اقتصرت تعديلات الحكومة لقانون النقد والقرض على مادة واحدة فقط، هذه المادة التي من شأنها أن تسمح لبنك الجزائر القيام بعمليات شراء سندات الخزينة العمومية في سياق يضمن للحكومة اللجوء إلى الهيئة المالية ذاتها من أجل تغطية عجز ميزانية الدولة، إلا أنها في نفس الوقت ترخص لعمليات طبع النقود المحفوفة بمخاطر كبيرة منها ارتفاع نسبة التضخم وتراجع رهيب للقدرة الشرائية للدينار. وحسب مضمون المشروع التمهيدي لقانون يتمم الأمر رقم 03-11 المعلق بالنقد والقرض، الذي تحوز الشروق نسخة منه، فقد اقتصر التعديل على المادة 45 من القانون فقط، حيث تؤكد هذه المادة بعد التعديل أنه بغض النظر عن حكم مخالف سيقوم بنك الجزائر ابتداء من دخول هذا الحكم حيز التنفيذ، بشكل استثنائي ولمدة 5 سنوات بشراء مباشر من الخزينة للسندات المالية التي تصدرها هذه الأخيرة، من أجل المساهمة في ثلاث عمليات، أولها تغطية احتياجات تمويل الخزينة، وثانيها تمويل الدين العمومي الداخلي، وآخرها تمويل الصندوق الوطني للاستثمار. ويشير مشروع النص القانوني إلى أن هذه الآلية توضع لمرافقة انجاز برنامج الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والميزانية، التي ينبغي أن تفضي في نهاية فترة الخمس سنوات كأقصى تقدير إلى استعادة توازنات خزينة الدولة وتوازن ميزان المدفوعات، وحسب النص دائما فآليات متابعة تنفيذ هذا الحكم من طرف الخزينة وبنك الجزائر، سيتم تحديدها عن طريق نصوص تنظيمية. وبعيدا عن الإجراء الجديد الذي لجأ إليه أويحيي، لإيجاد مصادر تمويل جديدة داخلية وغير تقليدية، وتفادي الاستدانة الخارجية، يذهب العديد من الخبراء إلى انتقاد هذا الإجراء، ويضعونه في الخانة المحفوفة بالمخاطر الكبرى، حيث يؤكد المتابعون للشأن المالي والاقتصادي أن الإجراء ما هو إلا تجميل لعمليات طبع النقود المحفوفة بمخاطر ارتفاع نسبة التضخم وتراجع رهيب للقدرة الشرائية للعملة الوطنية على اعتبار أن عمليات طبع كتل نقدية جديدة ليس هناك ما يقابلها في السوق المالية. وحسب المتابعين فإن الإجراء الذي فرضه نضوب الموارد المالية لصندوق ضبط إيرادات المحروقات الذي كان ملجأ الحكومة طيلة العشر سنوات السابقة لتغطية عجز الميزانية وإدراج الرئيس بوتفليقة الاستدانة الخارجية في خانة الخط الأحمر، تفضل حكومة أويحيى اللجوء إلى الحل الأخطر. الحكومة ستدفع بنك الجزائر إلى شراء سندات الخزينة في ظل التراجع المتواصل لموارده المالية في السنوات الثلاث الماضية، وسيفتح هذا الإجراء المجال لطبع النقود من غير أن يقابله أي إنتاج وهو ما يعتبر تضخيما للكتلة النقدية في الاقتصاد الوطني ويعد معادلة تؤدي حتما إلى الزيادة في نسبة التضخم. هذا الإجراء الذي لا يحتمل سوى سيناريو واحد هو استمرار انهيار قيمة الدينار التي شهدت سقوطا حرا، منذ منتصف سنة 2014 حين كانت تعادل 79 دينارا مقابل دولار واحد، ثم تقهقرت في السنوات الثلاث الأخيرة، لتصبح العملة الأمريكية حاليا تعادل 111 دينار.
ومعلوم أن أسمى مهام بنك الجزائر مثله مثل باقي البنوك المركزية في التحكم في نسبة التضخم والعمل على استقرار قيمة العملة الوطنية، ومن خلال تعديل قانون النقد والقرض الذي يحمل الطابع الاستعجالي حسب ما ذهب إليه رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح لدى افتتاح الدورة البرلمانية، سيتم دفع هذه الهيئة المالية إلى الإخلال بإحدى أهم وظائفها المتعلقة كذلك بحماية القدرة الشرائية للمواطن من خلال خفض نسب التضخم واستقرار قيمة الدينار في حال لم تتمكن من رفعها.