نبه فلاحو ولاية تيارت، السلطات الوصية، إلى تخوفهم من توقع سنة بيضاء بخصوص إنتاج القمح لعدة اعتبارات، تخص الأولى الجفاف الذي يعاني منه الفلاحون، بالإضافة إلى صعوبة استفادتهم من امتيازات القرض "الرفيق" بسبب الديون المتراكمة عليهم لدى وكالات بنك الفلاحة والتنمية الريفية "بدر"، لتزيد مشاكلهم تعقيدا بصعوبة الحصول على الأسمدة الكيماوية، خاصة وان الفترة الحالية فترة حرث وتستوجب معالجة الأرض..علما أن الولاية معروفة بإنتاج الحبوب وتدعم الإنتاج المحلي سنويا ب 10 بالمائة من القمح، وهو ما يساوي 1,3مليون طن سنويا، وأمام هذه العقبات طالب الفلاحون بتدخل وزارة الفلاحة لحل مشاكلهم ومساعدتهم على مواصلة نشاطهم الزراعي الذي بدأ يتراجع بالولاية المعروفة بخصوبة أراضيها. يتوقع عدد من كبار فلاحي ولاية تيارت، انخفاض إنتاج الولاية بخصوص القمح للسنة القادمة، بسبب عدة عقبات تواجههم في موسم الحرث والبذر للسنة الجارية، أهمها عدم استفادة 80 بالمائة من الفلاحين من امتيازات القرض " الرفيق "، وفي هذا الشأن يقول السيد ملياني أمين ولائي باتحاد الفلاحين الجزائريين، انه بعد أن استبشر الجميع خيرا على خلفية قرار الإعلان عن مشروع لمساعدة الفلاحين بالدعم المالي من غير فوائد، اصطدموا برفض البنك قبول ملفاتهم بسبب الديون المتراكمة على الفلاح، والتي تعود على حد تعبير المتحدث إلى سنوات الإرهاب، حيث وجد الفلاح نفسه وحيدا لمواجهة مشاكله المالية واضطر للتوجه إلى المؤسسات المصرفية، وبعد عودة الأمن اصطدم من جديد بالمطالبة بدفع الضرائب التي تعود لأكثر من عشر سنوات خلت، وهي التي عرفت بجفافها، وهو ما جعل الإنتاج الفلاحي ضعيفا مقارنة بالتكاليف. ويرجع فلاحو المنطقة سبب فشل المشروع بولايتهم، إلى عدم إشراك الفلاحين في وضع خطوطه العريضة. وبخصوص وضعية الفلاحة بالولاية، يقول مصدرنا، أن مديرية الفلاحة تحصي 33 ألف فلاح ومرب موزعين على 756 ألف هكتار يتم حاليا حرث 320 ألف هكتار منها فقط، بسبب صعوبة الحصول على الأسمدة الكيماوية، حيث فضل عدد كبير من الفلاحين الاستغناء عنها والرجوع إلى التقاليد القديمة في معالجة الأرض من خلال استخدام فضلات الحيوانات وحرث الأرض وتركها لمدة سنة كاملة لترتاح، والسبب يعود بالدرجة الأولى إلى ارتفاع تكاليف شراء الأسمدة والمقدرة ب 8000 دج للقنطار الواحد، بالإضافة إلى الإجراءات الجديدة المطبقة والتي تتطلب توفير عدد كبير من الوثائق الإدارية والتنقل لأكثر من مرة إلى مصالح المناجم للحصول على الترخيص ثم الانتظار لفترة إضافية إلى غاية تخصيص يوم آخر لنقل هذه الأسمدة إلى الأراضي التي تقع بأرياف الولاية، وهو ما يتطلب أكثر من ثلاثة أشهر من الذهاب والإياب وسط بيروقراطية الإدراة، لذلك فضل عدد كبير من الفلاحين التخلي بتاتا عن الأسمدة وتعويضها بما كان يقوم به الأجداد لمعالجة الأراضي الفلاحية. كما تطرق محدثنا