طالبت لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان الفرنسي، حكومة فرنسا بمراجعة مواقفها وتعاملها مع الجزائر والمغرب. داعية فرنسا إلى عدم اللعب على «وتر البهلوان». وطالب النائبان قي تيسيي، عن اليمين الجمهوري وجين قلافاني، عن الحزب الاشتراكي اليساري في تقرير أعدته اللجنة على مدار ستة أشهر، حكومتهم بأن لا تكون طرفا ولا حكما في الخلاف والتوتر في العلاقات بين الجزائر والمغرب، داعين إياها إلى العمل على تحقيق الاندماج والتقارب بين البلدين خدمة لمصالحهما المشتركة ومصلحة فرنسا وعديد الدول هذا ما نقلته «تي أس أ» أمس. اللجنة وفي تقرير عرض الشهر الجاري بالبرلمان الفرنسي، عبّرت عن أسفها الشديد إزاء «التوتر» وبرودة العلاقة بين الجزائر والمغرب وهو ما أثر على الدبلوماسية الفرنسية بشكل واضح وعبّرت عنه اللجنة في العديد من المرات بالاشارة إلى أن طبيعة العلاقات بين البلدين حالت دون تسجيل انتقال حقيقي في التعاون بين دول المغرب العربي مضيفا «لا يوجد اليوم بين دول المغرب الكبير أقل اندماج اقتصادي ممكن، والحوار السياسي متوقف بسبب تباين موقف كل بلد من ملف الصحراء الغربية»، حسب النائبين قي تيسيي وجين قلافاني، اللذين أوضحا أن فرنسا تجد نفسها بين فكي كماشة عندما يتعلق الأمر بالجزائر والمغرب. وواصل تقرير اللجنة تحليله للمسألة بالقول إنه وبسبب حالة عدم التوافق بين الجزائر والمغرب، فإن العلاقة الثلاثية تميزت ببروز علاقات ثنائية بين فرنساوالجزائر من جهة وفرنسا والمغرب من جهة أخرى والتي ظللت على شراكة ثالثة مغيّبة «وعندما تنتعش إحدى العلاقتين تصاب الأخرى بالبرودة بشكل أوتوماتيكي» وفق التقرير الذي استشهد بالانفتاح والتقارب المسجل في العلاقات الجزائرية الفرنسية سنة 2012، والذي توّج بزيارة دولة أداها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، إلى الجزائر ديسمبر 2012 والذي انعكس سلبا على علاقات فرنسا مع المغرب . بالنسبة للجنة البرلمانية، فبالاضافة إلى الأضرار الذي سببتها حالة التنافر الجزائرية المغربية لمصالح البلدين فإن فرنسا مثلها مثل باقي الدول التي ترغب في تطوير التعاون مع المغرب الكبير، تجد نفسها في مواجهة قرار «اختيار» بين المقاربة المغربية أو الجزائرية، وعبّر النواب عن أملهم في أن تحقق فرنسا الاندماج المغاربي والتقارب بين الجزائر والمغرب، وهي أولوية دبلوماسيتها مع مطالبتها بوقف اللعب على» وتر البهلوان» بين الجارتين. ولتحقيق ذلك ترى اللجنة أنه على فرنسا أن تتحمّل كامل مسؤولياتها التاريخية مع الدولتين وبشكل خاص الجزائر التي تسجل معها تاريخا مأساويا حتى لا يتم استدعاؤها في كل مشكل سياسي أو دبلوماسي، ووقف تقديم الدعم لجناح على حساب الآخر، وعلى فرنسا يقول النواب التأكيد وبصراحة أنها لسيت طرفا ولا حكما في الخلاف بين الجزائر والمغرب، وأنها تساند أكبر اندماج ممكن لتجمع بشري متناسق بهدف بناء فضاء لأزيد من 100 مليون ساكن لهم مصير مشترك. الجزائر ووفق تقرير لجنة العلاقات الخارجية للبرلمان الفرنسي ستبقى شريكا لا غنى عنه في المنطقة، معتبرا أن عودة الجزائر على الساحة الاقليمية جعل منها شريكا هاما خاصة فيما يتعلق بالمسائل ذات الصلة بقضايا الساحل وحل الأزمة الليبية، وبالنسبة للنواب الفرنسيين فإن الجزائر تلعب دورا مسيطرا في المنطقة وحتى القارة الإفريقية مع الأخذ بعين الاعتبار تأثيرها الحاسم في الاتحاد الإفريقي. من جهة أخرى، عرض التقرير نظرة السلطات الفرنسية تجاه دول المغرب العربي وبشكل خاص الجزائر، خاصة فيما يتعلق بمكانة الإسلام السياسي بدول المغرب العربي في ظل «اختفاء» وزن العراق وسوريا من الخارطة السياسية العالمية وبروز تركيا بقيادة أردوغان .. ومن المنطقي -حسب التقرير- أن تشهد دول المغرب وتونس والجزائر اليوم ظهور الإسلام السياسي واختلاطه بالديمقراطية التعددية حسب النائبين الفرنسيين اللذين أكدا في المقابل أن الأمور تتجه نحو التناغم.بالنسبة للجزائر فقد أفرد التقرير البرلماني مساحة خاصة لها بالتذكير أن الجزائر خرجت من تسعينيات القرن الماضي، والتي أسمتها «السنوات السوداء» بإستراتيجية مصالحة وضعها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والتي –حسب التقرير- كان لها تأثير عكسي غرضه «إضعاف» القاعدة السياسية للأحزاب الإسلامية، مضيفا أن مشاركة الأحزاب الإسلامية في الحكومة كان له أثر في وضع هذه الأحزاب في موقع «المتناقض» مع الحكم، بهدف امتصاص طاقتهم الرافضة للنظام والتحكم فيها حسب التقرير . النائبان أشارا في التقرير إلى أنه ووفق المحللين والمتتبعين فإن مكانة الإسلام في المجتمع الجزائري تدعمت بشكل قوي، حيث يؤثر المحافظون والمتشددون الإسلاميون على الرأي العام والسلطة، وحسب التقرير فإن الإسلاميين في الجزائر خسروا المعركة السياسية غير أنهم ربحوا المجتمع. التقرير استند على حجج من الواقع خاصة ما تعلق بالجدل الذي أعقب الإعلان عن مشروع إصلاح المنظومة التربوية.