يتحدث نائب بطل إفريقيا والعرب سابقا في رمي القرص والمطرقة ياسين لوعيل في هذا الحوار الذي أجريناه معه، بكثير من الحسرة عن الوضع الصعب الذي آلت إليه ألعاب القوى الجزائرية، لكنه لم يفقد الأمل في رؤية هذه الرياضة تعود بقوة في كل اختصاصاتها. ومعلوم أن لوعيل الذي درب المنتخب الوطني وخاض تجربة طويلة في مجال التدريب بقطر، حامل لشهادة مستشار رياضي، وهو الآن يستعد للمشاركة في الجمعية الانتخابية لألعاب القوى التي ينوي ترؤّس هيئتها الفيدرالية. - المساء: ما هي الدوافع التي جعلتك تستعد لدخول معركة انتخابات اتحادية ألعاب القوى؟ ياسين لوعيل: سأتقدم للمرة الثانية إلى هذه الانتخابات، فقد فشلت في الجمعية الانتخابية للعهدة الفارطة، التي انهزمت فيها بأصوات قليلة أمام الرئيس السابق للهيئة الفيدرالية عمار بوراس. بطبيعة الحال أنا ابن رياضة ألعاب القوى، وفكرت في الترشح لرغبتي الصادقة في إنقاذها من الزوال من خلال تصحيح أوضاعها المزرية، إذ لم نعد نطيق مشاهدتها على هذه الحالة. أنا لا أقيس هذه الوضعية فقط على المشاركة الضعيفة لألعاب القوى الجزائرية في دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة بالبرازيل، بل أقيسها على تراجع مستوى الفرع طيلة العهدة التي انتهت؛ لأن الرئيس وأعضاء مكتبه الفيدرالي فشلوا في مهمتهم. وبسبب كل ما أشرت إليه فقد اتخذت كل احتياطاتي، ولن أكون، إن شاء الله، ضحية الممارسات الدنيئة التي تسببت في فشلي خلال العملية الانتخابية السابقة للفيدرالية. ❊ لو تعطينا أمثلة عن الفشل الذي تتحدثون عنه؟ ❊❊ أولا الاتحادية التي انتهت عهدتها مؤخرا، لم تكلف نفسها تنظيم منافسة دولية في الجزائر. وتُعد هذه الحالة استثنائية مقارنة بالمنافسات الدولية التي احتضنتها بلادنا في سنوات الألفينيات وقبل ذلك أيضا. مسؤولو الاتحادية لم يُظهروا أي حيرة من الوضعية الصعبة التي آلت إليها رياضة ألعاب القوى الجزائرية. انظروا إلى الحالة المزرية التي يتواجد فيها ميدان ألعاب القوى بالمركّب الرياضي محمد بوضياف، فبمضمار السباقات تآكلت مادة الممحاة التي تغطّيه، في حين أن قاعة تقوية العضلات لم تعد تصلح لأي تدريبات بسبب غياب العتاد فيها. ❊لكن هل تبنون انتقاداتكم فقط على غياب النتائج ووسائل العمل؟ ❊❊ برنامج عمل الاتحادية يجب أن يتم تسطيره على المديين القصير والبعيد ووفق استراتيجية واضحة المعالم، لكن الهيئة الفيدرالية التي سيّرها عمار بوراس افتقدت إلى كثير من الأشياء الهامة؛ فمثلا لم تقم بتنظيم أي منافسة دولية هنا في الجزائر لكي يكسب رياضيونا التجربة ويتعودوا على المستوى العالي. لقد ذكرت فقط جانبا من سلبيات الفرع، فما بالك بالسلبيات الأخرى لعدم اهتمامها بالمنافسات ذات الطابع التقني، مثل القفز العالي والطويل ورمي الجلة والمطرقة وسباق السرعة. لقد كنا في السابق أقوياء في هذه الاختصاصات، فبرزنا فيها على المستوى الدولي؛ فلماذا إذن اختفت هذه الاختصاصات؟ ولماذا لم تبحث الاتحادية السابقة على إمكانية بعثها من جديد؟ إنها تساؤلات لم نجد لها أجوبة لدى المسؤولين عن فرع ألعاب القوى في الجزائر. ❊ كيف تنظرون الآن إلى الجمعية الانتخابية للفرع؟ هل أنتم متفائلون بنزاهة أشغالها أم تخشون وقوع أمور غير عادية؟ ❊❊ هذا السؤال يتعين طرحه على مسؤولي وزارة الشباب والرياضة، الذين يرجع لهم الدور الأساس في فرض نزاهة وحسن تسيير الانتخابات؛ لأن هناك فعلا أمورا كثيرة يجب إعادة النظر فيها. ❊ وما هي؟ ❊❊ أولا يجب إعادة النظر في القانون الرياضي 405 / 05، لا سيما في شقه المتعلق بالاتحاديات الفيدرالية الرياضية. الوزير السابق للقطاع محمد تهمي كان قبل تنحيته، بصدد إحداث تغييرات في القانون الداخلي للاتحاديات الرياضية، وفعلا ضبط الوسائل القانونية التي تناسب هذه التغييرات، لكن للأسف الشديد، لم تر النور بسبب ذهاب الوزير محمد تهمي. أما الجانب الثاني الذي يجب أن تعيد السلطات العمومية المكلفة بالقطاع الرياضي النظر فيه، فهو ذلك المتعلق بالخبراء الرياضيين، الذين تم إلغاء مشاركتهم في العمليات الانتخابية، وهذا يُعد في نظري وفي نظر كثير من أوساط الفرع. لقد كانت نسبة حضور هؤلاء الخبراء في الجمعية العامة لبعض الاتحاديات، تصل إلى عشرة في المائة، وفي اتحاديات أخرى إلى ثلاثين في المائة، وكان بوسع أي واحد من هؤلاء الخبراء أن يصبح رئيسا للاتحادية. الخبراء الرياضيون يتشكلون عادة من رياضيين قدامى، وحبذا لو تقرر الوصاية إشراكهم من جديد في الجمعيات الانتخابية القادمة. وأتمنى لو يشارك في الجمعية الانتخابية لألعاب القوى الرياضيون القدامى في شكل خبراء، مثل رحو بوعلام وحكيم تومي ومحمد بن سعد وعثمان بلفع؛ لأن لديهم الخبرة الكافية لمساعدة الفرع على الخروج من وضعيته الصعبة، فحضورهم داخل الاتحادية يشكل توازنا حقيقيا. كما أتمنى أن تسمح الانتخابات القادمة للرئيس المنتخب بأن يقوم باختيار أعضاء مكتبه بنفسه عوض أن يكون المكتب الفيدرالي مشكّلا من أشخاص تختارهم الجمعية العامة. ❊ تترشحون للمرة الثانية على التوالي لرئاسة الاتحادية، هل استخلصتم الدرس من فشلكم في انتخابات العهدة السابقة؟ ❊❊ لقد كنت ساذجا أثناء مشاركتي في العملية الانتخابية السابقة من كثرة صراحتي وثقتي العمياء في عدالة الصندوق، وفي بعض الأشخاص وحتى في نزاهة بعض موظفي وزارة الشباب والرياضة الذين أمتنع عن ذكر أسمائهم، فهم لم يعودوا موظفين لدى الوصاية بعد أن وقعت ضحية ممارساتهم، حيث سعوا بكل ما لديهم من جهد لكي لا أصبح رئيسا لاتحادية ألعاب القوى بالرغم من أنهم كانوا مكلفين بالحفاظ على نزاهة الانتخابات، بل إن بعض الأطراف كانت النتيجة النهائية للعملية الانتخابية تهمهم كثيرا، دفعت الأموال لكي يفوز مرشحها. تلك هي الحقائق التي اكتشفتها في أعقاب انتهاء الجمعية العامة الانتخابية للفرع. لكني اليوم أعي كثيرا من الأمور المتعلقة بالعملية الانتخابية. وقد ترشحت من أجل إنقاذ ألعاب القوى الجزائرية من الزوال. ❊ لا شك أنكم تعرفون أن الاتحادية السابقة مثقلة بالديون، كيف ستتعاملون مع هذه التركة المالية في حالة انتخابكم رئيسا للاتحادية؟ ❊❊ أعرف جيدا الكيفية التي سيرت بها الاتحادية السابقة الفرع في الجانب المالي، والديون التي لم يتم تسويتها وهي ثقيلة جدا. وأدرك أن هذه الديون قد تعيد عمل الاتحادية القادمة. لكن في حال انتخابي على رأس الهيئة الفيدرالية سأطالب وزارة الشباب والرياضة بمسح هذه الديون، التي أعتبرها عائقا حقيقيا في مهمتي الجديدة.