كشف تحقيق جار بمحكمة «كريتاي» الفرنسية، عن فضيحة تجسس مصالح الاستعلامات المغربية على مسؤولين سامين جزائريين خلال الفترة الممتدة بين 2015 و2017، حيث أبانت التحقيقات القضائية حول قضية تخابر بين أعوان من فرنسا والمغرب، أن القضية تعدت جانب تبادل المعلومات حول الأشخاص المصنّفين في درجة الخطورة على الأمن القومي الفرنسي إلى المساس بالمصالح الجزائرية. نشرت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية أمس، معطيات جديدة حول قضية التجسس التي تورط فيها نقيب في مكتب شرطة الحدود الفرنسية بمطار أورلي الدولي بباريس، ومدير مؤسسة مختصة في مجال الأمن بنفس المطار وعون استعلامات مغربي، حيث كشفت التحريات بأن التعاملات والتبادلات السرية وغير الشرعية بين الأطراف الثلاثة لم تقتصر على نقل ملفات المغاربة المسجلين في البطاقية السرية أو ما يعرف ب»فيشيي أس» (يضم الأشخاص المشتبه فيهم والمطلوب وضعهم تحت المراقبة الشديدة)، بل تعدت ذلك إلى التجسس على الجزائر من خلال تبادل معطيات سرية حول تنقلات مسؤولين في الدولة الجزائرية. وأشارت الصحيفة التي سردت انطلاقا من تفاصيل التحقيقات التي تخوضها قاضية بمحكمة كريتاي سيناريو جريمة التخابر التي تورط فيها مسؤول مكتب شرطة الحدود بمطار أورلي المدعو «شارل د» الموقوف منذ 29 ماي المنصرم، ومدير شركة خاصة مختصة في مجال الأمن بالمطار «إدريس- أ» وعون مخابرات مغربي يدعى «محمد ب»، إلى أن الأشخاص لم تنحصر تعاملاتهم في تبادل الوثائق والمعطيات حول تنقلات الأشخاص المشتبه فيهم بالتورط في قضايا الإرهاب، عبر مطار أورلي من وإلى المغرب، بل تعدت ذلك إلى قضايا جوسسة أخرى مست المصالح الجزائرية، حيث تم العثور بمنزل مدير شركة الأمن ذي الأصول المغربية، على وثيقة شرطة الحدود الفرنسية تخص تنقل وزير جزائري إلى فرنسا ووثيقتين أخريين صادرتين عن مصالح السفارة الجزائريةلفرنسا تتعلقان بتنقل وزيرين آخرين إلى نفس البلد. وإذ لم تكشف الصحيفة الفرنسية في مقالها المنشور أمس، أسماء المسؤولين المعنيين إلا أن موقع «كل شيء عن الجزائر» أفاد استنادا إلى أحد الصحفيين الذين وقعا المقال بأن الأمر يتعلق بوزير التعليم العالي والبحث العلمي طاهر حجار، الوزير السابق للاتصال حميد قرين، ونائب الوزير الأول سابقا نور الدين زرهوني. ولم تخف المصالح الأمنية والقضائية المكلفة بالتحقيق في هذه القضية بأن الوثائق التي تخص تحركات المسؤولين الجزائريين خلال الأشهر الأولى من العام الجاري، والتي تم العثور عليها في بيت مدير شركة الأمن تحصل عليها هذا الأخير من مسؤول مكتب شرطة الحدود (كونغولي الأصل) من أجل تسليمها إلى عون المخابرات المغربي، لاسيما بعد تأكيد استفادة الشرطي الفرنسي من رشاوى كثيرة، تمثلت في مبالغ مالية وسفريات استجمام له ولعائلته بالمغرب، مقابل المعلومات السرية وتسهيلات لصالح أشخاص وشخصيات مغربية. الغريب في القضية حسبما نقلته صحيفة «ليبراسيون» هو أن مدير مكتب شرطة الحدود الموقوف الذي تم إلقاء القبض عليه عشية سفرية سياحية إلى أنغولا في إطار الهدايا المغربية، اعتبر فعلته عملا «وطنيا شريفا» باعتبار أنه يدخل في إطار ضمان الأمن القومي الفرنسي ومحاربة الإرهاب، على حد تعبيره.