يعاني حوالي 200 ألف شخص بالوطن من داء الرثية المزمن وهو المرض الذي يصيب المفاصل والعظام فيصبح المصاب بموجبه شبه مشلول، ويؤدي المرض في أعقد حالاته إلى الإعاقة الكلية، ويصيب على وجه التحديد الفئة ما بين 30 و50 سنة من الجنسين. وتؤكد الدكتورة لعجوز رزيق عائشة رئيسة مصلحة التهاب المفاصل والرثية رئيسة الرابطة الوطنية للرثية أن الرابطة ستشرع في الأيام القليلة من الشهر الجاري في إجراء دراسة على المستوى الوطني حول الرثية لمعرفة الإصابة الوطنية بهذا المرض، ونوعية الأدوية المأخوذة، والاستشارات الطبية هل يشرف عليها الأخصائي أم الطبيب العام، وكذا الحالة الاجتماعية للمصابين بالرثية بهدف التدخل بالمساعدة إن لزم الأمر، يشارك في هذه الدراسة التي أعلنت عنها المتحدثة أول أمس بالأوراسي بمناسبة إحياء اليوم العالمي للرثية كل الأطباء الأخصائيين في التهاب المفاصل وعددهم حوالي 200 مختص عبر الوطن. ومرض الرثية أو التهاب المفاصل هو التهاب حاد أو مزمن يصيب مفصلا أو أكثر من مفاصل الجسم، ويصحبه عادة ألم مبرح، واحمرار وحمى، وضعف قد يبلغ حد الإقعاد، والرثية من الأمراض المستعصية وهي تعالج عادة بالراحة والتدليك والحمية الغذائية بغية إنقاص الوزن، وبالامتناع عن المسكرات والقهوة والشاي، وبتناول بعض الأدوية الموصوفة كأقراص الأسبرين أو المراهم الطبية مثل "جالدان وفالدان" وغيرها، غير أن العلاج الأكثر نجاعة على الإطلاق حسب المختصين يبقى التطبيب الحيوي أو المعالجة بالمواد الحيوية التي تمس الخلايا المصابة مباشرة، وهي طريقة العلاج المكلفة جدا، لكن الدولة تتكفل كليا بمثل هذا العلاج والأدوية متوفرة في المستشفيات فقط وبالنسبة للمرضى المؤمنين اجتماعيا. وتصيب الرثية النساء أكثر من الرجال بمعدل رجل واحد مقابل 7 نسوة، وترجع المختصة السبب إلى الهرمونات الأنثوية التي تلعب دورا في مضاعفة احتمال الإصابة لدى المرأة، كما أن البنية الجسمية للمرأة وهشاشة عظامها تجعلها أكثر قابلية للالتهاب، وما يصاب هنا هو السائل اللزج الموجود داخل العظام فيصاب الأخير بالانتفاخ ثم يعوّج ثم يتآكل إن لم تتم المعالجة الفورية، كما تتعرض اليدان والأرجل لتشوهات، ولا يقتصر المرض على سن معينة، وفي كثير من الأحيان تؤدي الإصابة المعقدة من الرثية إلى زرع حوض اصطناعي أو ركبة اصطناعية، حيث تؤكد المختصة أنه بمصلحتها بمستشفى بن عكنون بالعاصمة ينتظر 200 مريض عملية زرع مماثلة أغلبهم شباب فوق الثلاثين. علما أن معدل حياة المصاب بالرثية يحدده المختصون ب 5 سنوات أقل مقارنة بشخص مصاب بمرض مزمن آخر. ويعتبر مرض الرثية داء ثقيلا ولا يتم الكشف عنه مبكرا إلا عندما تتعقد الحالة المرضية، حيث تشرح إحدى المريضات ل"المساء" على هامش انعقاد اليوم الاحتفالي بالاوراسي أنها أصيبت بداء التهاب المفاصل وعمرها 14 سنة، حيث كانت تحس بألم كبير في مفاصلها يعيقها عن الحركة ولكنها لم تخضع لعلاج جيد إلى أن أصيبت في 45 سنة من عمرها بشلل نصفي أعاقها عن المشي إلى أن خضعت لعملية زرع حوض اصطناعي على يد الفريق الطبي للدكتورة لعجوز، أما عن حياتها اليومية فتصفها المريضة بالثقيلة كونها تحس بثقل كبير في أعضاء جسمها يعيقها عن الحركة من السرير عند النهوض صباحا ولا تتحسن حالتها إلا بعد تناول أدويتها.. من جهتها تشرح لنا الدكتورة لوعيش ليندة طبيبة عامة متدرجة في اختصاص طب المفاصل كلية الجزائر أن الرثية مرض يصيب إلى جانب المفاصل والعظام الأعضاء النبيلة للجسم مثل الكلى بنسبة مرتفعة وكذا العينين والجلد والقلب بوصفه مرضا نظاميا يصيب المفاصل، العظام ثم بقية أعضاء الجسم إلى غاية إصابة المريض بالإعاقة التامة 100 بالمئة. وتبقى أسباب الإصابة بالرثية غير معروفة، وإنما هناك عوامل جينية في جسم الفرد تجعله يصاب بهذا الداء فور التعرض لمسبباته مثل القلق، الاكتئاب الأزمات العاطفية والنفسية القوية وحتى البرد الشديد. جدير بالإشارة أن الرابطة الجزائرية للرثية قد نظمت الأحد المنصرم بفندق الأوراسي يوما دراسيا إحياء لليوم العالمي للرثية بهدف تحسيس الجهات المعنية والتعريف بالمرض، إضافة إلى جمع الأطباء ذوي الاختصاص للاطلاع على أهم التطورات الحاصلة في ميدان التكفل بالمرضى المصابين، وفي السياق رفعت الرابطة شعار "فكر ايجابيا" وتشرح البروفسور لعجوز بقولها إن الرثية ليست قضاء محتما وإنما مرض العلاج منه مربوط بالأمل وبالرغبة في الشفاء.