تباينت آراء ضيوف حصة "في الواجهة" الإذاعية، حول مدى أهمية الشراكة الاقتصادية بين الجزائر وفرنسا· ففي حين اعتبر البعض أنها بعيدة جدا عن المستوى الذي كان من المفترض أن تكون عليه، تحدث البعض الاخر عن تطور ملحوظ في وتيرة الاستثمارات الفرنسية بالجزائر حتى وإن لم تصل بعد إلى المستوى المأمول· وفضّلت الحصة طرح مسألة العلاقات الاقتصادية الجزائرية الفرنسية بمناسبة شروع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في زيارة دولة إلى الجزائر تدوم ثلاثة أيام التي اعتبرها الكثير من المتتبعين انها اقتصادية بالدرجة الأولى· وحضر النقاش كل من رئيس الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية حبيب يوسفي والمدير المركزي بكنفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين عبد الوهاب زياني إضافة إلى منسق الجمعية الجزائرية للبنوك والمؤسسات المالية عبد الرحمان خالفة· ومنذ البداية لم يخف حبيب يوسفي امتعاضه من مستوى العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وباريس، وقال "أنها ليست في المستوى بالنسبة للجزائر التي مازالت بمثابة سوق للسلع الفرنسية لاغير" · وهو ما دفعه الى التأكيد على عدم وجود "علاقات متوازنة" بين البلدين "فلا إستثمار فرنسي بالجزائر، ولا نقل للتكنولوجيا·· فهناك تردد لدى المستثمرين الفرنسيين"· في نفس الاتجاه جاء تدخل عبد الوهاب زياني الذي اعتبر أن العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وفرنسا مقتصرة حاليا على التجارة قائلا: "أن المستثمرين الفرنسيين غائبون عن السوق الجزائرية لأنهم يفضلون البيع فقط·· وهذا مالمسناه في كل لقاءاتنا معهم"، في الوقت الذي يقتحم فيه رجال أعمال من جنسيات مختلفة أبواب الاستثمار في الجزائر· وفي الاتجاه المعاكس قال عبد الرحمان بن خالفة أن أشياء كثيرة تغيرت في معادلة الشراكة الاقتصادية بين البلدين، مشيرا إلى أن التبادلات التجارية التي بلغت ال10 ملايير دولار "تبعتها استثمارات فرنسية مباشرة"، مضيفا بأن وتيرة هذه الاستثمارات تحسنت وأن الشراكة بين البلدين عرفت تطورا ملحوظا، بل انه عبر عن اقتناعه بأن "التواجد الفرنسي بالجزائر وصل إلى مستوى لابأس به" · وكمثال على ذلك أشار إلى أن البنوك الفرنسية العاملة بالجزائر وسعت نشاطها وأصبحت "ثاني شبكة بنوك أجنبية في الجزائر" لاسيما من خلال توسيع منح القروض الاستهلاكية الموجهة أساسا لشراء السيارات - وأغلبها فرنسية - رغم اعترافه بأن الأمور لم تبلغ بعد المستوى المطلوب خاصة إذا ماتعلق الأمر بتمويل قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة· لكن مالفت الإنتباه في تدخل بن خالفة هو جزمه بأن عملية استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى الجزائر لن تنجح مع دول أخرى إذا فشلت مع فرنسا!· رأي خالفه إياه حبيب يوسفي الذي اعتبر أنه على الجزائر البحث عن مصالحها "فإذا كانت زيارة الرئيس ساركوزي فيها مصلحة للجزائر نحن نرحب بها وإذا كان الأمر غير ذلك فلاداعي إليها" · وقال أنه يشك في توقيع عقود في قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مع الفرنسيين بدليل غياب الكنفدرالية العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الفرنسية التابعة "للميداف" عن زيارة هذه الأخيرة إلى الجزائر، وذلك بالرغم من أهمية هذا القطاع بالنسبة للجزائر التي تطمح إلى توفير مناصب عمل كثيرة· وأجمع ضيوف الحصة على أهمية تطوير ليس فقط الشراكة في هذا القطاع مع الفرنسيين ولكن بالخصوص الاستثمارات المباشرة التي تتم عن طريق توطين هذه الشركات لنشاطها بالجزائر مستغلة ما تتيحه لها من مزايا لا سيما انخفاض أسعار الطاقة وانخفاض أجور اليد العاملة ··· لكن مع التأكيد على تطوير التعاون في مجالات أخرى غير الطاقة والهياكل القاعدية· وردا على انتقادات يوسفي لمستوى الشراكة الاقتصادية بين الجزائر وفرنسا شدد بن خالفة على أن الأمر يجب أن يطرح كذلك من وجهة النظر السياسية، وقال "لا يمكن إخراج السياسة من معادلة الاقتصاد"، مضيفا أن ترقية الاستثمارات الفرنسية بالجزائر يحتاج إلى "اشارة سياسية" يبدو أنها لم تعط بعد من السلطات الفرنسية· وتجلى ذلك في اختيار المغرب كوجهة لإنجاز مصنع لتركيب السيارات الفرنسية بالرغم من أن السوق الجزائرية تمتص أكبر عدد من السيارات مقارنة بالمغرب، الأمر يعود حسب السيد خالفة الى وجود "خارطة مصالح وأولويات" ·· وهو بالنسبة للسيد يوسفي نتيجة لغياب استراتيجية صناعية واضحة لاسيما في قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة· لكن هل وفرت الجزائر الظروف الملائمة للمستثمرين والمحيط اللائق من أجل استقطابهم؟ يجيب ضيوف الحصة بالإيجاب رغم اعترافهم بوجود عراقيل تخص البنوك والعقار ويتساءلون لماذا لم يتحدث الفرنسيون عن العراقيل عندما تعلق الأمر بالاستثمار في مجال المحروقات؟ ولماذا يترددون في وقت يستثمر فيه رجال أعمال آخرون لاسيما العرب؟ ولماذا ترفض المؤسسات الفرنسية المخاطرة في وقت تلجأ مؤسسات بلدان أوروبية أخرى إلى ذلك؟ وخلاصة القول التي خرج بها ضيوف "في الواجهة" هو ضرورة الخروج من حالة اللاتوازن التي تطبع العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وفرنسا، وهو ما يتطلب من الجانب الجزائري الحديث بلغة المصلحة خاصة وأن السوق الجزائرية أصبحت مفتوحة على كل الشركاء·