أجمع المشاركون في اليوم الثاني والأخير من أشغال الورشة الدراسية والتكوينية حول مناهج تعليم التربية الدينية بالعاصمة الموريتانية على أهمية اعتماد خطاب تربوي وقائي ومضاد للتطرف والإرهاب. وكانت الندوة التي عقدت تحت شعار «مناهج تعليم التربية الدينية بمدارس منطقة الساحل» فرصة أمام المشاركين لتقديم اقتراحات وتصورات صبّت جميعها في كيفية ترقية مناهج تعليم التربية الدينية في المدارس من أجل تحصين الناشئة من كل أشكال الغلو والتطرف في الدين. وأكد المشاركون في هذا اللقاء المنظم بمبادرة من رابطة علماء ودعاة وأئمة دول الساحل بمشاركة المركز الإفريقي للدراسات والأبحاث حول الإرهاب أن التجارب أثبتت أهمية تطوير الخطاب التربوي وتكييفه مع أساليب الوقاية من التطرف والإرهاب. وقال موسى فالي صار ممثل موريتانيا على أهمية إيلاء دول المنطقة اهتماما أكبر بمحتوى الخطاب التربوي وخاصة ما تعلق بالتربية الدينية بكيفية تحصن التلاميذ من الوقوع ضحية الفكر المتطرف والتنظيمات الإرهابية. وهي المقاربة التي رافع من أجلها الأمين العام للرابطة، الجزائري يوسف بلمهدي الذي ألح على أهمية تبني خطة إقليمية تجعل من تعليم التربية الدينية محورا أساسيا في منظومة الدفاع الفكري في وجه الحملات التي تستهدف زرع بذور الإرهاب لتحطيم الأوطان. وقال بلمهدي إن التعاون والتنسيق في هذا المجال «ضرورة ملحة» لتحصين شباب دول منطقة الساحل بقناعة أن الشباب الذي ينشأ على العنف في بلده قد يكون عنصر تدمير في الدول الأخرى من المنطقة. وقال كمال شكات عضو رابطة علماء ودعاة وأئمة دول الساحل الإفريقي وممثلها بالجزائر إن الجزائر واعية بضرورة تحيين ومواكبة التعليم الديني وفق التحولات الراهنة وبما يضمن محاربة التطرف العنيف والتعصب الديني. ودعا لأجل ذلك بقراءة «متأنية» لمناهج ومحتويات تعليم التربية الدينية بمدارس منطقة الساحل على غرار باقي جهات العالم مع الأخذ بعين الاعتبار إسقاطات وتأثيرات العولمة والأنماط التي تشتغل في كنفها لمنع ظهور بؤر التوتر والعنف والإرهاب من خلال زرع بذور التطرف الفكري والديني. وكان أحمد مورتالا رئيس رابطة علماء ودعاة وأئمة دول الساحل كشف عن مشروع لإصدار دليل منهجي لترقية تعليم التربية الدينية لفائدة دول المنطقة ضمن خطة وقائية لتحصين شباب الدول الأعضاء من حملات «التغليط الفكري والعقائدي الرامية إلى تحطيم المجتمعات وإغراقها في دوامات العنف والإرهاب والتوترات. وقال أحمد ولد أهل داوود وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصيل الموريتاني إن لعلماء المنطقة دور تاريخي في الاهتمام بقضايا الأمة وخاصة ما تعلق بأمنها الفكري وتطورها الحضاري بما يستدعي مرافقتهم للجهود العملية لمكافحة الإرهاب والوقاية منه. ووقع الاتفاق بين ممثلي الدول الأعضاء وخاصة من التشاد والسنغال وبوركينافاسو على أهمية تبني إستراتيجية إقليمية ضد التطرف، بينما برزت في النقاشات اقتراحات متنوعة صبت جميعها في سبل «الحيطة من خطاب التفرقة والكراهية في الخطاب التعليمي الخاص بالتربية الدينية». يذكر أن ورشة العاصمة الموريتانية تأتي تكملة لنتائج ورشة مماثلة عقدت بالعاصمة التشادية، بنجامينا شهر جانفي الماضي والتي خرجت بتوصيات لتقوية وتدعيم المؤسسات التعليمية من جانب التربية الدينية. وشارك في أشغال هذه الندوة ممثلون عن الجزائروموريتانيا ونيجيريا والنيجر ومالي وبوركينافاسو وكوت ديفوار وغينيا والتشاد والسنيغال، بالإضافة إلى علماء ومشايخ وممثلي هيئات ومنظمات إقليمية.