دخلت آلية التمويل غير التقليدي حيز التنفيد مع صدور القانون المعدل والمتمم لأمر 11-03 المتعلق بالقرض والنقد، أمس، في العدد 21 للجريدة الرسمية، ليتلقى بذلك بنك الجزائر الضوء الأخضر للشروع في شراء السندات المالية للخزينة، بغرض تمكينها من تغطية احتياجات التمويل وتسديد الدين العمومي وتمويل الصندوق الوطني للاستثمار، وذلك خلال فترة محددة بخمس سنوات، يرتقب أن تفضي إلى إعادة التوازن لميزانية الدولة وتمكن بالتالي من تجاوز الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها البلاد. وتضمن العدد الأخير للجريدة الرسمية نص القانون 10-17 الموقع من قبل رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، في 11 أكتوبر الجاري، المتمم للأمر 11-03 الصادر في 2003 والمتعلق بالنقد والقرض. حيث ينص هذا القانون الذي تمت المصادقة عليه في جلسات «استعجالية» لغرفتي البرلمان قبل أيام على أن أحكام الأمر 11/03 تتمم بالمادة 45 مكرر، التي تشير إلى أنه «بغض النظر عن كل الأحكام المخالفة يقوم بنك الجزائر ابتداء من دخول هذا الحكم حيز التنفيذ بشكل استثنائي ولمدة خمس (5) سنوات بشراء مباشرة عن الخزينة، السندات المالية التي تصدرها هذه الأخيرة من أجل المساهمة على وجه الخصوص في، تغطية احتياجات تمويل الخزينة، تمويل الدين العمومي الداخلي، تمويل الصندوق الوطني للاستثمار..»، وتضيف ذات المادة «تنفذ هذه الآلية لمرافقة تنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والميزانية والتي ينبغي أن تفضي في نهاية الفترة المذكورة أعلاه كأقصى تقدير إلى، توازنات خزينة الدولة، توازن ميزان المدفوعات»، كما تنص نفس المادة في فقرتها الثالثة، على أنه «تحديد آلية متابعة تنفيذ هذا الحكم من طرف الخزينة وبنك الجزائر عن طريق التنظيم». وفيما يتنظر أن يصدر في الساعات القادمة المرسوم الرئاسي الذي يؤسس لآلية متابعة آلية التمويل غير التقليدي، يرتقب أن يتم بعث عمل تنسيقي بين الهيئات المالية المختصة لضبط الحصة الأولى من الاحتياجات المالية، التي ستشمل فضلا عن القيم غير المسددة من قبل مصالح الدولة على المستوى المحلي، والتي أشار بخصوصها الوزير الأول أحمد أويحيى أثناء عرضه لنص القانون أمام البرلمان إلى أن عمل تقييمي جاري بين السلطات المركزية والإدارت المحلية لجردها وضبطها، فضلا عن الحصص المالية التي سيتم توجيهها لتغطية ديون بعض المؤسسات العمومية الكبرى التي تم التنصيص عليها في مشروع قانون المالية لسنة 2018، وكذا تلك التي سيتم الاعتماد عليها لإعادة بعث المشاريع الاجتماعية التي قررت الدولة رفع التجميد عنها. وتعتبر آلية التمويل غير التقليدي أو الاستدانة الداخلية أو ما يعرف عند عموم الناس «بطبع الأوراق النقدية»، آلية تمويل داخلية وسيادية، تجنب الدولة مخاطر الاستدانة الخارجية وتسمح بتغطية العجز الميزانياتي ومواجهة الاختلالات الظرفية في التوازنات المالية، خلال مدة زمنية مضبوطة. وقد قررت الجزائر تحديد مهلة اللجوء إلى هذه الآلية ب5 سنوات وذلك تماشيا مع الآجال المسطرة لتنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية الهيكلية، التي تشمل إصلاح الأنظمة البنكية والمصرفية وإصلاح النظام الجبائي. وضمانا للمتابعة الدقيقة لتداعيات اللجوء إلى هذا النمط من التمويل غير التقليدي، قررت الدولة تشكيل آلية متابعة ستشرف على مراقبة تنفيذ الآلية وكذا الأثار الناجمة عنها، لاسيما على مستويي قيمة العملة الوطنية والتضخم، وهي الآثار التي حذرت منها العديد من الأطراف سواء من سياسيين أو خبراء اقتصاديين وماليين الذين تحفظوا على هذا النمط من التمويل، متوقعين أن يتسبب في تقليص حاد في قيمة الدينار وفي تسجيل نسب عليا من التضخم، الأمر الذي ردت عليه الحكومة بتاكيد حرصها الشديد على المتابعة الصارمة لهذه الآثار وغيرها من توجهات مؤشرات النمو، متوقعة في سياق متصل استقرارا في نسبة التضخم خلال السنوات القليلة القادمة.