أرجعت المديرية العامة للغابات أمس، سبب ارتفاع عدد الحرائق في الجهة الشرقية للوطن خلال ال 24 ساعة الأخيرة، إلى الموالين القاطنين بالمناطق الجبلية الذين تعودوا على إشعال النيران وسط الغابات لتجديد الغطاء النباتي وفتح مناطق لرعي أكثر من 27 ألف رأس بقر، وهي «العادة السيئة» التي يلجأ إليها سكان المناطق الجبلية والريفية والتي خلفت اندلاع 80 حريقا، أتلف الآلاف من الهكتارات وسط الغابات والأدغال والأحراش. «هي نيران مفتعلة»، هكذا رد علينا أمس نائب مدير حماية الثروة الغابية بالمديرية العامة للغابات السيد بومسعود عبد الغني حول أسباب اندلاع عدد كبير من حرائق الغابات خلال ال 24 ساعة الأخيرة وتمركزها في شرق الوطن، مؤكدا أن العامل البشري وصعوبة المسالك الغابية كانت وراء اتساع مساحات الغابات المحروقة، وما زاد الطين بلة هبوب رياح ساخنة ما صعب من عمل فرق التدخل. من جهته، أبرز رئيس مكتب الحرائق السيد رشيد بن عبد الله ل «المساء» أن ارتفاع درجات الحرارة كانت هي الأخرى سببا رئيسيا في اتساع دائرة الحرائق، وذلك بالنظر إلى حالة جفاف كل النباتات داخل الغابات، مشيرا إلى تسجيل 80 حريقا في ظرف يومين، منها 37 حريقا بولاية الطارف، 10 حرائق بجيجل، 12 بسكيكيدة و10 بسوق أهراس. ونظرا لهبوب الرياح الساخنة (السيروكو)، استمرت عمليات إخماد النيران إلى غاية أمس، مع إحصاء 46 حريقا، منها 15 بالطارف، 2 بجيجل وحريق واحد بسكيكدة. من جهتها، أشارت مصالح الحماية المدنية أمس، إلى تسجيل 51 حريقا خلال ال24 ساعة الأخيرة، مست عدة ولايات شرقية انطلاقا من تيزي وزو إلى الطارف وأم البواقي، وهو ما أتلف 888,5 هكتارا من الغابات، في حين سجل 50 حريقا بمنطقة الأدغال، أتلف 546,6 هكتارا، و10 حرائق وسط المحاصيل الزراعية و41 حريق بمناطق الأعشاب. وحسب مدير الاتصال بالمديرية العامة للحماية المدنية الرائد فاروق عاشور، فقد وجدت فرق مكافحة الحرائق صعوبة كبيرة في الوصول إلى مكان اندلاع الحريق، مرجعا طول فترة إخماد النيران إلى صعوبة المسالك وبعد نقاط التزود بالمياه، وهو ما جعل رجال المطافئ يجدون أنفسهم أمام اتساع دائرة المساحات المحروقة بعد عودة شاحنة الإطفاء. وردا على سؤال ل»المساء» حول عدم استخدام الطائرات في إخماد النيران، أكد عاشور أن المساحات الغابية بالجزائر مأهولة اليوم بأكثر من 35 ألف نسمة، ناهيك عن النشاط الفلاحي، لذلك لا يمكن السماح بتفريغ آلاف الأمتار المكعبة من المياه بالطائرات من دون توفر خرائط تحدد تواجد السكان، لذلك تقرر الاكتفاء بالعتاد لمكافحة الحرائق المكون من 446 وحدة مدعمة بفرق 22 رتلا متنقلا. وعن الصعوبات الميدانية المسجلة من طرف فرق الحماية المدنية في الميدان، أشار فاروق إلى إحصاء منذ الفاتح جوان الفارط، 3500 تدخلا لكل الفرق، سواء تعلق الأمر بحوادث المرور أو نشاط حراس الشواطئ أو إخماد النيران، وهو العمل الذي لا يسمح لوحدات الحماية المدنية بالتواجد في كل مرة يتم فيه طلب النجدة. ورد عاشور على بعض المواطنين الذين أعابوا عبر صفحات التواصل الاجتماعي على فرق الحماية المدنية تأخر تدخلها لإخماد النيران ما أدى إلى اتساع المساحات المحروقة، كون الفرق كانت متواجدة إلى جانب أعوان الغابات في كل مرة تم طلب النجدة، غير أن عملية تموين الشاحنات من نقاط المياه، التي غالبا ما تكون بعيدة عن مكان الحريق، هو ما صعب من عمل فرق إخماد النيران. على صعيد آخر، نفى نائب مدير حماية الثروة الغابية أن تكون المسالك الغابية التي تم فتحها من طرف محافظات الغابات سبب في عرقلة عملية إطفاء الحرائق، من منطلق أنها أعدت بطريقة تسمح لسيارات رباعية الدفع بدخول كل المسالك بطريقة سهلة، كما تم إشراك ممثلي مصالح الحماية قبل اعتماد المخطط الوطني لمكافحة الحرائق للتعرف عن قرب على مكان تواجد المسالك ونوعيتها. كما اعترف المتحدث بصعوبة تنقل شاحنات الإطفاء التابعة للحماية المدنية بالنظر إلى طولها ووزنها الزائد، خاصة إذا علمنا أن الحرائق وقعت في مناطق جبلية ومنحدرات لا يمكن لمثل هذه الشاحنات التوغل فيها، لذلك وجب على أعوان الحماية المدنية اقتناء معدات وتجهيزات تتماشى مع تضاريس الغابات. وردا على انشغال أعوان الحماية المدنية بخصوص نقص منابع جمع المياه، أشار بومسعود إلى أن المشكل يعود بالدرجة الأولى إلى انخفاض مستوى المياه الجوفية، وهو ما جعل عددا كبيرا من المنابع المائية تجف في هذه الفترة، خاصة وأن الولايات الشرقية عرفت جفافا خلال فصل الشتاء الفارط. كما أجمعت كل من مصالح الحماية المدنية والمديرية العامة للغابات، على ضرورة إشراك المواطنين في عملية الإعلام عن اندلاع الحرائق والتحلي بحس المواطنة وعدم التسبب في اندلاع النيران بالنظر إلى خطورة ذلك على التنوع البيولوجي والخسائر الاقتصادية التي تنجم عنها. للتذكير، تنتظر المديرية العامة للغابات الصور الجديدة التي سترسل من طرف الوكالة الجزائرية للفضاء لتحديد حجم الخسائر في الغطاء النباتي، وهو ما يسمح باقتراح مخطط عمل لتجديد الغطاء النباتي من خلال غرس الأشجار.