أكد السيد طيب لوح، وزير العدل حافظ الأختام، أن الإصلاحات التي يعرفها قطاع العدالة هي إصلاحات عميقة وجريئة لا مناص منها لضمان استقرار البلاد وتكريس دولة القانون. في إشارة منه إلى بعض الحقوقيين الذين انتقدوها. مضيفا أن هذه الإصلاحات كانت من مطالب الحقوقيين لمدة تجاوزت عشر سنين، وبالتالي فكان من الأجدر الاعتراف بها وتثمينها لأنها تخدم مصلحة الجزائر وتضمن حقوق وحريات المواطن التي يكرسها الدستور. وذكر السيد لوح، في عرضه لمشروعين قانونيين لقطاع العدالة أمس، بالمجلس الشعبي الوطني بأن الإصلاحات التي يعرفها القطاع في السنوات الأخيرة حققت نتائج ايجابية وملموسة تماشيا مع التحولات التي يعرفها القضاء في الدول المتطورة. وكان الوزير قد أكد أن هذه الإصلاحات عميقة ولا يمكن تجاهلها، مضيفا أن «الأطراف التي تنتقدها والتي وصفتها بالتقنية هي من كانت تطالب بها لعدة سنوات لكنها اليوم تنتقدها لأنها أتت من الحكومة». قائلا بصريح العبارة إن «الحكومة تعمل للجزائر ولضمان حقوق المتقاضين وليس لنفسها». وفي هذا السياق قال الوزير إن هذه الإصلاحات التي تحمي الحقوق والحريات خاصة ما تعلق بالتخلي عن الإفراط في إصدار أحكام بالسجن وتعويضها بغرامات مالية عندما يتعلق الأمر بجنح بسيطة وغير خطيرة سمحت بتسوية الآلاف من القضايا المطروحة على القضاء والتي باتت تسوى بأوامر جزائية. وفي هذا السياق قال الوزير إن هذه الإجراءات مكّنت من تقليص عدد القضايا المطروحة على أقسام الجنح بنسبة 40 بالمائة ببعض المحاكم، وإلى حوالي 50 بالمائة على مستوى محاكم العاصمة. بالإضافة إلى تقليص نسبة المحبوسين بنسبة 41 بالمائة وكذا ملفات الطعن في الأحكام بنسبة 34.87 بالمائة مما ساعد على رفع نسب القضايا المعالجة التي تمت تسويتها وطي ملفاتها إلى 18 بالمائة.وعرض وزير العدل أمام المجلس الشعبي الوطني أمس، مشروع القانون الذي يعدل الأمر المتضمن قانون الإجراءات الجزائية، وكذا مشروع القانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي، حيث صرح أن محكمة الجنايات ستشهد بموجب التعديلات المقترحة إعادة نظر عميقة في تشكيلتها وطريقة عملها من خلال إقرار حق المتقاضي في الاستئناف وزيادة عدد المحلّفين ومراجعة الأحكام المتعلقة بالشرطة القضائية. كما ينص التعديل على إلغاء الأمر بالقبض الجسدي عملا بمبدأ قرينة البراءة، حيث يقترح إلزام الشخص المتابع بجناية والذي أفرج عنه أو الذي لم يكن قد حبس أثناء التحقيق أن يقدم نفسه للسجن في موعد لا يتجاوز اليوم السابق للجلسة. كما تضمن المشروع تعديلات تخص عمل الشرطة القضائية، حيث لا يمكن لها القيام بمهامها كإجراء التحقيقات والاستجوابات إلا بعد تأهيلها من قبل النائب العام المختص. وفي حال رفض النائب العام منح هذا التأهيل لضابط الشرطة القضائية أو سحبه منه يمكن لهذا الأخير تقديم طعن أمام لجنة مختصة يقترح إنشاءها ذات النص. وأشار السيد لوح، إلى أن التعديلات المقترحة على القانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي تحسبا لإنشاء جهة قضائية تستأنف أمامها الأحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية وبالتنسيق مع وزارة الدفاع الوطني، تنص على أن القواعد المتعلقة باختصاص الجهات القضائية العسكرية وتنظيمها وسيرها تحدد بموجب قانون القضاء العسكري. حيث يمكن إنشاء جهات قضائية عسكرية للاستئناف بغض النّظر عن التسمية الممنوحة لها في قانون القضاء العسكري. ومن جهتهم ثمّن نواب الغرفة السفلى للبرلمان هذه التعديلات التي تكرس الحريات والحقوق المنصوص عليها في الدستور، مطالبين باتخاذ إجراءات فعلية تسمح بتطبيق القانون في مختلف المجالات، حيث اشتكى بعضهم للوزير خلال مناقشة المشروعين من مشكل التطبيق، مشيرين إلى أن الإشكال في الجزائر لا يكمن في نقص القوانين بل في غياب التطبيق.