يبلغ عدد محاضر المخالفات التي تحررها مصالح مفتشية العمل ضد المؤسسات الاقتصادية والمحالة على العدالة، 23 ٪ سنويا، تتعلق إجمالا بعدم تطبيق الإعذارات التي توجهها لهذه المؤسسات، في حين انتقلت عمليات المراقبة التي تقوم بها المفتشية على مستوى المؤسسات الاقتصادية، من 80 ألف زيارة قبل 2005 إلى 200 ألف زيارة سنويا منذ 2010. المفتش العام للعمل بالوزارة آكلي بركاتي، أوضح أمس في تصريح للصحافة، أن ما يقارب 75 ٪ من المحاضر المتبقية يتم تسويتها بين المؤسسة والعمال بدون اللجوء إلى العدالة، بعد تدخل المفتشية خلال زيارات المراقبة التي تقوم بها. المسؤول أوضح أن مصالح المفتشية تحرر إعذارات كتابية، تعطى فيها المهلة للمستخدم لتصحيح الأخطاء والاختلالات المسجلة. وفي حال ما إذا لاحظت من خلال الزيارات الميدانية التي تقوم بها إلى المؤسسات الاقتصادية، بأن المستخدم يتمادى في أخطائه تقوم بتحرير محاضر المخالفة وتوجهها للعدالة. بركاتي قال على هامش أشغال الندوة القومية حول «تفتيش العمل: أداة للتطبيق الجيد للقانون وتطويره»، إن المفتشية تتدخل لمعالجة الشكاوى في كل المجالات على المستويين الفردي والجماعي، إذ تتعلق على الخصوص بإعادة النظر في عقود العمل وتثبيت العمال عبر المؤسسات الاقتصادية، وذلك بغض النظر عن الشكاوى التي تقدمها نقابات العمال التي تخضع لقانون خاص بالنزاعات في عالم الشغل. المتحدث أوضح في هذا الصدد أن المفتشية تلقت أكثر من 40 ألف شكوى فردية في سنة 2016، وأن 20 ٪ منها تمت تسويتها على مستوى مكاتب المصالحة، في حين يجري التكفل ببقية الشكاوى بصفة تدريجية. عن الشكاوى التي يتقدم بها العمال بشكل فردي على مستوى مصالح المفتشية، أوضح المتحدث أنها تتعلق بكيفيات تطبيق تشريع العمل بصفة عامة، مسجلا وجود 100 ألف اختلال سنويا في مجال تطبيق القوانين في كل القطاعات. بركاتي أشار من جهة أخرى، إلى الانطلاق في عملية تقييم المفتشية من 2008 إلى 2010، مضيفا أنه ابتداء من 2006 بدأت النتائج تظهر ميدانيا، لا سيما فيما يتعلق بعصرنة آلياتها وتكثيف زيارات المراقبة وتحسين ظروف عمل مفتشي العمل وإعادة النظر في تنظيمها وقوانينها الأساسية، فضلا عن بناء مقرات جديدة. بخصوص مشروع قانون العمل، أكد بركاتي أنه يعزز صلاحيات المفتشية من خلال إدراج أحكام لتعزيز مهامها، وتأكيد ملاءمة التشريع الجزائري للاتفاقيات الدولية والعربية في هذا المجال. الأمين العام لوزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي السيد محمد خياط، أكد في كلمته الافتتاحية أن مسار العصرنة الذي انتهجته الجزائر سمح لمفتشية العمل بتسجيل تطور إيجابي، وهو ما أشارت إليه لجنة الخبراء لمنظمة العمل الدولية في تقريرها سنة 2009 بعد أن أوفدت بعثة من الخبراء إلى الجزائر؛ حيث نوهت في هذا الصدد بالتطور الذي عرفته مفتشية العمل في الجزائر في مجالات التنظيم والتسيير على المستويين المركزي وغير الممركز، وتحسين ظروف عمل مفتشي العمل بفضل تجسيد الدولة برامج استثمار هامة وتزويد الهياكل بتجهيزات الإعلام الآلي ووسائل التنقل الملائمة واستفادة مفتشي العمل من نظام تعويضي ملائم. كما أشار إلى أن جهاز تفتيش العمل يُعد «أداة للسهر على تطبيق التشريعات في عالم الشغل وتحقيق الاستقرار والتماسك الاجتماعيين»، مضيفا أن مصالح مفتشية العمل بالجزائر «مرت بعدة مراحل، وتعززت ببرامج العصرنة في سيبل تحسين مهامها وتطوير وسائل عملها في مختلف مجالات التنظيم والتسيير». المدير العام لمنظمة العمل العربية فايز علي المطيري أبرز أهمية تطوير جهاز تفتيش العمل بما يتلاءم والتطور الاجتماعي والاقتصادي للدول العربية؛ بحيث أولت منظمة العمل العربية موضوع تفتيش العمل «اهتماما خاصا» بإصدار العديد من الاتفاقيات، تضمنت «نصوصا هامة» تتعلق بتفتيش العمل. كما ذكّر بالاتفاقية العربية رقم 19 التي تتعلق بمفتشية العمل الصادرة سنة 1998، والتي «حظيت بنسبة كبيرة من التصديق، علاوة على القيام بالعديد من الدراسات والتقارير والأبحاث المرتبطة بتفتيش العمل في الدول العربية». الندوة العربية التي ينظمها المركز العربي للثقافة العمالية وبحوث العمل بالجزائر التابع لمنظمة العمل العربية وبالتنسيق مع وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي على مدى ثلاثة أيام، تهدف إلى عرض وضعية تفتيش العمل في البلدان العربية، وإثراء ومناقشة الإشكاليات والصعوبات التي تواجهها في هذا المجال مع تقديم اقتراحات حول الحلول التي تمكّنها من أداء مهامها وعرض الخبرات وتبادل التجارب الناجحة. في هذا الصدد أشار المطيري في تصريح للصحافة، إلى أن التجربة الجزائرية تعرف تقدما كبيرا، وأنه سيغتنم تواجده في بلادنا للقيام بجولات عبر مواقع عمل المؤسسات للاطلاع بنفسه على الإنجازات المحققة في هذا الميدان.