كشف السفير الصحراوي بالجزائر إبراهيم غالي عن اعتراض غير معلن من قبل السلطات المغربية على تعيين الدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس مبعوثا شخصيا للأمين العام الأممي خلفا للهولندي بيتر فان فالسوم. وقال السفير الصحراوي لدى استضافته في حصة "نقاط على الحروف" التي بثتها إذاعة الجزائر الدولية مساء أول أمس أنه لم يتم ترسيم تعيين روس بعد بسبب تعنت الطرف المغربي الذي لم يقدم موافقته الرسمية إلى غاية الآن على تولي الدبلوماسي الأمريكي مهمة الوساطة الدولية في تسوية النزاع الصحراوي . وكان رفض مجلس الأمن الدولي تجديد عهدة بيتر فان فالسوم الذي خلع قبعة الوسيط الدولي بعد إدلائه بتصريحات غير منطقية اعتبر خلالها استقلال الصحراء الغربية ب"الأمر غير الواقعي" قد شكل ضربة في وجه الرباط التي كانت تراهن على الدبلوماسي الهولندي في تمرير مخططها للحكم الذاتي. وكانت تقارير إعلامية أثارت حقائق حول علاقة الدبلوماسي الهولندي بسلطات الرباط إلى درجة كشف تورط فالسوم في صفقات خفية مقابل اتخاذه لموقف منحاز إلى الطروحات المغربية الزاعمة بمغربية الصحراء الغربية. وأكد إبراهيم غالي أن استغناء المنظمة الأممية عن فالسوم كوسيط دولي في تسوية القضية الصحراوية دليل واضح على فشل مخطط الحكم الذاتي الذي تحاول الرباط فرضه على الشعب الصحراوي من خلالها مساعيها لإيهام الرأي العام العالمي بمغربية الصحراء الغربية. وهو ما جعل السفير الصحراوي يؤكد أن عدم موافقة الطرف المغربي على المبعوث الجديد يشكل تماطلا واضحا من قبل المغرب يسعى من ورائه إلى ابتزاز الأممالمتحدة لفرض شروطه. والمؤكد أن اعتراض المغرب وان لم يكن علنا عن تعيين دبلوماسي أمريكي خلفا للهولندي بيتر فان فالسوم ليس نابعا من العدم. وتتذكر السلطات المغربية كاتب الدولة الأمريكية الأسبق جيمس بيكر عندما عين وسيطا دوليا في تسوية القضية الصحراوية وأخلط حسابات الرباط بعدما أقر بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وضمن مخططه لتسوية النزاع المعروف بمخطط بيكر ضرورة تنظيم استفتاء حر ونزيه في الصحراء الغربية لإنهاء النزاع وفقا للشرعية الدولية. وتأكدت برودة العلاقة بين الرباط وواشنطن بعدما فضل العاهل المغربي الملك محمد السادس مغادرة الرباط والتوجه إلى وجدة خلال زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس الأخيرة إلى العاصمة المغربية في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات الأمريكية المغربية وكان ذلك بمثابة مؤشر على وجود خلافات بين الطرفين بخصوص تسوية النزاع الصحراوي. وهو ما جعل المسؤول الصحراوي يعبر عن آماله في أن يساهم تعيين الدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس مبعوثا شخصيا جديدا للأمين العام الأممي في الصحراء الغربية في إعطاء دفع لمسار المفاوضات بين طرفي النزاع الصحراوي جبهة البوليزاريو والمغرب. وقال ابراهيم غالي أن الصحراويين يأملون في أن يتشبت المبعوث الشخصي الجديد بالموضوعية وأن يتخذ موقفا متزنا هدفه الأساسي تطبيق الشرعية الدولية لتسوية نزاع عمر طويلا وتسبب في تشريد شعب بأكمله وحرمانه من حقوقه المشروعة في الحرية والإستقلال. ووصلت المفاوضات المباشرة التي باشرتها جبهة البوليزاريو والمغرب منذ أزيد من عام في منتجع منهاست الأمريكي تحت إشراف أممي إلى طريق مسدود بسبب الموقف المغربي المتعنت والمتمسك باعتماد مخطط الحكم الذاتي كقاعدة وحيدة للتفاوض في خرق واضح لمضمون اللائحة الأممية 1754 الصادرة نهاية افريل 2007 والتي دعت طرفي النزاع الصحراوي للدخول في مفاوضات مباشرة من دون شروط مسبقة تضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وفي هذا السياق حمل السفير الصحراوي بالجزائرالأممالمتحدة مسؤولية الجمود الذي يعرفه مسار المفاوضات في تسوية النزاع الصحراوي واتهمها بعدم القيام بجهود معتبرة من أجل الخروج من هذا الوضع الراهن. وفي الأخير جدد إبراهيم غالي التأكيد على أن خيار الحرب والعودة إلى الكفاح المسلح يبقى قائما إذا أصر المغرب على التمسك بمواقفه المتعنتة بشأن تسوية النزاع في الصحراء الغربية الذي دخل عقده الرابع من دون وجود مؤشرات لتسويته وفقا للشرعية الدولية في المستقبل القريب. وذكر إبراهيم غالي في هذا السياق بإعلان جبهة البوليزاريو الصادر سنة 1973 والذي يبقى على الكفاح المسلح كسبيل وحيد لتمكين الصحراويين من تقرير مصيرهم في حال باءت كل المساعي السلمية بالفشل.