أكد الفنان التشكيلي دكمان لمين عمور إدريس، أن من يقوم بترتيب كل ما يتعلق بمعارضه، هو من يدعو الصحافة ويقف على كل التفاصيل حتى تعليق اللوحات، مضيفا أنه أول من نظم صالون الخريف بقصر الثقافة رفقة المديرة السابقة السيدة بوشنتوف قبل أن ينسحب في الطبعة الثانية؛ لأنه من غير المعقول العمل مجانا، وينتقل إلى الجارتين تونس والمغرب، فالأولى تضم 1236 رواقا والثانية 99. أما في الجزائر فالأروقة قليلة، مضيفا أن المشكل ليس فقط على مستوى الدولة، بل أيضا من أناس يشترون أعمالا ركيكة ومستنسخة، وفي مقدمتهم الأثرياء الجدد، ولا يقتنون أعمال الفنانين التي يسترزقون منها، ومن بينهم المتحدث الذي يعيش من فنه منذ سنة 1993. أشار الفنان إلى مشاركته السابقة في الصالونات الوطنية، لكنه توقف عن ذلك؛ لأنه، كما قال، «فضح المسؤولين عن هذه التظاهرات»، الذين لا يهتمون بجلب الجمهور للتعريف بأعمال الفنانين. ويضيف: «لماذا لا يحضّرون التلاميذ مثلا لهذه الفعاليات؟ ولو اشترت كل ولاية لوحة من هذا الصالون لأصبح لديها بعد سنوات، متحف خاص بها، خاصة أن اللوحات تُعد استثمارا، ليمثل بأعمال إسياخم التي وصلت قيمتها المالية إلى الملايير. بالمقابل قال الفنان إن هناك سوقا تشكيليا صغيرا أنشئ من قبل مثقفين من الطبقة المتوسطة، ولكن لم يعد بإمكانهم شراء الأعمال؛ نظرا للقدرة الشرائية الصعبة. متاحف جزائرية ترفضني وأجنبية تحتضنني بالمقابل تحسّر الفنان لرفض متحف «الماما» طلبه عرض أعماله به، رغم أنه سبق أن عرض أعماله بمتحف ألماني، علاوة على عرض أعمال في العديد من الأروقة بالخارج، مشيرا إلى أنه في الجزائر لا تشتري المتاحف أعمال الجزائريين. ودعا وزير الثقافة لتكوين مسيري الأروقة، ليتساءل مجددا: «لماذا يُدفع للمغنين والمسرحيين نظير أعمالهم، في حين يجبَر الفنان التشكيلي على العمل بالمجان؟». ويضيف: «يتطلب نقل اللوحات مبلغا كبيرا، ثم يجد الفنان نفسه أمام مشكلة ندرة بيع أعماله». كما أشار إلى أنه راسل أكثر من دار للثقافة كي يعرض أعماله فيها بدون أن يحصل على أي رد. وقال الفنان: «يتحدث الوزير عن إنشاء سوق للفن التشكيلي، أرد عليه بأن هذه الخطوة يجب أن تكون جماعية، ولهذا أطالب الوزير بتسيير أفضل للمنشآت التابعة لقطاعه». وفي سياق مرتبط حث الفنان على ضرورة الاهتمام بكل ما هو جديد في الفن التشكيلي، وعدم الاقتصار على الكلاسيكي منه، قال: «قيل لنا إننا شباب لم يحن الأوان كي نعمل بجد، واليوم يقال لنا إننا كبرنا ولم يعد لنا مكان، كيف هذا؟». ويضيف أنه ليس هناك ورشات يعمل فيها الفنان، ولا تشجيع من الدولة للفنانين في تزيين معالمها مثل ميناء الجزائر. معيشة صعبة لفنان تفرّغ لفنه وتأسف الفنان لظروف عيشه، حيث يعيش منذ أن تفرّغ للفن (أي منذ سنة 1993) بدون ضمان اجتماعي وتحت ضغط كبير؛ فمرة يبيع لوحات، ومرة أخرى يظل ستة أشهر بدون أن يبيع ولو لوحة واحدة. كما أنه أُجبر على ترك الشقة المستأجرة في العاصمة والانتقال إلى منطقة أخرى. ورغم ذلك قال الفنان إنه لا يتوقف عن العمل، كما لديه زبائن قدامى يشترون أعماله أحيانا. وحث الفنان على تحبيب الفن للأطفال واصطحابهم إلى المتاحف والأروقة، معبّرا في السياق نفسه، عن أسفه لعدم استغلال فضاءات ثقافية مثل المركز الثقافي مصطفى كاتب لهذا الغرض، وتحويله إلى متجر للحرف. وعن تفرغه للفن قال لمين إن لديه أربع شهادات، وإنه عمل موظفا لمدة طويلة، لكنه أقسم بالتخلي عن عمله الروتيني لسببين، الأول يتمثل في منحة التقاعد الضعيفة لوالده، والثاني لأنهم في الوظيفة لا يفرقون بين من يعمل جيدا ومن لا يعمل. أما عن عرض أعماله في الخارج فقال دكمان إن ذلك يتطلب تقديم طلب من وزارة الثقافة وكذا المرور عبر مركز للعبور، ليضيف أنه عرض بالمركز الثقافي الجزائري بفرنسا، وتفاجأ بعدم حضور الجمهور، بينما عرض في ألمانيا وتحصّل على مبلغ 3000 أورو، واشتروا منه ثلاث لوحات، ليؤكد على ضرورة التفتح على العالم، وهو ما حدث سنة 1999، حينما نظم عملية بيع بالمزاد، وقال: «نحن ندعو الفنانين للمشاركة في المعارض، وندفع لهم تذكرة السفر بينما عادة ما تشارك الدول في البينالي بدفع المستحقات». كما يجب أن يتمكن أي فضاء ثقافي من استضافة فنانين أجانب، ولم لا إطلاق أسماء لفنانين جزائريين على مؤسسات جزائرية.