أكّدت مفوضية الاتحاد الإفريقي في تقريرها حول النشاطات الثقافية أنّ إفريقيا تمتلك فرص إعطاء دفع لتنميتها الثقافية في إطار حركية تبادل مثمر مع القارات الأخرى، وأوضح التقرير الذي تمّ تقديمه أوّل أمس، خلال أشغال لجنة الخبراء تمهيدا للندوة الثانية لوزراء الثقافة لدول الاتحاد المقررة يومي 22 و23 أكتوبر بالجزائر أنّ إفريقيا "تمتلك فرص إعطاء دفع للتنمية الثقافية شريطة أن تستلم من القارات الأخرى المساعدات المنتظرة في إطار حركية مبادلات مثمرة في سياق عولمة مفيدة للجميع"، وأكّد التقرير أنّ "النهضة الإفريقية تتطلب نهضة ثقافية". وبعد أن قدّم حصيلة النشاطات الثقافية التي تمت مباشرتها من جانفي إلى أكتوبر 2008 ذكر التقرير بالنقائص الكبيرة التي يتمّ تسجيلها في المجال الرقمي من نقص في العمال بالقسم الثقافي للاتحاد الإفريقي، وبخصوص أهمّ النشاطات الواجب إنجازها في الأشهر المقبلة أعلنت الوثيقة عن اجتماع خبراء الاتحاد الإفريقي التي ستحضر للندوة الكبرى حول الممتلكات الثقافية المقرّرة للسنة المقبلة، وأضاف أنّ "هذا الاجتماع يأتي عقب ندوة لشبونة التي سطّرت إطار التعاون بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والتي فتحت المجال أمام تمويل هام للممتلكات الثقافية الإفريقية"، ومن المنتظر عقد الدورة الثانية من المؤتمر الثقافي الإفريقي في غضون سنة 2009 بعد الدورة الأولى التي نظمت سنة 2006 بأديس أبابا (اثيوبيا). ومن جانبه أكّد البيرك ايكو مدير المركز الإفريقي للآفاق الاجتماعية أنّ إفريقيا بحاجة إلى نهضة ثقافية لإثبات وجودها ضمن المجموعة الدولية في ظل العولمة، وقال الأستاذ على هامش اجتماع خبراء الثقافة الأفارقة أنّه "لا يمكن الاعتماد على وضع برامج ثقافية دون تقييم لما تم انجازه مقارنة بالأهداف المسطّرة". ويرى المختص البنيني أنّ "إفريقيا تتوفر منذ ندوة جزر موريس التي نظّمته منظمة الوحدة الإفريقية في سنة 1972 على ميثاق ثقافي، والمطلوب منها اليوم هو تقييم ما تمّ تحقيقه بعد 36 سنة من تبني هذا الميثاق، مشدّدا على ضرورة تحديد الأهداف لتحديات القرن ال21 من أجل نهضة ثقافية افريقية"، وحيا الأستاذ البنيني اختيار الجزائر للطبعة الثانية للمهرجان الثقافي الإفريقي المزمع تنظيمه بين 5 و20 جويلية 2009، وهو التاريخ الذي يصادف الاحتفال بالذكرى 57 لاستقلال الجزائر. أمّا مديرة المركز الدولي للحضارات المتواجد بالغابون السيدة ايلان ماتي بوفتري فأكّدت من جهتها بأنّ مشاكل القارة في جميع القطاعات تكمن في وضع توصيات دون تقييمها أوالسهر على تطبيقها على أرضية الواقع، وفيما يتعلّق بالطبعة الثانية للمهرجان الثقافي الذي ستحتضنه الجزائر أكّدت نفس المتحدثة أنّ "الدول الإفريقية تتحرّك ببطء والقارة شاسعة من ناحية المساحة وعدد الدول وربّما هذا يجعل من الصعب جدا أن يكون الجميع في الموعد، مقترحة تحديد الهيئات أوالأشخاص الذين يجب التعامل معهم لنجاح هذه التظاهرة الإفريقية". أمّا السيد حسام ناصر مستشار لدى وزير الثقافة المصري فيرى أنّه يجب على الدول الإفريقية أن تعمل على التخلّص من النظرة الثقافية الأحادية التي ينظر بها الغرب إلى القارة والمحصورة في الموسيقى والرقص، واصفا إفريقيا بمهد الحضارة الإنسانية معتبرا أنّ ثقافات شعوب القارة السمراء ضاربة في عمق التاريخ ويجب إعادة بعثها في ظل العولمة لمنافسة شعوب القارات الأخرى. وقال المستشار المصري للثقافة في نفس السياق أنّه يجب وضع الثقافات الإفريقية في قالب عصري قادر على الإبداع والاختراع والتخلّص من عقدة الاستعمار، وهي - كما أضاف - مهمة المجتمع المدني الذي يجب أن يعتمد على الثقافة "كقاطرة" للتنمية الاجتماعية والاقتصادية"، وبالنسبة لدور الدول العربية الواقعة بالقارة الإفريقية يرى نفس المتحدث بأنّها لعبت دورا هاما في التاريخ واستطاعت المزج بين الحضارة الإسلامية واليهودية في إفريقيا وكانت (هذه الدول) -حسب المستشار المصري - قدوة لحركات التحرّر الإفريقية ويمكن أن تلعب دورا هاما في القرن ال21. ومن جهة أخرى، أكّد الشيخ نقايدو با الأمين العام لاتحادية السينما الإفريقية أنّ تقسيم القارة إلى خمس مناطق جهوية مهم جدا من أجل تسيير أفضل وأن اختيار الجزائر لاحتضان الدورة الثانية للمهرجان مبادرة حسنة اتخذها الاتحاد الإفريقي. ويرى المدير التنفيذي لمرصد السياسات الثقافية بإفريقيا السيد نبوبينبا لوبويشي "أنّ تقدّم القارة ثقافيا يجب أن يعتمد على وضع رؤية واضحة للأهداف المسطّرة وتحديد الوسائل المادية والبشرية ودراسة جدية للمحيط الذي تنظم فيه النشاطات الثقافية"، وحسب المتحدث نفسه فإنّ المرصد الإفريقي للثقافة عليه أن يحدّد سياسة ثقافية وينسّق الجهود ويجند الطاقات ويبحث عن شراكة داخلية وخارج القارة.