تخلصت وهران خلال السنتين الأخيرتين من 48 شبكة إجرامية تنشط عبر العديد من الأحياء العتيقة والتجمعات السكانية الفوضوية التي طوّقت الولاية. مراقب الشرطة نواصري صالح اعتمد منذ تنصيبه على رأس أمن الولاية، حزاما أمنيا محكما أعطى نتائج جيدة؛ من خلال الإطاحة بعصابات ورؤوس مدبرة "شاخت" في الإجرام وأحكمت سيطرتها على أحياء الولاية، وذلك بفضل سياسة الاستعلام الإجرامي التي اعتمدها المسؤول الذي لم ينكر الدور الهام للمواطن الوهراني في المساهمة في تقليص الجريمة والإطاحة بباروناتها. كما إن إعادة توزيع الطاقات الشابة بإعادة انتشار 30 رئيس أمن حضري، أعطت دفعا قويا للنشاط الأمني، وهران التي تحتضن الاحتفالات الرسمية بعيد الشرطة 45، تستعد لاستقبال فعاليات أكبر التظاهرات الدولية، على غرار الألعاب المتوسطية، ولها اليوم أن تفخر بعميد الشرطة الجزائري ورجل الأمن العربي بامتياز السيد نواصري صالح. لا يكفي ونحن نحتفل بعيد الشرطة ال 54 التذكير بما أُنجز وتحقق في الميدان والإشادة بالوسائل المادية والبشرية المسخّرة من قبل القيادة العليا للمديرية العامة للأمن الوطني، التي لم تدّخر جهدها للارتقاء بجهاز الشرطة إلى مصاف الأجهزة الأمنية المتطورة. فوراء المؤسسة الشرطية رجال ونساء رفعوا راية التحدي الأمني عاليا؛ سواء على الصعيد الوطني أو الدولي. أسماء تستحق الثناء والتقدير، وهي التي اقتلعت العرفان والإشادة في محافل وتجمعات هامة. نواصري صالح واحد من رجالات الشرطة الأكفاء، كرّس حياته لخدمة المؤسسة، ونجح حيثما حل، في بسط الأمن ودحر الجريمة. يقول رئيس أمن ولاية وهران مراقب الشرطة نواصري صالح إن التحاقه بجهاز الشرطة سنة 1979 لم يكن مبنيا على المستوى العلمي والجامعي، بل أساسه الإرادة وحب المهنة التي دفعت به إلى العمل على تطوير الجانب المهني للشرطة، التي ساهمت في صقل خبرته ومعارفه بعد سنوات من المسؤوليات عبر كامل ولايات الوطن تقريبا. رئاسة أمن الولاية لم تكن بالمهمة السهلة؛ على اعتبار أن وهران هي العاصمة الثانية للبلاد، وموقعها الاستراتيجي سياسيا، سياحيا واقتصاديا، واستقطابها الأجانب والسياح عقّد من مهام الأمن، يقول السيد نواصري، الذي أشار إلى أولى الأوامر التي تلقّاها من اللواء عبد الغني هامل عقب تسلّمه مهامه المتعلقة بمهمتين أساسيتين، تتعلق إحداهما بمحاربة الجريمة، والأخرى بتنظيم حركة المرور. القضاء على 48 شبكة إجرامية شكلت الجريمة بوهران أحد أهم التحديات الواجب رفعها، وهي الهاجس الذي نغّص أداء ومهام كل المسؤولين المتعاقبين على الولاية التي تتمتع بموارد ومقومات كبيرة، حالت الجريمة بكل أنواعها دون بروزها وتحقيق الإقلاعة بها. وهران عُرفت في السنوات الماضية بانتشار الجريمة خاصة الاعتداءات والسرقات والعصابات التي زرعت الرعب لدى السكان والوافدين على الولاية. اليوم وبفضل الدعم والمساندة القوية من قبل القيادة العليا للأمن وبفضل الإمكانيات المادية المتاحة والهياكل القاعدية التي ساهمت الولاية في إنشائها، تمكنت وهران من وضع استراتيجية محكمة تمثلت في خلق حزام أمني عبر مداخل الولاية التي تعرف انتشارا هاما للبناءات والأحياء العتيقة والتجمعات الفوضوية التي أفرزتها سنوات العشرية