لا تجد الإدارة الأمريكية منفذا إلا واستغلته للتدخل في الشؤون الداخلية للدول بما فيها العامل الديني الذي ظهرت فجأة على أنها حاميته في العالم تماما كما هو الأمر بالنسبة للديمقراطية وحقوق الإنسان. وابتدعت وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرا خرجة زعمت من خلالها هضم حقوق المسيحيين في الجزائر ولم تكتف بذلك وراحت تدعي بوجود صراع إباضي مالكي في تغطية على نية تحمل ذرائع للوصول إلى أهداف أبعد من مسألة الدفاع عن هذا المذهب أو ذاك. وحملت وزارة الخارجية الأمريكية راية الدفاع عن الأديان في الجزائر وهي التي تنتهج سياسة الكيل بمكيالين من خلال طريقة تعاملها مع كل مسلم يقصد الإقليم الأمريكي والمضايقات التي يتعرض لها بمجرد وطئه لأي مطار من مطاراتها وسراط السؤال والجواب الذي يتعين المرور عليه لقبول أو رفض دخوله إليها. وعندما تغتاظ واشنطن وتزعم هدر حقوق المسيحيين في الجزائر والإشارة واضحة إلى عمليات التنصير الممنهجة وغير الشرعية في عدة مناطق جزائرية فإن سؤالا يفرض نفسه: ما هو الموقف الذي كان على السلطات الفيدرالية الأمريكية أن تتخذه لو أنها لاحظت حملات للدعوة الإسلامية فوق أراضيها وتهدد التجانس بين شرائح مجتمعها؟ واذا كان الجواب لا يستدعي جهدا إضافيا فإن إجراءات الاستنطاق التي تتم في مختلف السفارات الأمريكية لأي أجنبي راغب في الحصول على تأشيرة وخاصة إذا كان مسلما تغني عن طرح هذا السؤال و"الحديث قياس" كما يقول المثل الشعبي الجزائري المعروف. ولكن عندما يطغى منطق القوة الأمريكي بإباحة المحظور ومنع المباح مادامت المصلحة الأمريكية تقتضي ذلك وبعقلية "فولي طياب" فإن الأمر يصبح عاديا...