كان من الصعب على الجزائر عند تخلصها من نير الاستعمار الفرنسي سنة 1962 بعث النشاط الرياضي على مستوى كامل التراب الوطني، لاسيما وأن كل النوادي التي كانت قائمة قبل الثورة، توقفت عن مزاولة الرياضة بكل أنواعها بأمر من جبهة التحرير الوطني حيث دخل الكثير من مؤطريها وممارسيها في معترك الكفاح التحريري. كانت اهتمامات السلطة السياسية في تلك الفترة منصبة على ضرورة توفير المعيشة للشعب وإعادة إعمار البلاد التي تعرضت مدنها وقراها ومداشرها إلى تدمير كبير. كما سعت الى ترسيم حضورها على المستوى العالمي كدولة فتية، خاصة وأن حصولها على الاستقلال تزامن مع اقتراب تنظيم بطولات ودورات رياضية عالمية وقارية منها الألعاب الإفريقية الأولى سنة .1965 وبطولة العالم للدراجات في نفس السنة بسويسرا وكأس العالم للكرة الحديدية بذات البلد أيضا. ولتحقيق هذا الغرض، تم تشكيل فرق وطنية زمنية قصيرة من أجل تمثيل الوطن في تلك المواعيد الدولية الرياضية، وكانت المفاجأة أن الجزائر برزت وتألقت في أول ظهور رسمي لها، حيث جاء التتويج القاري الأول من برازفيل بمناسبة الألعاب الإفريقية الأولى سنة 1965 بفضل الدراج الجزائري أحمد جليل الذي أهدى للجزائر أول ميدالية ذهبية في عهدها الجديد سبقت ذلك المفاجأة الكبيرة التي صنعها منتخب الكرة الحديدية سنة ,1964 حيث نال لقب كأس العالم بفضل مهارة ثلاثي اللعب القصير سيد أحمد سينيا وبوعلام غوراب وأحمد فراح. كما كانت الجزائر على موعد مع الدخول في الفضاء الأولمبي، حيث شاركت في الألعاب الأولمبية لطوكيو سنة 1964 ومثلها آنذاك السيد لزهاري في اختصاص الجمباز. وفضلا عن التمثيل الدولي، سعت الجزائر إلى توفير إطار تنظيمي للممارسة الرياضية من خلال إنشاء اتحاديات وجمعيات رياضية ساهم في انطلاق نشاطها رياضيون سابقون كانت لهم تجربة في هذا المجال، ونذكر في هذا الخصوص أعضاء فريق جبهة التحرير الوطني الذين وضعوا خدماتهم وتجربتهم تحت تصرف الأندية الجزائرية لكرة القدم، البعض منهم انضموا كلاعبين والبعض الآخر كمدربين، والبقية رجعت إلى أنديتها الأصلية في البطولة الفرنسية لكن مع تعهدها بتلبية الدعوة للمشاركة مع المنتخب الوطني كلما استدعت الضرورة. وكان فريق جبهة التحرير الوطني أول من حمل مشعل تمثيل الرياضة الجزائرية والتعريف بكفاح شعبنا ضد المستعمر الفرنسي أثناء الثورة التحريرية. ولابد أن نشير في هذا المقام إلى أن الرياضيين الجزائريين كانوا أثناء هذه الفترة قد تشبعوا بالروح الوطنية وروح التحدي من أجل تأكيد قوة الشعب في مواجهة الصعوبات. وحسب شهادات البعض ممن عايشوا تلك الفترة، فإن اهتمام هولاء الرياضيين كان يهدف إلى رفع شأن الرياضة الوطنية في المحافل الدولية وليس رفع أرصدتهم المالية أو نيل المكاسب الإجتماعية وتحقيق المآرب الشخصية. ويضيف محدثونا أن حب الوطن وإبرازه في المحافل الرياضية العالمية كان سمة هؤلاء الرياضيين رغم محدودية الإمكانيات وغياب التشجيعات التي تتوفر اليوم ولم تشفع للرياضة الجزائرية التي تراجع مستواها وأداؤها على كل الأصعدة في السنوات الأخيرة. فما أحوجنا اليوم إلى تضحيات الرياضيين الجزائريين القدامى الذين عبدوا طريق التتويجات على المستوى العالمي وكان لهم الفضل في تكوين أجيال كثيرة من الأبطال الذين ساهموا فيما بعد في تنظيم رياضتنا على أسس صحيحة.