السوداء، وهو ما شجع انتشار الجريمة، وبالأخص المخدرات والمهلوسات إلى جانب السرقات والسطو. مراقب الشرطة يقول إنه تفاجأ لدى تسلمه مهام الولاية بوجود عصابات تسير في وضح النهار وسط المدينة الجديدة، ومجرمين مبحوث عنهم من قبل العدالة وصدر في حقهم ما بين 21 و25 أمرا بالقبض، غير أنه بعد التنسيق مع وحدات الجمهورية للأمن والتي تحولت إلى وحدات حفظ النظام العام، تم خلق وحدات خاصة لمكافحة الجريمة، والتي استطاعت في ظرف عام، التحكم في عدد من العصابات ومجرمين تم تسليمهم للعدالة، التي أصدرت في حقهم أحكاما بالسجن تصل إلى 30 سنة. 36 منشأة أمنية في عامين و30 مسؤولا شابا .. رغم الجهود المبذولة بقيت بعض الجيوب الإجرامية بحي الصباح، الياسمين، سيدي الهواري والدرب.. والتي تم التحكم فيها من خلال منشآت قاعدية للأمن الوطني ومقرات حضرية وخلايا التدخل، ولاقت الدعم من قبل القيادة العليا.. وتم بعد سنتين التحكم النسبي في الجريمة، وهو الواضح عبر كبرى شوارع الولاية، على غرار شارع العربي بن مهيدي، الذي كان المار به يشعر بحالة من اللاأمن بمجرد تقلص ساعات النهار. جرائم القتل وسرقة السيارات الشائعة بوهران تراجعت بشكل كبير وتم التحكم فيها بشكل كبير بفضل انتشار خاص لقوات أمن وهران، التي اعتمدت على الطاقات الشابة من خلال رؤساء الحواضر ال 30 الذين تم توزيعهم دفعة واحدة، والذين تلقوا توجيهات محددة وقاموا في وقت وجيز بعمليات يومية نوعية، قضت على أغلب العصابات المنتشرة بوهران. الوالي عبد الغني زعلان له نصيب كبير في عودة الأمن إلى الولاية، وهو الذي أعطى أهمية للجانب الأمني، وساهم بشكل كبير في استتبابه، حسب السيد نواصري، الذي أكد أن الوالي لم يبخل بالمساعدات المادية، وهو الذي دعم من خزينة الولاية أغلب المشاريع التابعة لجهاز الشرطة. وتم خلال السنتين الأخيرتين إنشاء 36 مقرا جديدا للشرطة عبر مختلف نقاط وأحياء الولاية. وهران التي لا تنام تستفيد من فرق أمنية خاصة بالنهار وأخرى بالليل لضمان حركة المواطن بالولاية المعروفة بانتعاشها.. بالإضافة إلى مخطط خاص بما يسمى "العيون"، على غرار عين ترك التي تعرف توافدا كبيرا للمصطافين خلال موسم الاصطياف. كما تم وضع كامل القوات بالزي المدني خلال المناسبات، وهو ما ساهم في التغلب على حالة اللاأمن، كما كشف ذلك استقصاء للرأي المحلي الوهراني حول الموضوع. وبلغة الأرقام، تم في 2013 تفكيك 28 عصابة مختصة ومنظمة. وانخفض العدد سنة 2014 ليتم تفكيك 12 عصابة. وفي 2015 تمت الإطاحة ب 8 عصابات أخرى مختصة تنشط في الأحياء التي لاتزال تنشد مقرات أمنية وتعدادا أمنيا إضافيا، ليبلغ عدد العصابات المطاح بها 48 شبكة، علما أنه يجري حاليا تقفّي بعض الأتباع وفلول المجرمين المختصين أساسا في السرقات، السطو على المنازل والمقرات المالية، وهي الظاهرة المنتشرة بالولاية. وتم لأجل ذلك وضع أعوان بمقرات البريد والقباضات لمراقبة الأشخاص، علما أن الظاهرة خلقت ارتباكا كبيرا لدى التجار الكبار، ووصل الحد إلى سرقة 15 مليارا. شهادة تقدير للمواطن الوهراني ركز السيد نواصري صالح في حديثه معنا على الدور الكبير الذي لعبه المواطن الوهراني في القضاء على الجريمة. الرقم 15 /48 الخاص بالشرطة