يصوت نواب البرلمان اليوم بقصر الأمم نادي الصنوبر، على مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور، وسط ترقب نيل الوثيقة لثقة جميع النواب، بالنظر إلى الانخراط التام للأحزاب والتشكيلات السياسية الممثلة في الغرفتين مع المسعى الرئاسي. فرهان التصويت على المشروع من قبل نواب الغرفيتين البرلمانيتين، طبقا لأحكام المادة ال176 من الدستور التي تشترط موافقة ثلاثة أرباع أعضاء البرلمان على التعديل، بمعنى 399 نائبا من أصل 533، يبدوا محسوما بالنظر للتأييد الواسع الذي حظي به المسعى من قبل العديد من التشكيلات السياسية، منذ الإعلان عنه من قبل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في افتتاحه للسنة القضائية الجديدة في 30 أكتوبر الماضي، ولا سيما من قبل أحزاب التحالف الرئاسي شكل التعديل مطلبا ملحا لدى بعضها على غرار حزب جبهة التحرير الوطني الذي رفع هذا المطلب منذ سنتين. والتحقت بالمسعى تشكيلات بعض أحزاب المعارضة على غرار حزب العمال الذي لم يتوان في الإعلان عن نيته في التصويت لصالح التعديلات، كما قررت الجبهة الوطنية الجزائرية عقب اجتماع نوابها مع رئيس الحزب أمس التصويت بنعم على المشروع. وما زاد من التئام التشكيلات السياسية حول مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور هو ما يشمله مضمون وثيقة التعديل من مكاسب إضافية كفيلة بتعزيز مقومات الأمة وإثراء النظام المؤسساتي وتكريس سيادة الشعب. وتتضمن وثيقة المشروع 13 مادة أساسية تخص تعديل 11 مادة من ناحية الشكل والمضمون، وإضافة مادة جديدة هي المادة 31 مكرر التي تنص على عمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة. كما يقترح المشروع إدراج مادة جديدة أخرى تشير إلى استبدال وظيفة "رئيس الحكومة" بوظيفة "الوزير الأول" في نحو 12 مادة تضمنت هذه التسمية. وبخصوص محور حماية رموز الثورة، نص التعديل الجديد المدرج المادة الخامسة من الدستور على أن "العلم الوطني والنشيد الوطني من مكاسب ثورة أول نوفمبر 1954 وأنهما غير قابلين للتغيير". بينما أضيفت للمادة 62 فقرة جديدة تشير إلى عمل الدولة على ترقية كتابة التاريخ، وتعليمه للأجيال الناشئة، وأضيفت جملة سابعة إلى المادة 178 التي تنص على أنه لا يمكن أي تعديل دستوري أن يمس برموز الجمهورية، وأنه "لا يجب المساس بالعلم الوطني والنشيد الوطني باعتبارهما من رموز الثورة والجمهورية". وفي حين تشير المادة 77 المعدلة إلى أن "الرئيس هو من يعين الوزير الأول والوزراء وينهي مهامهم، وأنه يمكن لرئيس الجمهورية أن يفوض جزءا من صلاحياته للوزير الأول لرئاسة اجتماعات الحكومة، إضافة إلى إمكانية تعيين عدة نواب للوزير الأول بغرض مساعدة الوزير الأول في ممارسة وظائفه وينهي مهامه أو مهامهم". تحدد المواد من 79 إلى 81 والمواد 85،87 و90 مهام نشاط الوزير الأول. أما التعديل المدرج في المادة 74 والرامي إلى تكريس إرادة الشعب وسلطته في اختيار من يقود مصيره ويجدد فيه الثقة بكل سيادة، فقد مس الفقرة الثانية من المادة الأصلية والتي تنص على أنه"يمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية"، دون أي تغيير على فترة المهمة الرئاسية المحددة بخمس سنوات. ويرأس جلسة التصويت على المشروع اليوم رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح ويساعده في تسييرها مكتبا البرلمان بغرفتيه العليا والسفلى، وتفتتح أشغال الجلسة بالمصادقة على مشروع النظام الداخلي، ثم تقديم رئيس الحكومة السيد أحمد أويحيى للعرض المفصل حول القانون المتعلق بتعديل الدستور، ليتم بعد ذلك التصويت على المشروع من قبل ممثلي الشعب، بصيغة رفع الأيدي. ويأتي انعقاد هذه الجلسة العامة تنفيذا للمرسوم الرئاسي المتضمن استدعاء البرلمان للاجتماع بغرفتيه، وذلك على إثر الرأي المعلل الذي أصدره المجلس الدستوري يوم 7 نوفمبر 2008 حول القانون المتضمن تعديل الدستور طبقا للإجراء المنصوص عليه في المادة 176 من الدستور. وكان المجلس الدستوري قد أكد في بيان له استيفاء مشروع القانون المتضمن التعديل الدستوري لجميع الشروط الإجرائية المحددة في الدستور، فاسحا المجال بذلك للبرلمان لاستكمال الإجراءات التنظيمية التي شملت بالأساس، تشكيل اللجنة البرلمانية المشتركة المكلفة بالتحضير للاجتماع، وفقا للمادة 100 من القانون العضوي المنظم للعلاقات بين غرفتي البرلمان والحكومة، والتي تكفلت بإعداد النظام الداخلي لسير أشغال الدورة وإعداد التقرير الأولي حول مبادرة التعديل الدستوري الذي سيعرض على اجتماع اليوم. يذكر أن الجلسة البرلمانية المخصصة اليوم للتصويت على مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور تعد الثانية من نوعها في تاريخ البرلمان التعددي في الجزائر بعد اجتماع 8 أفريل 2002 الذي تم خلاله التصويت على مشروع القانون المتضمن دسترة اللغة الأمازيغية كلغة وطنية.