وقع رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس على المرسوم الرئاسي المتضمن استدعاء البرلمان للاجتماع بغرفتيه يوم الأربعاء المقبل بقصر الأمم نادي الصنوبر، من أجل التصويت على مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور، فيما نصب رئيس مجلس الأمة اللجنة البرلمانية المشتركة التي تتولى تنظيم وتسيير جلسة التصويت. وقد جاء استدعاء الرئيس للبرلمان للاجتماع بغرفتيه، مطابقا لأحكام الدستور والقانون العضوي رقم 99-02 المؤرخ في 8 مارس 1999، والمحدد لتنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، حسبما اوضحه بيان رئاسة الجمهورية، الذي أشار إلى أن جدول أعمال دورة البرلمان المجتمع بغرفتيه يوم الأربعاء يتضمن عرض مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور والتصويت عليه طبقا للمادة 176 من الدستور. كما يندرج هذا الإجراء الدستوري الذي يتم اللجوء إليه لثاني مرة في الجزائر بعد تلك التي خصت دسترة الامازيغية في 8 أفريل 2002، ضمن الخطوات القانونية التي يشملها مسار إدخال التعديلات الجزئية والمحدودة التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة في خطابه في افتتاح السنة القضائية نهاية أكتوبر المنصرم، والذي كان قد بدأ بتقنين المحاور المتضمنة للتعديلات وإصدارها في صيغة مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور، والذي تم التصديق عليه من قبل مجلس الوزراء في 3 نوفمبر الجاري وإخطار رئيس المجلس الدستوري بشأنه في نفس اليوم، وذلك بغرض معاينته ومطابقته للدستور. وبعد انقضاء عملية المداولة التي استغرقت 5 أيام برئاسة رئيس المجلس السيد بوعلام بسايح، اصدر المجلس الدستوري في بيان له أول أمس رأيه المعلل بشأن مشروع القانون المتضمن التعديل الدستوري، مؤكدا بأن هذا الأخير يستوفي جميع الشروط الإجرائية المحددة في الدستور، وانه "لا يمس البتة بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما ولا يمس بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات العمومية". ويعد استيفاء مضمون مشروع القانون المتضمن التعديل الدستوري، للمبادئ القانونية والشروط الإجرائية المحددة في الدستور، المبرر الرئيسي لالتفاف العديد من التشكيلات السياسية حول المشروع وإعلان تجندها المطلق للتصويت بالإيجاب على التعديلات، حيث أعلنت عدة جمعيات ومنظمات وطنية تأييدها الكامل لمبادرة رئيس الجمهورية، مثمنة المحاور المتضمنة في هذا التعديل الذي يهدف بالأساس إلى تعزيز المكتسبات الوطنية. وفي هذا الإطار فقد نادت الهيئة التنسيقية للكتل البرلمانية لأحزاب التحالف الرئاسي، بالتجند من اجل التصويت بقوة على هذه التعديلات التي تفتح، حسبها، آفاقا واسعة "لتعزيز بناء دولة القانون وصون المكتسبات الوطنية وتجسيد سلطة الشعب وترقية المسار الديمقراطي". كما أكد حزب العمال في ختام أشغال مجلسه الوطني أن كتلته البرلمانية ستصوت "بنعم" على التعديلات الدستورية المقترحة من طرف رئيس الجمهورية، دفاعا عن السيادة الوطنية، ومن جهته علل الحزب موقفه بكون مضمون التعديلات الدستورية المقترحة لا يمس بالسيادة الوطنية للجزائر ولا بوحدة واستمرارية الجمهورية ولا بالحقوق السياسية المكتسبة، كما سجل بأن هذه التعديلات لا تعبر عن أي تقهقر بالنسبة للمكتسبات في أي مجال كان. للإشارة فإن مضمون التعديل الجزئي للدستور يشمل بالأساس، دسترة مميزات العلم الوطني والنشيد الوطني بكامل مقاطعه، واعتبارهما من رموز الثورة والجمهورية، التنصيص ضمن الدستور على ترقية كتابة التاريخ وتعليمه للأجيال الناشئة، دعم الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة، تمكين الشعب من ممارسة حقه كاملا في اختيار من يقود مصيره وتجديد الثقة فيه بكل سيادة، وكذا اعتماد تنظيم جديد للسلطة التنفيذية من الداخل من خلال استبدال وظيفة رئيس الحكومة بوظيفة الوزير الاول واستحداث وظيفة نائب أو عدة نواب للوزير الاول، مع إنشاء ميكانيزمات أخرى تضفي مزيدا من الوضوح على العلاقة بين رئيس الجمهورية والوزير الاول. وفور توقيع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أمس على المرسوم الرئاسي المتعلق باستدعاء البرلمان للاجتماع بغرفتيه، قام رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح بتنصيب اللجنة البرلمانية المشتركة المنصوص عليها في المادة 100 من القانون العضوي المنظم للعلاقات بين غرفتي البرلمان والحكومة. وتتولى هذه اللجنة البرلمانية المشكلة من مكتبي مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني، ويرأسها السيد عبد الرزاق بوحارة، بينما تم انتخاب السيد مسعود شيهوب مقررا لها، إعداد قواعد سير اجتماع الأربعاء المقبل بقصر الأمم المخصص للتصويت على التعديل الدستوري، من خلال إعداد مشروع النظام الداخلي لجلسات البرلمان وكذا التقرير الخاص بمبادرة رئيس الجمهورية.