يواصل الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ضمن نشاطاته الدورية، تكريم أعمدة الأغنية الجزائرية، حيث أقام حفلا أول أمس لتشريف سيد أغنية الشعبي العصرية، الراحل دحمان الحراشي، الذي أحياه عدد من الأصوات الرائدة بحضور عائلة المرحوم وأصدقائه ووزيري الثقافة عز الدين ميهوبي والاتصال حميد قرين. استهل الحفل الذي احتضنته قاعة ابن زيدون بديوان رياض الفتح بالعاصمة، المطربة المتألقة نسيمة شعبان بتقديم وصلة أندلسية "بسم الله العظيم" في طابع "عراق"، بعدها تحدثت عن تقاسمها منصة الغناء إلى جانب دحمان الحراشي في نهاية السبعينات بملعب 20 أوت بالجزائر العاصمة، واعتبرت مشاركتها في حفل التكريم تشريفا لها. صعد مطرب الشعبي رضا دوماز ليقدم مشاركته في تكريم الفقيد، بأداء أغنيتين من رصيد دحمان الحراشي وهما "غير لي يحب صلاحو" و«حبّر دبر"، حيث تفاعل الجمهور الغفير مع أدائه المحترف. واستحضر الحضور صوت دحمان الحراشي من خلال نجله كمال، وأدى واحدة من أجمل أغاني والده التي تغنى فيها بالوطن عنوانها "في وسط الجزاير"، ثم أتبعها بأغنيته التي أعدها تكريما لوالده الراحل "غنا فنو وخلاه". وأعرب كمال الحراشي للصحافة عن سعادته لتكريم والده، وقال إن دحمان الحراشي هو "الشيخ" الذي أعطى كثيرا لأغنية الشعبي وهذا التكريم مستحق نظيرا ما قدمه للفن الجزائري، واعتبر أن الحفل المقام على شرف والده الراحل فخرا له، وفخرا لكل الجزائريين. وأضاف المتحدث أن دحمان الحراشي كان فنانا سابقا لزمانه ذلك لما قدمه من فن مبدع ولا يشبهه في ذلك أحد. وهو كاتب كلمات وملحن ومغن وفي كل هذه المجالات كان متفوقا.. "إنه فنان كامل".ثم أدت المطربة أمال زان وصلتها الموسيقية بتقديم أغنيتين للراحل وهما "آش أداني نخالطو" و«خبي سرك"، وقد تحدثت للإعلام قبل صعودها المنصة وقالت إنها تحب أن تؤدي أغاني دحمان الحراشي من لدن فرقة موسيقية تقليدية، وحتى وإن كانت أغنية الشعبي وسطها ذكوري، لكنها لا تنزعج في أن تتكيف مع هذه الفرقة. وأعربت عن سعادتها وأنها تتشرف بالمشاركة في حفل تكريم الحراشي كمغنية تمثل الجيل الجديد خاصة وأن الراحل كان واحدا من المغنيين المحبوبين بالنسبة لها. وتداول على الخشبة كل من نصار مقداد الذي غنى "يا الحجلة" و«حاسبني وخد كراك"، ونور الدين علان أدى "إذا كانك عوام" و«مازال في حياتي نسمع ونشوف". أما حميدو فختم الحفل على وقع "من صابني نكون أنا وحبابي لي راحو" وقدم أيضا "ما زالني معاك نقاسي" و«يا نكار الملح والطعام". من جهته، أكد وزير الثقافة عز الدين ميهوبي أن التكريم وفاء وعرفان للذين خدموا الثقافة والتراث وخدموا الفن بصدق ونجحوا في أن يحفظوا أسماءهم في وجدان الناس، وأن دحمان الحراشي اسم كبير شكل تيارا فنيا مختلفا، لا هو شعبي كما هو سائد ولا هو عصري وأنه أخذ بينهما، ونجح في اختيار الكلمات والمضامين، حيث غنى للغربة وللوطن وللإنسان وللقيم التي نشأ عليها الجزائريون. وأضاف "هذا جزء من الحفاظ على التراث الموسيقي والفني ونأمل أن تبادر جهات أخرى على غرار الجمعيات الموسيقية في حفظ وتوثيق وبحث ولا يبقى مجرد جمع أغاني فقط، لأن هذه الأغاني كما هو معروف عند دحمان الحراشي مثلا وراءها قصة، يمكن أن يكون هناك بحث أكاديمي في هذا المجال حتى يعرف الناس هذه القصص التي من شأنها الكشف عن جوانب أخرى في حياة هذا الفنان الكبير".