كشف المدير العام للخزينة العمومية فيصل تدنيت، أول أمس، أن الخزينة العمومية بحاجة إلى حوالي 570 مليار دينار لتغطية عجزها المالي إلى غاية نهاية 2017، مؤكدا أن التمويل غير التقليدي هو أداة مالية «فعّالة» لعودة التوازنات الميزانياتية «إن أحسن استغلالها»، مشيرا إلى أن ما يضمن نجاح العملية هو الإسراع في تنويع الاقتصاد الوطني، مهونا من مخاطر التضخم التي سينجر عنها اللجوء إلى هذا النوع من التمويل، باعتبار أن الأموال ستوجه إلى الاستثمار وليس دفع أجور الموظفين. وخلال عرضه للوضعية المالية للخزينة العمومية أمام لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، أوضح أن قانون المالية ل2017 كان قد ارتقب إيرادات بحوالي 6.002 مليار دينار و7.115 مليار دينار من النفقات وبالتالي تسجيل عجز بحوالي 1.113 مليار دينار، هذا الأخير تغطيه الخزينة العمومية بشكل جزئي، مؤكدا أنه لم يتبق من هذا العجز إلا حوالي 570 مليار دينار التي يجب تغطيتها، وانطلاقا من هذا المعطى كانت الحاجة إلى تعديل القانون المتعلق بالقرض والنقد. وبخصوص هذا التعديل قال السيد تدنيت إن «التمويل غير التقليدي هو تقنية مالية معروفة ونجاعتها معترف بها في ظروف معينة»، مضيفا « نحن الآن في ظروف تستوجب علينا التوجه نحو هذا النوع من التمويل». وحول تداعياته قال إنه «إذا كان بعض الخبراء يركزون على إبراز سلبيات هذا التمويل فإن خبراء آخرون يقولون إنه أداة يمكن أن تكون فعّالة إذا أحسن استغلالها، ونحن في وضعية تستوجب استخدامه بما أن الاقتراض الأجنبي غير متاح». التحكم في النفقات ضروري للتحكم في التمويل غير التقليدي أما فيما يخص الشروط التي يجب توفيرها لضمان السير الحسن لهذه العملية، فأكد أن التحكم في النفقات العمومية هو أفضل طريقة للتحكم في هذا التمويل، مبرزا أن العجز المسجل يخص ميزانية التجهيز وليس ميزانية التسيير، وبالتالي «يجب الإنفاق في المشاريع ذات المردودية الكبيرة». وفي عرضه لأسباب العجز المالي المسجل حاليا، قال المدير العام للخزينة العمومية، إن تدني أسعار البترول منذ منتصف 2014 كان له أثر كبير على تدنّي العائدات المالية للخزينة العمومية خصوصا عائدات الجباية البترولية، لافتا إلى أنه وبالرغم من هذه الوضعية واصلت الحكومة جهودها في مجال الاستثمار العمومي بهدف التنمية للحفاظ على نسبة النمو الاقتصادي في مستوى مقبول والحفاظ على مناصب الشغل ما أدى إلى ارتفاع نسبة العجز. ولتغطية العجز تم اللجوء -حسب المتحدث- إلى مجموعة من الأدوات النقدية والمالية من أجل تعبئة موارد إضافية، منها أموال دفع فوائد بنك الجزائر للخزينة العمومية (610 مليار دينار في 2015 و919 مليار دينار في 2016 ) وتسبيقات من بنك الجزائر لفائدة الخزينة العمومية (276 مليار دينار في 2015 و280 مليار دينار في 2016)، و الأموال المحصلة في عملية القرض السندي للنمو الاقتصادي (580 مليار دينار)، زيادة على قرض خارجي لدى البنك الإفريقي للتنمية (105 ملايير دينار). وأضاف أن تراجع الإيرادات المالية واستمرار الإنفاق العمومي في مستوى عال، أدى