قررت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أمس، إقامة مستوطنة جديدة في داخل أراضي السلطة الفلسطينيةبالضفة الغربيةالمحتلة، هي الأولى من نوعها منذ 25 عاما في تحد جديد للمجموعة الدولية بما فيها القوى الكبرى الراعية لعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقال الوزير الأول الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، مبتهجا على حسابه في موقع «تويتر» وقد أرفق ذلك بصورة وهو على متن جرافة ضخمة «لي الشرف أن أكون أول وزير يعطي إشارة إقامة مستوطنة جديدة في الضفة الغربية بعد عدة عقود من التجميد». واتخذت الوزير الأول اليميني المتطرف قراره في نفس الوقت الذي حل فيه وفد دبلوماسي أمريكي بالمنطقة في محاولة لإعادة بعث عملية سلام متعثرة منذ عدة سنوات. وإذا سلمنا أن الجمود الذي ضرب عملية السلام سببه إصرار حكومات الاحتلال على مواصلة الاستيطان فان قرار الحكومة الإسرائيلية أمس حمل رسالة إسرائيلية قوية باتجاه الولاياتالمتحدة التي يريد رئيسها الجديد دونالد ترامب إعادة بعث عملية السلام وفق مبدأ حل الدولتين. وهي طريقة اعتادت حكومات الاحتلال اللجوء إليها في كل مرة تريد فيها القول أنها ترفض كل مبادرة خارجية لإعادة بعث عملية السلام حتى وإن كان مصدرها الولاياتالمتحدة التي استأثرت لنفسها بدور محوري في عملية سلام لم تشأ الإقلاع بسبب التعنت الإسرائيلي وتواطؤ القوى الكبرى بصمتها على حساب الحق الفلسطيني. ويكون الوزير الأول الإسرائيلي أراد من وراء إطلاق مشروعه الاستيطاني واختيار توقيته، توجيه رسالة احتجاج قوية للرئيس الامريكي بعد تراجعه عن التزاماته التي قطعها على نفسه خلال حملته الانتخابية بتحويل السفارة الأمريكية إلى القدس الشريف وشكل ذلك خيبة أمل كبيرة في أوساط حكومة الاحتلال بعد التفاؤل الذي طبعها بعد فوز ترامب بمقعد كرسي البيت الأبيض في نوفمبر من العام الماضي. تفاؤل جعل نتانياهو يكون أول مسؤول أجنبي يزور الولاياتالمتحدة لتهنئة الرئيس الامريكي الجديد ليس بسبب فوزه بكرسي الرئاسة وإنما لكونه أول رئيس يتعهد جهارا بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدسالمحتلة في خطوة لم يسبقه إليها أي رئيس أمريكي قبل أن يراجع حساباته خلال الزيارة التي قادته يوم 21 ماي الماضي إلى فلسطينالمحتلة. وانتهى نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية على إثر هذه التطورات إلى القول أن إسرائيل تريد إفشال الجهود الأمريكية قبل انطلاقتها وتأكيد منها على أنها لا تثق في جهود حليفها الأمريكي. وكان المسؤول الفلسطيني يشير إلى الزيارة التي شرع فيها جيزون غرينبلات مبعوث الرئيس الامريكي الذي سيلتقي بمسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين لاستقراء مواقفهم من عملية السلام والعمل على إعادة الروح لها، قبل أن يلتحق به جاراد كوشنير مستشار الرئيس الامريكي اليوم الاربعاء في إطار نفس المهمة. وحتى وإن أكدت هذه الزيارة رغبة الإدارة الأمريكية في حلحلة عملية السلام المتوقفة منذ سنة 2014 فإنها ستكون فرصة للرئيس ترامب للتأكد من حقيقة النوايا الإسرائيلية وزيف استعدادها للدخول في مفاوضات جدية تنهي أحد أقدم النزاعات في العالم بقدر ما تريد الإبقاء على الوضع القائم الذي خدم مخططاتها الخاصة بابتلاع مزيد من الأراضي الفلسطينية ضمن سياسة فرض الأمر الواقع على الفلسطينيين الذين أصبحوا في موقع المتفرج على استيطان غير مسبوق للأراضي الفلسطينية رغم وضوح بنود اتفاقات أوسلو للسلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي سنة 1993.