جعلت جبهة التحرير الوطني استعمال الرياضة أحد خياراتها لتقوية كفاح الشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي و أرادت أن تؤكد لهذا الأخير أن كل الجزائريين بمختلف انتماءاتهم معنيون بمعركة التحرير . وقد وجد قادة الثورة في الحقل الرياضي وعاء حقيقيا لإعطاء نفس جديد للثورة . فقد كان التنافس الرياضي في تلك الفترة يمنع على الجزائريين القبول بالخسارة في مبارياتهم ضد الفرق الفرنسية المتكونة من المعمرين ، فكانت الملاعب مسرحا لمواجهات مثيرة بين الجزائريين والفرنسيين وتحولت الفرق الجزائرية إلى مدرسة في النضال والوطنية بدليل أنها توقفت عن مزاولة النشاط الرياضي في 1956 حيث استجابت لنداء جبهة التحرير الوطني، وشهدت تلك الأندية هجرة جماعية للاعبيها سقط العديد منهم في ميدان الشرف أمثال براكني ( اتحاد البليدة )فرحاني( الشبيبة الرياضية الجزائرية) واقنوني ( الاتحاد الرياضي الجزائري )وأصبح البعض الآخر مسؤولين في الثورة مثل ياسف سعدي الذي لعب في اتحاد الجزائر وقاد فيما بعد معركة الجزائر ضد مظليي العقيد بيجار، وعلي بومنجل الذي مارس كرة القدم في صفوف اتحاد البليدة واستشهد تحت تعذيب العساكر الفرنسيين بالابيار . ولم يكن نضال الرياضيين في تلك الفترة يسير بمنعزل عن النضال السياسي الذي رسمته الحركة الوطنية انطلاقا من الثلاثينات ولنا أن نستدل في هذا الشأن بمثالين : مشاركة وفد رياضي ثقافي من الجزائريين في مهرجان فارسوفي ( بولونيا ) سنة 1955، حيث رفع في حفل الافتتاح العلم الجزائري وكانت هذه المناسبة فرصة لتأكيدأن الوطن الجزائري ليس مرتبط بصلة مع النظام الاستعماري الفرنسي لا في لغته و عاداته و دينه و فلسفته و لا حتى في حضارته ، حيث حرس الوفد الجزائري على إبراز الشخصية الوطنية للشعب الجزائري وابتعادها عن كل ما حاولت الدعاية الاستعمارية إلصاقه للجزائر . ثم جاءت المشاركة في المهرجان العالمي للشباب بموسكو، وكان حاضرا فيه رياضيون جزائريون منهم الشهيد عبدة من قالمة ، عبد الغاني زيتوني الذي درب عدة أندية جزائرية بعد الاستقلال واحدادن الذي توفي في حادث طائرة وكان احد آمال الجزائر في الرياضيات حسب شهادة أصدقائه . و لا شك أن أكبر مشاركة رياضية في الثورة، هي تلك التي صنعها المحترفون في البطولة الفرنسية لكرة القدم بعدما شكلوا ابتداء من شهر افريل 1958 فريق جبهة التحرير الوطني و كان لهروبهم من الأندية الفرنسية صدى إعلامي عالمي كبير ،لما كان لهم من دور بارز في تنشيط البطولة الفرنسية أمثال رشيد مخلوفي ومصطفى زيتوني اللذين تركا المال والشهرة وفرصة المشاركة في مونديال السويد من أجل نصرة قضية الثورة الجزائرية و بن تيفور ، معوش، رويعي، سعيد عمارة، بوبكر وزملائهم الآخرين، حيث كانت هذه المجموعة من اللاعبين سفراء الثورة أثناء سفرياتهم من أجل التعريف بقضية الشعب الجزائري الذي نال بفضلهم تعاطفا كبيرا من شعوب العالم .