والتخطيط بالمجلس الشعبي الوطني، أبرز غالبية النواب المتدخلين أهمية هذا النص القانوني الذي يضمن حماية أفضل للإنتاج الوطني، حيث وصف النائب عن حزب العمال، جلول جودي هذا المشروع ب«الإطار القانوني الاستراتيجي" لحماية الاقتصاد الوطني والانتاج من خلال تعزيز الضوابط المطلوب توفرها في المواد المنتجة محليا والمستوردة، مشددا في المقابل على ضرورة الحرص على تطبيق أحكام هذا القانون على أرض الواقع "حتى لا يكون مصيره مثل مصير القانون السابق". كما أبرز المتدخل أهمية منح المعهد الجزائري للتقييس الإمكانيات اللازمة لتأدية عمله، حتى يتمكن من وضع حد لغزو المنتجات الضارة للسوق الجزائرية بما تشكله من خطر على صحة المواطن والإضرار بالإنتاج الوطني، داعيا في السياق ذاته إلى إعادة النظر في الاتفاقيات التي أبرمتها الجزائر مع الاتحاد الأوروبي والمنظمة العربية للتبادل الحر، بشكل يضمن توازنا أكبر في التعاملات. نفس الدعوة وجهها رمضان تعزيبت في مداخلته التي أشار فيها إلى أن صادرات الجزائر للاتحاد الأوروبي خارج المحروقات بلغت خلال ال10 سنوات الأخيرة، 12 مليار دولار، مقابل واردات قدرت ب195 مليار دولار، مبرزا أهمية هذا القانون في ترقية جودة المنتوج الجزائري وتخليص السوق الجزائرية من المنتجات الآسياوية التي تعرف بمنتجات "الطايوان" والتي تدخل حسبه إلى الجزائر عبر أوروبا. لخضر بن خلاف، النائب عن حزب العدالة والتنمية، اعتبر المشروع من جانبه، "قانونا مهما وضروريا"، في ظل التأخر الذي سجلته الجزائر في مجال التقييس "وتحولها إلى سوق لمختلف المنتجات الأجنبية التي لا ترقى إلى مستوى الجودة وتشكل خطرا على المجتمع"، وذكر في هذا الصدد بنتائج الدراسة التي أجراها منتدى رؤساء المؤسسات، والتي تبين خسارة الجزائر ل128 مليار دولار من 1963 إلى 2013 بسبب عدم مطابقة منتوجاتها لمعايير الجودة"، وشدد المتدخل في نفس الإطار على أن الجزائر بحاجة ماسة إلى قوانين تنظم دخول المنتجات إلى السوق الوطنية ووضع حد للمنتجات التي تضر بالاقتصاد الوطني بما فيها تلك التي لا تنسجم مع ثقافة وتقاليد وأخلاق المجتمع. جلسة مناقشة القانون المعدل لقانون التقييس كادت تخرج عن إطارها التنظيمي مداخلة النائب طاهر ميسوم، الذي لم يتوان في التهجم على وزير الصناعة والمناجم وانتقاد شخصه، متهما إياه بحمل الجنسية المزدوجة، ما يعتبر حسبه "أمرا منافيا لأحكام المادة 51 من القانون المتضمن التعديل الدستوري". هذا التدخل الذي اعتبره بعض نواب التجمع الوطني الديمقراطي وحزب جبهة التحرير الوطني "تهريجا وبهلوانا"، تبعته ردود أفعال مشيدة بعمل وزير الصناعة والمناجم، الذي وصفه "بأحسن وزير للصناعة عرفته الجزائر"، مستدلا بالحركية الكبيرة التي يعرفها القطاع وبجرأة السيد بوشوارب في منع فوضى سوق استيراد السيارات التي بلغت 6 ملايير دولار وكذا عمله على تطوير فرع إنتاج الاسمنت الذي سيدخل لأول مرة قائمة المنتجات الوطنية الموجة للتصدير بعد أن عانت الجزائر كثيرا من استيراد هذه المادة".