إلى اللجوء إلى مدخرات صندوق ضبط الإيرادات لتغطية العجز المالي، مبرزا في شرحه أن حجم الأموال التي تم اقتطاعها منه (صندوق ضبط الإيرادات) كانت كالتالي : 1.132 مليار دينار في 2013 ثم 2.965 مليار دينار في 2014 ثم 2.886 مليار دينار في 2015 ثم 1.387 مليار دينار في 2016 بعدها استخدم ما تبقى كمستوى أدنى لهذا الصندوق أي 784 مليار دينار في بداية 2017. الإعفاءات الضريبية للمستثمرين تكلف 220 مليار دج سنويا وبعد العرض الذي قدمه السيد تدنيت، ارتكزت تدخلات أعضاء لجنة المالية والميزانية حول حجم الأموال التي سيتم حشدها بعد تفعيل آلية التمويل غير التقليدي ونسبة التضخم المرتقبة وضمانات الخزينة العمومية للتحكم في هذا التمويل وخسائر الخزينة العمومية من جراء الإعفاءات الضريبية ونسب الفوائد المخفضة لصالح المستثمرين، وكذلك استرجاع الجزائر للأموال التي منحت في شكل قروض للدول الأجنبية. وفي رده قال المدير العام للخزينة العمومية إن حجم الأموال التي تفقدها الخزينة والمنجر أساسا عن الإعفاءات الضريبية ونسب الفوائد المخفضة على قروض البنوك المقررة من طرف الدولة لصالح المستثمرين العموميين والخواص وحتى المؤسسات الصغيرة و المتوسطة المستحدثة من طرف الشباب بغية تحفيز ودعم الاستثمار يتراوح ما بين 210 و220 مليار دينار سنويا ويمكن أن يرتفع إلى 300 مليار دينار في غضون سنة 2018. أما بخصوص إجمالي الأموال التي سيتم حشدها من التمويل غير التقليدي، قال إن المبلغ الدقيق لم يتم تحديده بعد،مشيرا إلى أن الوزير الأول قد أمر الولاة على المستوى المحلي بتقييم كل ما يجب تمويله في الآجال القريبة ما سيسمح بمعرفة الحجم الحقيقي للاحتياجات لاحقا. وفي رده على القراءات التي تروج لبروز التضخم بعد تفعيل التمويل غير التقليدي، فقال إن الأموال التي سيتم حشدها بعد تطبيق هذه الآلية ستوجه لميزانية التجهيز أي لإنجاز المشاريع وأموال الجباية العادية لتمويل نفقات ميزانية التسيير في حدود 75 بالمائة، ومن المنتظر أن تبلغ 85 بالمائة في 2018، وبالتالي لن يتم ضخ الأموال لتسديد أجور الموظفين ما من شأنه أن يقلل من مخاطر التضخم. أما فيما يتعلق بالضمانات حول التمويل غير التقليدي، فأشار إلى أن «الضمان الوحيد هو الإسراع في تنويع الاقتصاد الوطني»، وتحدث كذلك عن رفع نسب الفوائد لدى البنوك لجذب رؤوس الأموال وإطلاق المصرفة الإسلامية في البنوك لاستقطاب المدخرات ما يزيد في حجم السيولة النقدية، وكلها عوامل تؤدي إلى تحسين الوضعية المالية للبلاد. وبخصوص استرجاع الجزائر لأموالها المقدمة في شكل قروض للبلدان الأجنبية، قال السيد تدنيت، إن العملية تسير بطريقة عادية ووفق ما تم الاتفاق عليه مستدلا بمثال القرض الذي قدمته الجزائرلكوبا الذي قال بشأنه «كوبا اقترضت من الجزائر وهي تدفع دينها بصفة عادية مثلما اتفق عليه». أما فيما يخص التسبيقات التي استفادت منها الخزينة العمومية من قبل بنك الجزائر (276 مليار دينار في 2015 و280 مليار دينار في 2016)، أكد أنه تم تسديدها في آجالها المحددة من قبل الخزينة العمومية لصالح بنك الجزائر.