يعترف الإعلامي عمر شكار رئيس تحرير يومية "تريبين ديليكتور" (منبر القراء) أن العديد من عناوين الصحافة الورقية تراجعت بشكل كبير بسبب انتشار تكنولوجيات الإعلام والاتصال، لكن رغم ذلك لا يمكن أن نقول بأن النسخة الورقية في الجزائر صارت في خطر، لكن الخطر يكمن في الاعتماد الكلي على ما وصفه في هذا الحوار ب"البقرة الحلوب" المتمثلة فيما تمنحه وكالة "أناب" من إشهار، وأن الناشرين ملزمون بالبحث عن الحلول، وليس انتظار ذلك من أطراف أخرى لإنقاذ ما تبقى من الصحافة. ❊ كيف ترى مصير الصحافة المكتوبة الورقية في ظل التكنولوجيات الحديثة والتحول نحو التصفح الإلكتروني؟ ❊❊ يجب الاعتراف بأن العديد من عناوين الصحافة الورقية تقهقرت كثيرا بظهور الوسائل الإلكترونية في عالم الإعلام، وللأسف، نسجل عندنا من جهة تأخرا كبيرا في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما أن العديد من الصحف أنشأت مواقع إلكترونية، لأن معظم القراء صاروا يتوجهون لكل ما هو إلكتروني منذ سنوات، وفي رأيي، فإن مستقبل الصحافة الورقية ليس في خطر، رغم أن العديد من الأشياء تغيرت، ولا شك في أن العديد من مواقع الأنترنيت التي ظهرت في السنوات الأخيرة أدت إلى توقف العديد من الصحف الورقية، لأسباب تتعلق بالصحة المالية التي كانت مرتبطة بريع المحروقات التي تضمن 98 بالمائة من الصادرات الوطنية، يضاف إلى ذلك التطور الرهيب لتكنولوجيات الإعلام والاتصال التي تحدد مستقبل الصحافة المطبوعة في الجزائر، وفي غياب إحصائيات رسمية، تبين "القوة الضاربة" للوسيلتين الإعلاميتين الورقية والإلكترونية، أعتقد أنه من الصعب الحديث بدقة عن مستقبل الصحافة المكتوبة. ❊ في رأيكم كيف استطاعت الرقمنة قلب الأمور؟ ❊❊ بالتأكيد، الصحافة الإلكترونية بينت حدود الصحافة الورقية التي تعطي للقراء الخبر في اليوم الموالي من وقوع الحدث، فيما تعطي الصحافة الإلكترونية الخبر في أوانه، بالتالي فالمواطن يرتبط بهذه السيولة السريعة، كما تقوم هذه الوسيلة بتثقيفه وتحسيسه حول مسائل الفائدة العامة، ويكفي أن نرى مدى تقدم عدد القراء كل ساعة وكل يوم، وفي الجانب المكتوب لا أحد يعلم حجم المقروئية الحقيقي، ملايين الناس تحولوا إلى العالم الافتراضي، خاصة الطلبة، واليوم فأية جريدة بلا موقع أنترنيت هي صحيفة ميتة. ❊ في رأيك كم ستصمد الصحف المكتوبة أمام هذا الخطر، وهل تعيره الجرائد الوطنية اهتماما؟ ❊❊ حقا لا أحد يستطيع التكهن بالوقت والعمر المتبقي للنسخ الورقية، من جهة أخرى، يجب الاستعداد للتطور الرهيب لتكنولوجيات الإعلام والاتصال الجديدة في العالم، لأن القراء اليوم يتجهون نحو الإلكترونية، والمشكل المطروح بالنسبة للمواقع الافتراضية يتعلق بإشكالية المحتوى وتحيين وسائل العمل، إلى جانب إتقان اللغات وانتشارها في العالم، فهناك قراء أحاديو اللغة، مزدوجو وكذا ثلاثيو اللغة، نطقا وكتابة، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على مستقبل الصحافة الورقية والإلكترونية، سأشرح ذلك.. نحن لا نكتب للأشخاص ولكن لشريحة واسعة من القراء الذين يجب أن يجدوا في النمطين الموضوعية. * أين يكمن الحل؟ ** انطلاقا من المثل الصيني "لا تعطي الجائع السمك ولكن علمه كيف يصطاد السمك"، فإنه لا يمكن أن نطلب الحلول من المزودين وموفري التجهيزات الإلكترونية، حتى ولو كنا نملك أحسنها، فالناشرون هم الملزمون بالبحث عن الحلول، يجب أن نفعل كالآخرين بإيجاد مصادر تمويل أو تغيير النشاط، لأن مضي وقت الاعتماد على "البقرة الحلوب" المتمثلة في وكالة النشر والإشهار "أناب" التي تتغذى على أموال البترول، يكفي أننا نرى مخلفات انخفاض سعر البترول، وأساس كل حل هو تكوين الموارد البشرية بتجديد معارفهم ومهاراتهم، كل في ميدان اختصاصه، والصحافة مهنة نبيلة مثل الطب، لها مسؤولية أخلاقية، ثقافية، اقتصادية وسياسية، وإلا فكيف تم ترتيب الصحافة كسلطة رابعة، لذلك أقول إنه قد حان الوقت لبناء صحافة على أسس المعرفة وعلوم الإعلام والاتصال، إذا أردنا أن ننقذ ما تبقى من هذه المهنة، والحل النهائي يعتمد على استحداث وتطوير ميكانيزمات أخرى للتمويل أو التمويل الذاتي، لأن مفهوم الإعلام بمفهومه الواسع، يبدأ بالتكوين، المردودية وموضوعية الأشخاص كل في ميدانه.