يشارك الفنان التشكيلي الجزائري المعروف رشيد قريشي في المعرض الخاص بالعالم العربي الذي يحمل شعار"الحركة والاتصال، أسفار عبر الصحراء والبحر" إلى جانب 18 فنانا تشكيليا عربيا، وذلك في معرض "آرت باريس- أبو ظبي" المقام ما بين 17 و21 نوفمبر المقبل، والذي علاوة على كونه أكبر تظاهرة للفن الحديث والمعاصر، فإنّه يقدّم بانوراما واسعة من الأساليب والمدارس الفنية، التي تعود إلى القرنين العشرين والحادي والعشرين. ومن أبرز المشاركين مع رشيد قريشي، فيصل سمرا(السعودية)، شيرين نشأت (إيران)، أسمبسيو ماتيو (العراق - اسبانيا)، سالم الدباغ (العراق)، نادية أوفريد وعمر يوسفي (المغرب)، سمير خداج (فلسطين)، عبدالقادر الريّس (الإمارات العربية)، شوقي شمعون ومحمد الروّاس وأمل داغر (لبنان)، تسلّط الأعمال المعروضة الضوء على أثر الصحراء والبحر في الإبداع الفني عبر العالم العربي، من خلال التصوير الفوتوغرافي والفن التشكيلي ومقاطع الفيديو، كي تعكس تأثّر الفنانين العرب المعاصرين بمكوّنات الطبيعة الجغرافية الخلابة والمخيفة في آن واحد. ويبقى الهدف من معرض "الحركة والاتصال، أسفار عبر الصحراء والبحر" هو الإبقاء على أعيننا مفتوحة لرؤية فنون الشرق باستضاءة جديدة، بغية إظهار جودة الفن العربي وأصالته وتميّزه، فيما يطمح معرض "آرت باريس- أبو ظبي"، إلى القيام بدور فاعل في تنمية النشاطات الثقافية، والتعريف بمدارس الفن المتنوّعة، في إطار إستراتيجية تقوم على تشجيع الإنتاج المحلي والانفتاح على ثقافات العالم الآخر وفنونه، تبادل الخبرات مع أهمّ المؤسّسات الفنية في مختلف أنحاء العالم، فضلاً عن إتاحة الفرصة للمبدعين العرب الاحتكاك مع أهمّ الخبراء العالميين في هذا الحقل وتطوير سبل تسويق الأعمال الفنية. وسيحتل فنانون من العالم العربي مواقع الشرف ليس في صالات العرض الخاصة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا فحسب، بل على مستوى رواقات غربية أيضاً، وسيتم التركيز على الإبداع الفني العربي الذي يعتمد على عناصر تقليدية، لذا تُخصص بعض الصالات الإماراتية أجنحة لرواد فن الخط في العالم العربي جنباً إلى جنب مع أعمال محدثة، ومع صعود الفن الإيراني ثمة صالات تركّز على الفنون الآسيوية المخصّصة لفنانين من أندونيسيا وكوريا والهند (صور فوتوغرافية وكليشيهات من أجواء السينما الهندية). والفنان رشيد قريشي من مواليد عام 1947، شبّ في منطقة جبال الأوراس، درس الفنون الجميلة في الجزائر العاصمة وفي باريس، ويهتم بالبحث في روح الخط العربي وعلاماته وتصاميم المخطوطات الشعبية المغاربية، وبالثقافة الصوفية، وتتّسم أعماله بالتحرّر والحيوية، وتجمع بين التقاليد القديمة والحداثة، ويعتبر رشيد قريشي حالة مسكونة بالتصوّف، لوحاته تعطيك إحساسا فوريا بروحانية الإسلام، ربما لنشأته في الجزائر ورؤيته لأقطاب التصوف ومشايخ الزوايا هناك، وإصرارأسرته على تعليمه العربية وتحفيظه القرآن في ظل