سيتم إنشاء مصلحة مركزية للبصمات الوراثية مهمتها إنشاء وحفظ القاعدة الوطنية للبصمات الوراثية المتحصل عليها من تحليل العينات البيولوجية يشرف عليها أحد القضاة، علما أنه توجد في الوقت الحالي مصلحتان مختلفتان، الأولى تابعة لمصالح الدرك الوطني والثانية للأمن الوطني. جاء ذلك خلال عرض وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، أمس، مشروع القانون المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في الإجراءات القضائية والتعرف على الأشخاص أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، إذ أكد أن المصلحة المركزية المذكورة تتضمن قاعدة وطنية للبصمات الوراثية الخاصة بالمشتبه فيهم المتابعين جزائيا والأشخاص المشتبه في ارتكابهم اعتداءات على الأطفال والأشخاص المتوفين مجهولي الهوية و المفقودين و غيرهم. في هذا الصدد، أوضح لوح أن مشروع القانون جاء "لسد الفراغ القانوني الموجود في هذا المجال"، موضحا أن هذا الوضع "استدعى وضع نص قانوني يؤطر هذه العمليات".مشروع القانون سيسمح ب«استعمال البصمة الوراثية للأشخاص في الإثبات أمام القضاء، غير أنه يعطي لهذا الأخير وحده سلطة الأمر بأخذ عينات بيولوجية من الأشخاص وتحليلها وذلك تلقائيا أو بناء على طلب الشرطة القضائية في إطار التحريات التي يقومون بها". فيما يتعلق بإثبات النسب الذي شكل محور نقاش بعض النواب في كواليس البرلمان، أكد الوزير أن ذلك يخضع لقانون الأسرة وأن القاضي عندما يلجا إلى هذه الخدمة فإنه يتوجه إليه مباشرة وليس إلى المصلحة المركزية. في تقريرها التمهيدي، ثمنت لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات الأحكام الواردة في مشروع هذا القانون، مذكرة بأن الجزائر تعد من البلدان التي توجهت نحو إلى استعمال هذه التقنية العلمية منذ سنوات عدة. كما أشارت إلى أن مشروع هذا النص يرمي إلى "تحديد القواعد التي تضمن عدم التعسف في اللجوء إلى البصمة الوراثية دون ضرورة موضوعية تبرر ذلك، مع مراعاة خصوصية مجتمعنا و حقوق و حريات الأفراد". ويهدف مشروع النص إلى تحديد قواعد استعمال هذه التقنية استنادا إلى عدة مبادئ أهمها "حماية الحياة الخاصة للأشخاص وتحقيق الموازنة بينها وبين ضرورة حفظ الأمن وحماية المجتمع من الإجرام بمختلف أشكاله". لوح: لن أسكت عندما تتم محاولة الضغط على مسار القضاء دعا وزير العدل، حافظ الأختام الطيب لوح، أمس، إلى الابتعاد عن المزايدات عند الحديث عن مفهوم الإرهاب، مشيرا إلى أن المشرع الجزائري وضع تعريفا واضحا بهذا الخصوص وكل ما يتعلق بمحاربته وتعريف الجرائم المتصلة به، خلافا لما نشهده على المستوى الدولي، حيث مازالت تتضارب المفاهيم لوضع تعريف محدد لهذه الآفة. جاء ذلك خلال رد الوزير على انشغالات نواب المجلس الشعبي الوطني حول مشروع قانون العقوبات، مشيرا إلى أنه لا يمكن بناء تضامن دولي في مجال مكافحة هذه الظاهرة على أساس حسابات اقتصادية أو جيو-سياسية هشة. لوح جدد في هذا السياق التأكيد على المقاربة الشاملة للجزائر في مكافحة الإرهاب والتي تعني الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مضيفا أن المصالحة الوطنية أعطت ثمارها الوزيرالذي شدد على ضرورة عدم الخلط بين تعريف المنظمات الإرهابية وحركات المقاومة، استغرب إثارة هذا التخوف من قبل النواب ،باعتبار أن موقف الجزائر تاريخي ومعروف بخصوص هذه المسألة واستشهد بالموقف الأخير للدبلوماسية الجزائرية التي رفضت وصف حركات المقاومة بالإرهابية. وزير العدل أزال أيضا تخوف النواب بخصوص الحد من الحريات الفردية والعامة فيما يتعلق بالتنقل والسفر إلى بلدان أخرى، مؤكدا أن النص المذكور لن يكون له أي تأثير على ذلك، وأشار إلى أن المنع من السفر لا يمكن أن يكون إلا بأمر قضائي، ليخاطب النواب قائلا "لقد كان ذلك يقع في فترة ما خارج إطار القضاء وبصورة عشوائية حيث لم تكن هناك مراقبة عند إصدار هذا النوع من القرارات المانعة غير أنه لا أحد تكلم عن هذا الأمر آنذاك". الوزير اغتنم الفرصة أيضا للرد على انشغالات رفعها نواب بخصوص ضرورة التدخل للكشف عن قضايا الفساد التي يتهم بها الوزير الأسبق للطاقة شكيب خليل، حيث تطرق في هذا الصدد إلى أهمية تعزيز استقلالية العدالة التي كرسها التعديل الدستوري الأخير، كما شدد على وجود مبادئ دستورية تتعلق بعدم التدخل في مسار القضاء من منطلق الفصل بين السلطات الذي اعتبره أساسيا في بناء دولة القانون. هذه النقطة شكلت محور اهتمام الصحافيين الذين أبوا إلا أن يعيدوا طرح السؤال على وزير العدل عند اختتام الجلسة العلنية، حيث رد في هذا الصدد بالقول "لا يمكن إطلاقا أن أسكت عندما تتم محاولة الضغط من هنا أو هناك على مسار القضاء بطرق غير مشروعة والدفع إلى التدخل ، معتبرا مناقشة السلطة التشريعية الممثلة في غرفتي البرلمان للأحكام القضائية خرقا لمبدأ الفصل بين السلطات". وغير بعيد عن هذه المسالة طالب الوزير بتجنب ذكر أسماء القضاة والتدخل في أعمالهم مثلما ينص على ذلك الدستور، مؤكدا بالقول "علينا أن نصل إلى تكريس السلطة القضائية". لوح عرج أيضا في رده على تساؤلات النواب على الإصلاحات المتعلقة بقطاع العدالة لاسيما فيما يتعلق بالمثول الفوري الذي أصبح من اختصاص قاضي الحكم ،بعد أن كان الأمر بالإيداع يتم على مستوى النيابة، مشيرا إلى أن ذلك أعطى نتائج إيجابية إذ في ظرف شهرين فقط من تطبيقه انخفضت نسبة الإيداع ب50 بالمائة.