لقيت مصادقة البرلمان بغرفتيه على قانون تعديل الدستور نهاية الأسبوع المنصرم ترحيبا واسعا من قبل المجتمَعَين السياسي والمدني في الجزائر، حيث أعربت عدة أحزاب سياسية وجمعيات ومنظمات وطنية عن اعتزازها بهذا الإجراء الذي جاء ليدعم المكاسب الديمقراطية ويرسخ الثوابت السامية للأمة. وحتى وإن حافظ البعض على موقفه بخصوص تعديل أعمق للدستور من خلال استفتاء شعبي واسع، فقد اعتبرت مختلف التشكيلات والتنظيمات الوطنية والمحلية أن التصويت القوي لنواب الشعب على هذا القانون، يعكس الموقف الجماهيري الواسع على اعتبار أن كل ما تضمنه القانون يهم كل الجزائريين، كما يترجم الرغبة الكبيرة لمختلف فئات وشرائح المجتمع المتطلعة إلى مزيد من المكاسب والانجازات، التي حققتها الجزائر على مختلف الأصعدة خلال السنوات الأخيرة، بفضل السياسة الرشيدة في تسيير شؤون الأمة، التي انتهجها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة منذ اعتلائه سدة الحكم في أفريل 1999، ناهيك عن عمل التعديلات المدرجة على الدستور على تدارك نقائص وقيود قانونية حملها دستور 1996 عنوة لاعتبارات ظرفية أملتها الضغوط السياسية التي سادت آنذاك. أما اليوم وقد تعافت الجزائر من محنتها ووقفت صامدة ومنتصرة على التحديات التي فُرضت عليها، فإن مبدأ الاستمرارية لتفعيل وتثمين كل هذه المكاسب أصبح يفرض نفسه كعامل ضروري للحفاظ على الاستقرار والمكانة المرموقة التي أصبحت تحتلها الجزائر في المحافل العالمية. كما جاءت المصادقة القوية على القانون المتضمن تعديل الدستور بنظر بعض التشكيلات السياسية، لتؤسس لانطلاقة فعلية في مسعى إعادة الكلمة للشعب وتجسيد سيادته الكاملة، سواء من خلال تكريس حقه المشروع في اختيار من يقود مصيره أو من حيث تحديد مضمون مؤسساته. فالتعديلات هذه التي بادر بها الرئيس بوتفليقة وزكاها نواب الأمة بالغالبية الساحقة الممثلة ب500 صوت من ضمن 529 صوتا، تضفي وبإجماع مختلف الفعاليات الوطنية، مزيدا من الانسجام والوضوح على المسؤوليات بين تشكيلتي الجهاز التنفيذي، كما تحدد وتوضح بشكل أكبر صلاحيات المؤسسات الدستورية التي تستمد منها الدولة قوتها. كما تبرز المكاسب التاريخية للتعديلات من خلال ما تضمنته من أحكام تصون رموز الثورة التحريرية وتصون كرامة الشهداء وذويهم وكرامة المجاهدين وتحافظ على الذاكرة الوطنية، وتكرس الحقوق السياسية للمرأة ومساواتها الحقيقة مع الرجل في المؤسسات المنتخبة، عرفانا لمجهوداتها في المقاومة، إبان الثورة وخلال مرحلة البناء والتشييد. واعتبرت غالبية الفعاليات الوطنية المباركة للحدث أن هذا الأخير جاء متوافقا مع المطالب التي رفعتها منذ سنوات والتي تعكس في أصلها مطلب الجماهير الواسع، المتطلع إلى ضمان استمرارية المكاسب المحققة على صعيد استعادة الجزائر لأمنها وعافيتها واستقرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وكذا لمكانتها المرموقة على الساحة الدولية. ورأت العديد من التنظيمات في هذا الإطار أن المكاسب الإضافية التي جاءت بها التعديلات المدرجة على القانون الأساسي للأمة، ترمي بالأساس إلى تكريس الحريات والحفاظ على مكونات الهوية الوطنية وانسجامها مع مسار الإصلاحات التي تعرفها البلاد، مسجلة بأن هذه الإصلاحات المدخلة على للدستور تخدم بشكل أفضل مصلحة الجزائر وتعزز مسارها الديمقراطي، الذي ينبغي دعمه من أجل الوصول إلى الانسجام التام مع التطورات الكبيرة الحاصلة على الصعيدين الوطني والدولي. وفي حين اعتبرت عدة تشكيلات سياسية ومنظمات وطنية، هذا الحدث التاريخي الذي حققه البرلمان بغرفتيه، مناسبة لتجديد التزامها بمواصلة دعمها للإصلاحات الشاملة التي تشهدها البلاد على مختلف المستويات، دعت الشعب الجزائري إلى الالتئام أكثر من أي وقت مضى، حول برنامج التقويم الوطني وتبني كل إجراء إصلاحي يهدف إلى تعزيز مكاسب الأمة ويضفي عليها مزيدا من الاستقرار والرقي، وإلى تجاوز الحسابات السياسوية الضيقة المقيتة، والانخراط في الأمل الجزائري الواعد لإتمام بناء دولة الحق والقانون. ولم تفوت جمعيات المجتمع المدني الفرصة لتجديد دعوتها الرئيس بوتفليقة للترشح لعهدة رئاسية ثالثة، من أجل مواصلة مسار المصالحة الوطنية واستكمال البرنامج الكبير للتنمية الوطنية الشاملة.