يعكس مدى التجاوب الكبير الحاصل بين المواطن والشرطة التي خصصت 8 أجهزة هاتف لاستقبال مكالمات المواطنين، ملحا على ضرورة أن يكون الرد في الرنة الأولى للجهاز، وهو ما يبقي التواصل مستمرا بين الطرفين؛ مما ساهم -يقول - في كسب ثقة المواطن الذي يحظى باستقبال حسن وتكفّل آني بانشغاله واحترام حقوق الإنسان، وهو المبدأ الراسخ. الاستعلام الإجرامي خطة أمنية نجح في استعمالها السيد نواصري، الذي أكد أنه اعتمد فيها على المواطن بالدرجة الأولى إلى جانب وسائل الإعلام في وهران التي تقوم بعمل إعلامي واستعلامي دقيق وجيد، وأغلب ما يُكتب في الجرائد يتأكد في الميدان، وهو ما عزّز الثقة بين الجانبين بالإضافة إلى العمل الخاص بالشرطة. رئيس أمن الولاية ورغم كل ما تقدم اعترف وبكل تواضع، بأنه لم يتم بعد القضاء على الإجرام بوهران، مضيفا أنه ما لم يتم تدشين المقرات الأمنية الباقية في أحياء عدة بوهران، على غرار سيدي البشير والحاسي؛ باعتبارها بؤر الإجرام؛ لا حديث عن استتباب الأمن، علما أنه من المنتظر أن تستفيد هذه الأحياء من مؤسستين أمنيتين بكل واحدة منها، وهو ما سيمكّن الولاية من فتح الحزام الأمني وتحرير الولاية، مضيفا: "عندها سنقول إن الإجرام في وهران انتهى". الشرطة الجوارية تقوم بعمل جبار، وتركيزها قائم على لجان الأحياء والجمعيات الثقافية والرياضية مع التنسيق مع مصالح الأمن العمومي؛ من خلال التحسيس والتوعية في المدارس فيما يتعلق بحوادث المرور مع التركيز على حضور في كل المناسبات والمواعيد "حتى أصبحنا نتلقى دعوات يومية بالعشرات، ولا نبخل عن تلبيتها وتقديم المرافقة والمعلومات والتوجيهات للجمعيات، وهو ما يدخل أيضا في الاستعلام الأمني"، وهو ما وصفه المسؤول بالمكسب الكبير. استعداد مبكر لتأمين الألعاب المتوسطية وهران تتطلع سنة 2021 لاحتضان الألعاب المتوسطية التي تحضّر لها على جميع الأصعدة، والجانب الأمني يشكل الحلقة الأهم، حسب السيد نواصري، الذي أكد استعداد مؤسسته الأمنية لمرافقة هذه التظاهرة وتظاهرات أخرى بكل حزم وجد. وستكون وهران في الموعد من خلال تجهيزات هامة، تتمثل خصوصا في نشر ما يزيد عن 2400 كاميرا مراقبة سيتم تركيبها وتشغيلها قبل نهاية العام الجاري، بالإضافة إلى اقتناء 4 مروحيات تسهر على حماية المواطنين والسياح جوا وبرا. الشرطة في وهران تنشد الدعم البشري، حسب السيد نواصري، الذي قال إن وهران لا تختلف عن العاصمة من حيث النشاطات والنمط المعيشي والإقبال والحركية، بل إن تحول وهران إلى قطب في السياحة والصناعة يستدعي اهتماما أمنيا مضاعفا، وعليه بات من الضروري - يقول - رفع التعداد البشري بإطارات متطورة ومتكونة. المتحدث أكد أن بلوغ المستوى الصفر في مجال الجريمة هو درب من المستحيل حتى في كبرى الدول وأكثرها تطورا، غير أنه التزم بضمان بلوغ مستوى أمني عال يتراوح ما بين 80 و85 بالمائة؛ في إشارة منه إلى صعوبة إلغاء السرقات الصغيرة التي تتم بين الفينة والأخرى. ويبقى على رئيس أمن ولاية وهران الانتقال إلى المهمة الثانية التي أوكلت له، وهي تنظيم حركة المرور التي تعقدت في الآونة الأخيرة على الرغم من الإنجازات التي عرفتها الولاية فيما يخص الطرقات والممرات والأنفاق وحتى الجسور..