اقترح السيد بوعبد الله غلام الله، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، إنشاء مجلسين توجيهيين وطنيين، يخصص أحدهما للقنوات التلفزيونية وثانيهما لقطاع التربية والتعليم قصد توجيه الخطاب الديني والحفاظ على المرجعية الدينية الجزائرية وحمايتها من مخاطر التيارات السلفية والفتاوى الأجنبية المستوردة التي تبث عبر الإعلام. أكد السيد غلام الله أن المرجعية الدينية والشخصية الوطنية أصبحت مهددة بفعل الفتاوى المختلفة التي تبث عبر القنوات الإعلامية التي تستضيف أئمة وحتى مرشدات دينيات للحديث عن أمور دينية. مضيفا أن هؤلاء الأئمة والمرشدات «مخلصون» غير أن عملهم بحاجة إلى توجيه حتى لا تخرج فتاواهم عن المرجعية الوطنية ولا تبعد الجزائري عن بعده الوطني. مقترحا إنشاء مجلس توجيهي وطني لضبط تدخلات هؤلاء وتوجيهها عبر وسائل الإعلام، تفاديا لتقديم معلومات مغلوطة ومستوردة لا تخدم الدين. وقال رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الذي نزل ضيفا أمس على منتدى جريدة «الشعب» أن الإعلام مطالب بتجنيد طاقته للتصدي لمحاولات المساس بمرجعيتنا الدينية، عن طريق تشجيع علمائنا وفتح منابر الإعلام أمامهم. داعيا القنوات التلفزيونية للتوجه إلى الأمام بدل الاكتفاء ببث مواضيع قد ترجعنا للوراء من خلال الاكتفاء ببث برامج «هابطة» حول تفسير الأحلام والعلاج الديني والسحر والشعوذة». معبرا عن أسفه للاهتمام بالبدع التي أدت للوقوع في الخلافات وفي الفلسفة الغربية القائمة على صراع الحضارات. وفي هذا السياق، ثمن المسؤول القرار الذي اتخذته سلطة ضبط قطاع السمعي البصري التي حددت جملة من القواعد التي يجب احترامها في تناول الشأن الديني في هذه القنوات. موضحا أن هذه السلطة يجب أن يكون لها دور أخلاقي لإزالة ما يجب إزالته وتقوية ما يجب تقويته لحماية مجتمعنا من الأفكار الشيعية والسلفية التي تغزو أبناءنا وتحاول غسل أدمغتهم عن طريق وسائل الاتصال الحديثة. كما رأى السيد غلام الله أهمية إقامة مجلس وطني توجيهي أخر يعنى بقطاع التربية لإنقاذ المدرسة من خلال توجيه البرامج الدينية التي تقدم في كل الأطوار التعليمية بكل موضوعية. وفي هذا السياق، ذكر السيد غلام الله بأن المجلس الإسلامي الأعلى يعمل حاليا بالتنسيق مع وزارة التربية لإعطاء رأيه في البرامج التي تعلم بالمدارس. مؤكدا أن الجزائر لن تسمح لأي أحد بأن يقدم معلومات وأفكار مستوردة من الخارج ويحاول فرضها بما يتناقض مع ما هو موجود ومعهود. وأضاف المتحدث أن المشكل حاليا لا يكمن في نقص المفتين بل في طريقة الإفتاء كون «الإفتاء الحالي لا يخدم المواطن ولا يحمي الشخصية الجزائرية»، وأن الجزائر اليوم بحاجة الى من يغذي فيها الروح لحماية الشخصية الوطنية والدفاع عنها. كما شدد المسؤول على ضرورة البحث عن وسائل أخرى لحماية المرجعية الدينية بطرق تتماشى مع الوقت الراهن للتصدي لما أسماه بالتيارات الجارفة المعدة من الخارج والرامية الى تفكيك المجتمع الإسلامي بتشجيع الفتن والاقتتال بين أبنائه. وعبر السيد غلام الله عن أمله في أن يتمكن مسجد الجزائر الأعظم عند استلامه من حماية المرجعية الدينية الوطنية من خلال دار القرآن المتواجدة به، والتي ستضم 300 باحث في كيفية إثراء الثقافة الإسلامية الوطنية بعدما ضاع البعد الروحي للبرامج الدينية المقدمة في الإعلام، وتم الابتعاد عن البعد الثقافي حتى بالجامعات التي أصبح الاهتمام فيها بكيفية نيل الشهادات فقط حتى ولو كان ذلك بالغش بدل الاهتمام بالعلم والثقافة – يقول المتحدث-. ويرى السيد غلام الله أن الأفكار المستوردة من مشايخ المشرق والفضائيات العربية باتت تهدد المرجعية الدينية الوطنية التي كانت قوية بفضل وحدة الجزائريين وتمسكهم بها منذ القدم بالرغم من اختلاف المذاهب التي كانوا ينتمون إليها من مذهب مالكي واباضي وحتى حنفي الذي ظهر بدخول العثمانيين إلى الجزائر. مضيفا أن أفكار بعض المذاهب كالمذهب الحنبلي الذي ينطلق منه الفكر السلفي لا يصلح للجزائر ولا يمكن فرضه عليها.