هيمنة فرنسية على أوضاع البلد ومستقبل مظلم ينتظرالناس فيه الموت مع مرور كل لحظة.. قريشي لديه فلسفة خاصة به، لايحيد عنها، وهو يؤمن بضرورة التجاور بين الحضارات الإنسانية، كما أنه مولّع بالتجريب، جرّب الرسم على الخيم البدوية بألوان حديثة، حتى يربط بين خشونة البداوة وملامح المدنية العصرية، وهو أيضا فنان جوٌال، أقام معارضه بالعديد من دول العالم شرقاِ وغربا، يتضايق كثيرا حينما يصفه أحد بالخطّاط، فالخطّ موضوع في لوحاته تتجاورمعها مواضيع أخرى متعدّدة. ويرى قريشي أنّ الموت شيء طبيعي، ولكن الفنان لا يموت، ويتم تخليده ويذكر دائما خاصة إذا ترك بصمة كبيرة في أعماله، كما أنّ التعامل مع الدين باعتباره مجرد فريضة فهذا شيء خاطئ، نريده أن يكون حضارة كاملة، كل طرف فيه يحترم الطرف الآخر، فالفنان يريد أن يشكٌل بحرية، ويقول في أحد اللقاءات الإعلامية "الفنان بدون حرية كيف يبدع؟ كيف يكون فنانا من الأساس، كلّنا أولاد دين واحد، إنساني، متسامح، ولهذا لابدّ أن نتعلّم التسامح في علاقاتنا ببعضنا البعض، ولابد أيضا أن نتعلّم فكرة التجاور، كل الأفكار الجيدة تصلح للبقاء معا". صاحب "طريق الورود" يرفض أن يوصف بالخطّاط فلوحاته تحمل الكثير من الخط العربي وبالأخص من اليسار إلى اليمين، وفي هذا الصدد يقول بأنّ المتصوفين كانوا يغلقون النصوص، ولكنهم يتركون مفاتيح، "الحلاج قال "أنا الحق"، ما الذي كان يقصده؟ هذا ما سيجيب عليه كل شخص حسب الرؤية الإلهية التي وهبها الله له، أنا أفعل ذلك لجوءا إلى الترميز، ليوناردو دافنشي عمل "شغل مقلوب"، هناك فنانون لديهم نوع من الفلسفة ولايرغبون في ترك أعمالهم مفتوحة أمام كلّ الناس.. ويصيف "أنا لست خطّاطا، الخط له هندسته الخاصة، طول وعرض، كما له أنواعه، وهذا لايصبّ في اهتماماتي.. لقد اشتركت مع محمود درويش في عمل، وطلبت من خطاطين هم حسن مسعود وكمال ابراهيم وعبد الله عكار المشاركة معنا، أنا فنان تشكيلي..". وعن المتصوّفة الذين تأثّر ويعتبرهم أساتذته ابن عربي أول صوفي مسلم يولد في أوروبا بمدينة "مرسيا" الأسبانية، ثم العطّار فجلال الدين الرومي وأخيرا رابعة العدوية التي فتحت باب التصوّف في الإسلام، وعن سؤال حول سعيه لتغيير الصورة المغلوطة عن الإسلام في الغرب، يشير"أقمت معرضا بالمتحف الوطني في واشنطن لأغّير الصورة المشوّهة المأخوذة عن الإسلام، أردت أن أواجه من يتحدّثون عن ضرب المرأة وإيذائها وجلوسها في بيتها وأقول لهم، أنّ كلّ هذا خاطئ لأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم أوصانا خيرا بالنساء، كما كان للنساء مواقف كبيرة ومشهورة في الحروب ومجالات الحياة المختلفة.. وللإشارة فإنّ أعمال رشيد قريشي موجودة في "مجموعات" أكبر المتاحف في العالم، لاسيما المتحف البريطاني ومتحف "جونسون هيربرت" بنيويورك ومعهد العالم العربي ومتحف الفن الحديث بباريس والمكتبة الوطنية الفرنسية ومتحف الفاتيكان ومتحف الفن الحديث بالقاهرة.