أكّدت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي أمس أنّ الجزائر برهنت منذ الاستقلال على أهمية بعدها الافريقي من خلال تكريس هذا البعد ضمن أركان هويتها الوطنية وما فتئت تعمل على تجسيده من خلال برامج وإنجازات مختلفة تعمل كلّها على تعزيز جسور التواصل مع شتى الشعوب والدول الافريقية. تومي أشارت خلال افتتاح أمس أشغال الاجتماع الثاني لوزراء ثقافة الدول الأعضاء في الاتحاد الافريقي إلى أنّ الجزائر كانت السباقة للمبادرة في تعزيز العمل الإفريقي المشترك لا سيما من خلال مبادرة النيباد التي شارك في رعايتها ودعمها وناضل من أجلها رئيس الجمهورية، موضّحة أنّ "بيان الجزائر للثقافة الإفريقية" الذي أعقب تنظيم المهرجان الثقافي الأوّل في الجزائر عام 1969 يبقى مرجعية أساسية للعمل الثقافي الإفريقي المشترك. واستأنفت المسؤولة الأولى عن الثقافة في الجزائر كلمتها بالوقوف عند مشروع المتحف الإفريقي الكبير الذي عهدت القمة مسؤولية وشرف احتضانه للجزائر، وقال بشأنه أنه "يعتبر أحد أهم المشاريع الثقافية الهيكلية التي تساهم لا محالة في حفظ وترميم وتثمين الذاكرة الثقافية الافريقية، وهو ما التزمت به الجزائر وستسهر على انجازه وتحقيقه على أرض الواقع حتى يكون البوابة الثقافية الأجمل والأبهى التي يطلّ منها العالم على إفريقيا" . وعن الاجتماع الثاني لوزراء ثقافة الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي أوضحت الوزيرة أنّه يحمل الكثير من المواضيع الهامة والاستراتيجية خاصة ما تعلّق بترقية الصناعات الثقافية في ظلّ التحديات التي تفرضها عواصف العولمة، وكذا الشراكة الإفريقية الأوروبية حول الممتلكات الثقافية التي يتعين دراستها من منظور نظام دولي جديد يكفل المساواة ويضمن العدل بين الشمال والجنوب، إضافة إلى موضوع تفعيل وتطوير الانتاج السينمائي الإفريقي وفق مقرّرات قمة مابوتو، مع الوقوف على أداء وعمل المؤسّسات الثقافية الإفريقية بهدف تفعيلها. ومن جانبه ركّز السيد عبد القادر مساهل الوزير المنتدب المكلّف بالشؤون المغاربية والافريقية على أنّ اجتماع الجزائر الذي يلي اجتماع نيروبي عام 2005 سيعطي دفعة جديدة للنهضة الثقافية الافريقية و"هي المهمة التي تولاها الاتحاد الافريقي ويطمح لها كلّ إنسان إفريقي"، مؤكّدا في هذا الصدد أنّ الثقافة باتت في صميم اهتمامات الحكومات الافريقية والمجتمع المدني معا. واعتبر أنّ هذا اللقاء الذي يجمع وزراء ثقافة دول الاتحاد الافريقي يحمل رسالة ورمزا يترجمان تمسّك إفريقيا القوي والموصول بتثمين ثقافتها باعتبارها الحاملة لهويتها والعامل لتنميتها، مضيفا في هذا السياق أنّ رؤساء الدول والحكومات الإفريقية وعيا منهم بدور الثقافة في تحريك التنمية والتعبير عن الهوية الإفريقية المتعدّدة، قرّروا إدراج الثقافة في برنامج المبادرة الجديدة للشراكة لتنمية إفريقيا "النيباد" كأحد القطاعات ذات الأولوية للتنمية المستديمة في إفريقيا، وأشار إلى اعتماد ميثاق النهضة الثقافية الإفريقية في يناير 2006 . وعن اقتراح الجزائر احتضان المهرجان الثقافي الافريقي للمرة الثانية، أكّد السيد مساهل أنّ الجزائر أرادت بذلك التأكيد على الأهمية التي يوليها رئيس الجمهورية للثقافة كعامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية من جهة، وعلى ثبات موقف الجزائر في سبيل التقارب بين الشعوب الافريقية وسعيها للعمل جماعيا لتجعل من "التنوّع الثقافي في القارة عامل سلام وحوار، صداقة وتضامن، إثراء مشترك، استقرار واندماج" . وختم الوزير المنتدب المكلّف بالشؤون المغاربية والافريقية كلمته بالتأكيد على أنّ إفريقيا باعتبارها مهد الحضارات الكبرى تساهم مساهمة هامة في تصالح العبقرية الانسانية مع ذاتها وسعيها لتعيد للثقافة ماهيتها الحقيقية كعامل تقارب، واحترام متبادل وحوار بنّاء من أجل المصلحة المشتركة للإنسانية وذلك في ظرف دولي تطبعه نيات تسعى لتسويق فكرة الطبيعة الحتمية لصراع الحضارات. من جانبها تحدّثت السيدة بيناس غواناس محافظة لجنة الشؤون الاجتماعية والثقافية بالاتحاد الإفريقي، عن المسار التاريخي لاجتماعات وزراء الثقافة لدول الاتحاد الإفريقي مذكّرة باجتماع نيروبي 2005 والدورة الأولى للمنتدى الإفريقي للثقافة الذي عقد بأديس أبابا في نوفمبر 2006، لتعرّج على المائدة المستديرة التي عقدت يوم الجمعة الفارط حول الهيئات الثقافية في إفريقيا وذلك في إطار التحضير للمهرجان الإفريقي الثاني المزمع عقده في جويلية 2009 بالجزائر. وأبرزت السيدة كفاناس أهمية "التعاون بين الهيئات والمجتمع المدني لا سيما المنظمات غير الحكومية التي ستشارك في المهرجان، وقالت أنّ تعزيز هذا التعاون من شأنه أن يعيد بعث الثقافة الإفريقية داعية إلى "المصادقة على إستراتيجية لإعادة بعث الهيئات الثقافية والإبداع في إفريقيا". للإشارة فإنّ الاجتماع الثاني لوزراء ثقافة دول الاتحاد الإفريقي الذي يحتضن أشغاله فندق الهيلتون أمس واليوم يهدف إلى تقييم نتائج الاجتماع الأول لوزراء الثقافة الأفارقة الذي عقد في ديسمبر 2005 بالعاصمة الكينية نيروبي، وكذا وتوصيات الدورة الأولى للمنتدى الأفريقي للثقافة الذي عقد بأديس أبابا في نوفمبر 2006، وبحث سبل النهوض بقطاع الثقافة في أفريقيا، إلى جانب تشجيع الشراكة بين المؤسسات الثقافية الإقليمية والإفريقية والدول أعضاء الاتحاد الإفريقي.