إلى مشكل ارتفاع أسعار وسائل الإنتاج، فتأجير مثلا حاصدة يكلف الفلاح 2000 دج للساعة الواحدة وتبلغ تكلفة حصد هكتار واحد 30 ألف دج، وقد لا يتمكن الإنتاج من تغطية كل تكاليف. ويبقى الجفاف التي تعاني منه الولاية المشكل رقم واحد على حد تعبير عدد من الفلاحين الذين تقربنا منهم بعين المكان، حيث سجل في الفترة الأخيرة جفاف بئر إلى اثنين لكل فلاح بسبب انخفاض مستوى المياه الجوفية بالمنطقة، وهو ما يعني ارتفاع تكليف الإنتاج مرة أخرى بالنسبة للفلاح البسيط الذي أصبح مضطرا لتأجير الشاحنات بالصهاريج لسقي الأشجار المثمرة.. علما أن العديد منها اتلف مؤخرا بسبب نقص المياه للسقي، وبخصوص السدود الممونة للولاية، يقول الفلاحون الذين تقربنا منهم أنها اثنان، الأول موجه للشرب وهو سد "بن خدة " أما الثاني المخصص للسقي فهو سد" الدامو" ، ولا يمكن للعديد من الفلاحين الاستفادة منه بسبب بعده عن أراضيهم، وقد طالبوا الجهات الوصية أكثر من مرة بإنجاز مشاريع لتحويل مياه السد إلى الضفة الثانية، لكن الطلب بقي حبيس الإدراج، في الوقت الذي سيهدد جفاف الآبار إنتاج القمح للسنة القادمة، حيث يتوقع الفلاحون انخفاض الإنتاج بأكثر من النصف. ولقضية التأمين جانب آخر من انشغالات الفلاح التيارتي على غرار كل الفلاحين، حيث بعد إقرار إجبارية التأمين بصناديق الضمان الاجتماعي لغير الأجراء، وجد عدد منهم خاصة حديثي العهد بالنشاط الفلاحي، مؤمنين لدى الصندوقين للتأمين عن الأجراء وغير الأجراء، ويتعلق الأمر بالمتقاعدين من الإدراة والذين عادوا لاستغلال أراضيهم الفلاحية، حيث عند تقربهم من مصالح الديوان الوطني للحبوب للاستفادة من البذور طلب منهم التأمين بصندوق التأمين لغير الأجراء للحصول على البذور، وهو ما جعلهم يتساءلون عن الصندوق الذي سيعوض الفلاح في حالة وقوع كوارث طبيعية، بالإضافة إلى ذلك هناك عدد من الفلاحين ممن هم مؤمنون لدى الصندوق الوطني للتعاون الفلاحي، ومع إجبارية التأمين لدى صناديق الضمان الاجتماعي لغير الأجراء ارتفعت قيمة التعويض لدى البعض إلى 170 ألف دج، وهو ما رفضه الفلاح الذي يفضل استغلال هذه التكاليف في اقتناء البذور ووسائل الإنتاج، كما أن ثقافة الفلاح البسيط تجعله يرفض التعامل مع مصالح التأمين من منطلق أنها "ربا" على حد تعبير السيد ملياني، الذي أقر بصعوبة تحسيس الفلاح بوجوب التأمين على نفسه وإنتاجه. أما عن التخوف الذي يطرح بشدة بولاية تيارت، فهو المشاكل المالية التي يعاني منها صندوق التعاون الفلاحي بنك، حيث يقول عدد من الفلاحين المكتتبين بالصندوق والذين تحصلوا على قروض بنكية عبر وكالاته بالولاية، أن الصندوق يعتبر الوحيد الذي يهتم بالنشاط الفلاحي، كما أن نسبة الفوائد المطبقة لا تتجاوز 8 بالمائة مقارنة بما هو مطبق عبر باقي المؤسسات المصرفية، ويصف المتحدثون الصندوق بالمؤسسة المالية الوحيدة التي تعنى بانشغالات الفلاح.