لم يكن من السهل على الجزائر عندما تخلصت من نير الاستعمار الفرنسي سنة 1962 بعث النشاط الرياضي على مستوى كامل التراب الوطني لا سيما وان كل النوادي التي كانت قائمة قبل الثورة توقفت عن مزاولة الرياضة بكل انواعها بأمر من جبهة التحرير الوطني حيث دخل مؤطروها وممارسوها في معترك الكفاح التحرري وقد كانت اهتمامات السلطة السياسية في تلك الفترة منصبة على ضرورة توفير المعيشة للشعب واعادة اعمار البلاد التي تعرضت مدنها وقراها الى تدمير شامل، لكن الجزائر سعت رغم هذه المهمة الصعبة الى ترسيم حضورها على المستوى العالمي كدولة فتية مستقلة خاصة وان الاستقلال تزامن مع اقتراب تنظيم بطولات ودورات عالمية وقارية منها الالعاب الافريقية الاولى سنة 1963 وبطولة العالم للدراجات في نفس السنة بسويسرا وكأس العالم للكرة الحديدية بسويسرا ايضا . ولتحقيق هذا الغرض تم تشكيل فرق وطنية في فترة زمنية قصيرة من اجل تمثيل الوطن في تلك المواعيد الدولية الرياضية، وكانت المفاجأة ان الجزائر برزت وتألقت في اول ظهور رسمي لها، حيث جاء التتويج القاري الاول من نيروبي على يد الدراج الجزائري احمد جليل الذي اهدى الجزائر اول ميدالية ذهبية في عهدها المستقل، وتلته المفاجأة الكبيرة التي صنعها منتخب الكرة الحديدية سنة 1964، حيث نال لقب كأس العالم بفضل مهارة ثلاثي اللعب القصير سيد احمد سينيا وبوعلام غوراب واحمد فراح . كما كانت الجزائر في نفس السنة على موعد مع الدخول في الفضاء الاولمبي حيث شاركت في الالعاب الاولمبية لطوكيو ومثلها آنذاك السيد لزهاري في اختصاص الجمباز . وفضلا عن التمثيل الدولي، سعت الجزائر الى توفير اطار تنظيمي للممارسة الرياضية من خلال انشاء اتحاديات وجمعيات رياضية ساهم في انطلاق نشاطها رياضيون سابقون كانت لهم تجربة في هذا المجال ونذكر في هذا الخصوص اعضاء فريق جبهة التحرير الوطني الذين وضعوا خدماتهم تحت تصرف الاندية الجزائرية لكرة القدم. البعض منهم انضم كلاعبين والبعض الآخر كمدربين، والبقية رجعت الى انديتها الاصلية لكن مع تلبية الدعوة للمشاركة مع المنتخب الوطني . وكان فريق جبهة التحرير الوطني اول من حمل مشعل تمثيل الرياضة الجزائرية والتعريف بكفاح شعبنا ضد المستعمر الفرنسي . ولا بد ان نشير هنا ان الرياضيين الجزائريين الاوائل كانوا متشبعين بالروح الوطنية وروح التحدي من اجل تأكيد قوة الشعب الجزائري في مواجهة الصعوبات . وحسب شهادات البعض ممن عايشوا تلك الفترة، فإن اهتمام هؤلاء الرياضيين كان يهدف الى رفع الرياضة الوطنية وليس رفع ارصدتهم المالية او نيل الحظوة الاجتماعية وتحقيق المأرب الشخصية مثلما نشاهد في زمننا هذا . ويضيف محدثونا ان حب الوطن والرفع من شانه في المحافل الرياضية العالمية كانا سمة هؤلاء الرياضيين رغم محدودية الامكانيات وغياب التشجيعات ، التي تتوفر اليوم 100 ، لم تشفع للرياضة الجزائرية التي تراجع مستواها واداؤها على كل الأصعدة في السنوات الاخيرة. فما احوجنا اليوم الى تضحيات الرياضيين الجزائريين القدامى الذين عبدوا طريق التتويجات على المستوى العالمي وكان لهم الفضل في تكوين اجيال كثيرة من الرياضيين الذين ساهموا فيما بعد في تنظيم رياضتنا على اسس صحيحة قبل ان تدخل غرفة الانعاش .