فككت مصالح الدرك الوطني بالعاصمة شبكة خطيرة كانت تهرب الآثار نحو الخارج، حيث أوقفت 11 متورطا وحجزت كمية كبيرة من القطع الأثرية النادرة كانت بحوزة الشبكة التي كانت تحضر لتهريبها. بالإضافة إلى حجز أربع سيارات كانت تستعمل في تهريب هذه الممنوعات التي ظلت تسوقها بمبالغ مالية جد باهظة نظرا لقيمتها التي تحظى بإقبال كبير في الأسواق الأجنبية من قبل الطبقة البورجوازية. وتمكنت عناصر فصيلة الأبحاث التابعة للمجموعة الإقليمية للدرك الوطني بالجزائر من كشف خيوط هذه العصابة بناء على معلومات وردت إليها تفيد بوجود شبكة وطنية تنشط على محور الجزائر العاصمة جلفة وبجاية تختص في المتاجرة غير الشرعية بالقطع الأثرية النادرة وتهريبها نحو الخارج. وأكدت مصالح الدرك الوطني أمس أن فصيلة أبحاثها استغلت هذه المعلومات وترصدت العصابة إلى غاية الإطاحة بها، حيث أوقفت 11 شخصا تتراوح أعمارهم بين 28 و 40 سنة من بينهم مسبوقون قضائيا. كما تم خلال هذه العملية حجز عدة قطع معدنية ونقدية أثرية مختلفة الأحجام والأشكال وقرنين من العاج، بالإضافة إلى مادة الزئبق التي تروج على أنها زئبق أحمر ورمادي، وكذا آلة كشف المعادن، مع 4 سيارات كانت تستعملها الشبكة في نقل وتهريب القطع الأثرية عبر مختلف المحاور أهمها الجزائر العاصمة، الجلفة وبجاية. وذكرت فصيلة الأبحاث أنها قدمت الموقوفين بعد انتهاء التحقيق معهم أمس أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة الشراقة بالعاصمة الذي أمر بإيداعهم الحبس المؤقت في انتظار محاكمتهم بتهم تكوين جمعية أشرار، المتاجرة وحيازة ممتلكات أثرية وحيازة وتهريب سلع أجنبية ممنوعة. وعرفت ظاهرة تهريب الآثار وتطور آلياته اللوجيستيكية استفحالا في السنوات الأخيرة، وهو ما بات يكلف الجزائر سنويا ما يعادل 6 مليار دولار كخسائر مادية ناجمة عن تهريب الآثار والتحف. وذكرت مصادر أمنية أن نشاط المهربين تطور لدرجة أن تهريب الآثار أصبح يصنف في المرتبة الثالثة بعد تجارة الأسلحة والمخدرات، وذلك بعدما بات يعتمد بشكل كبير على المعلوماتية من خلال استحداث مواقع متخصصة لبيع التحف المسروقة بمبالغ باهظة وبالعملة الصعبة. كما أن قيمة المسروقات ارتفعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة بسبب تنامي نشاط الجماعات المتطرفة في سوريا والعراق بسبب حالة اللاستقرار الأمني والاعتداء على المتاحف والمواقع الأثرية، حيث حولت هذا التراث الإنساني إلى أحد أهم مواردها المالية. وتجدر الإشارة إلى أن قيمة حفريات بسيطة جدا تعادل 150 أورو في السوق السوداء التي تعد إيطاليا وألمانيا وتونس أكثر الدول تداولا فيها، إذا علمنا أن أغلب المهربين بالجزائر يهربون هذه الآثار عبر الشريط الحدودي إلى تونس لتقوم شبكات دولية هناك ببيعها إلى عصابات في إيطاليا. حيث تبقى المدن الشرقية الأكثر تسجيلا لهذا النشاط غير الشرعي خاصة تبسة، قسنطينة وسوق أهراس لغناها بالثروات الأثرية. ويشتكي المختصون في مجال محاربة هذه الظاهرة من وجود ثغرات في القانون 48 04 المؤرخ في جوان 1998 المتعلق بحماية التراث الثقافي بسبب تناقض بعض مواده مع مواد قانون الإجراءات الجزائية الجديد، خصوصا ما تعلق بالحق في نقل التحف والمتاجرة بها، وإجراءات التحفظ ومدة الإيداع قيد التحقيق. وكلها ثغرات قانونية تعيق نشاط أعوان الأمن وتعقد مهامهم خصوصا ما تعلق بالتعامل مع الأجانب المتورطين في هذه الجرائم.