نفى الناطق الرسمي لمنظمة معاهدة الحلف الأطلسي ديلان وايت، في تصريح ل«المساء» أمس، أن تكون هناك نية للتدخل العسكري في ليبيا ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، مثلما تذهب إليه بعض التحاليل السياسية من منطلق أن المادة الرابعة لإعلان اجتماع وارسو تعارض ذلك. السيد ديلان الذي نوه في السياق بمواقف الجزائر الصائبة تجاه الأزمة الليبية لاسيما فيما يتعلق بتشجيع الحوار بين فرقاء هذا البلد، أقر بخطأ «الناتو» في التدخل في هذا البلد لأول مرة لإسقاط نظام القذافي، كون الحلف لم يضع في حسبانه إفرازات ما بعد التدخل خاصة على المستوى الأمني وما تمخض عنه من تهديدات خطيرة في منطقة الساحل. تصريح ديلان جاء بمناسبة زيارة صحافيين وأكاديميين جزائريين إلى مقر المنظمة بدعوة من هذه الأخيرة في إطار علاقات التعاون التي تربطها مع الجزائر. في رده على سؤال آخر لنا، أيد الناطق الرسمي وصف أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي تدخل «الناتو» في ليبيا بالخطأ الاستراتيجي، مقرا بأن المنظمة أخذت العبرة واستخلصت الدروس بخصوص أهمية تسيير الأزمات وفق رؤية شاملة وغير متسرعة من خلال الأخذ بمشورة كافة الأعضاء والشركاء، رغم أن قرار التدخل العسكري كان باتفاق الدول المؤلفة للحلف التي حصلت على تفويض أممي. وأوضح أن الناتو سيظل يسجل الموقف المتوازن للدبلوماسية الجزائرية وبأن الجزائر التي نبهت منذ البداية إلى خطورة تداعيات التدخل العسكري في هذا البلد كانت على حق. كما أشار من جهة أخرى إلى أن تدخل الناتو مستقبلا لن يكون إلا بطلب من السلطات الليبية نفسها والذي سيتمحور بالخصوص فى تعزيز القدرات الدفاعية والمؤسسات الليبية. الناطق الرسمي للناتو قال إنه سبق للحلف أن أبدى نيته في مساعدة الليبيين خلال فترة حكومة علي زيدان غير أن تدهور الوضع الأمني في هذا البلد حال دون ذلك، واعدا بتقديم المنظمة كافة الدعم لهذا البلد عندما يشعر الليبيون حقا بأن أوضاعهم تحسنت إلى الأفضل. في إجابته على سؤال «المساء» حول التعاون الأمني بين الجزائر والناتو، وصف ديلان بلادنا بالشريك النشيط في منطقة المتوسط، مشيرا إلى أن الحوار السياسي بين الجانبين شهد تطورا ملحوظا بين الهيئات الجزائرية والناتو، علاوة على الزيارات المتبادلة للمسؤولين على أعلى مستوى يمثلون عدة وزارات في الجزائر مثل الدفاع، الداخلية والخارجية، التي تتم بين السفراء .الناطق الرسمي أقر بوجود برنامج ثنائي مميز لتطوير علاقات الشراكة لاسيما على المستوى العسكري ومحاربة الإرهاب من خلال تكوين خبراء وتنظيم دورات تدريبية .أما على المستوى المدني، فيتركز التعاون يضيف محدثنا على تنسيق التعاون في مجال تسيير الأزمات والكوارث الطبيعية، فضلا عن مجالات أخرى كتعزيز الأمن الطاقوي وحماية البيئة. محدثنا أبرز من جهة أخرى المساهمة الفعلية للجزائر في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة بفضل قيادتها بنجاح لوساطات دولية كما هو الشأن في أزمة مالي ومرافقتها للجهود الأممية الرامية إلى تسوية الأزمة الليبية وكذا مشاركتها في مكافحة الإرهاب الدولي. يذكر أن الجزائر انضمت في مارس 2000 إلى الحوار المتوسطي لحلف شمال الأطلسي في سياق إرساء أسس الأمن الجماعي الإقليمي والقائمة على وحدة الأمن في المتوسط، وهي المقاربة التي لطالما دافعت عنها الجزائر منذ ندوة هلسينكي حول الأمن والتعاون في أوروبا التي عقدت في 1975 (منظمة الأمن والتعاون في أوروبا حاليا).