تم رسميا، أمس، إطلاق اسم الراحل «محمد فوزي» على المعهد الوطني العالي للموسيقى بحضور وزيري الثقافة والمجاهدين ووالي العاصمة وشخصيات وطنية، إضافة إلى الوفد المصري الذي تقدّمه حفيد الراحل فوزي، وهو الأستاذ عمرو منير فوزي. وكانت المناسبة فرصة لاستعراض مسيرة هذا الملحن الذي ارتبط اسمه بنشيد «قسما». دُشنت بمدخل بهو المعهد جدارية تحمل صورة الراحل محمد فوزي ونبذة عن مساره الفني، وإلى جنبها قرار رئيس الجمهورية الخاص بإطلاق اسم هذا الفنان على المعهد كعرفان لما قدمه للجزائر. وفي كلمته الترحيبية أشار مدير المعهد السيد عبد القادر بوعزارة إلى أن المبادرة تعكس مدى ترابط أواصر المحبة بين الجزائر والشقيقة مصر، خاصة فيما تعلّق بجانب الرموز الوطنية والشخصيات التي تمثل تاريخا مشتركا، معرّجا على قرار الرئيس الخاص بتسمية المعهد الوطني العالي للموسيقى باسم الراحل محمد فوزي، معتبرا ذلك بمثابة عرفان من الجزائر لمن قدم لها الدعم. كما توقّف بوعزارة عند شاعر الثورة مفدي زكريا صاحب الكلمات المجلجلة، معرفا بنضاله وعطاءاته التي كُللت ب «قسما». كما لم ينس المتحدث أن يذكر اسمي الراحلين محمد التوري ومحمد التريكي، اللذين ساهما بالجهد لتلحين «قسما». عن الراحل فوزي دائما، أشار المتحدث إلى أن هذا الملحن الكبير دفع مستحقات العازفين من جيبه، كما تنازل عن مستحقاته. ولم ينس المتحدث ذكر اسم الراحل هارون الرشيد الذي كان له الفضل في تلحين المدخل الموسيقي المدوي للنشيد؛ مما زاده قيمة فوق قيمة هذا النشيد الذي كُتب بدماء الشهداء. من جهته، أكد وزير الثقافة عز الدين ميهوبي أن المبادرة عرفان من الشعب الجزائري للراحل محمد فوزي، إضافة إلى منحه وسام الاستحقاق الوطني، كيف لا واسمه مرتبط ب «قسما» الذي يُعزف كل صباح. وقد حيّا بالمناسبة عائلات من ساهموا في توقيع «قسما»، وهي عائلة محمد فوزي ومفدي زكريا وهارون الرشيد. كما أعلن الوزير في سياق حديثه، عن مساعي الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة لاستعادة حقوق النشيد الوطني للدولة الجزائرية. بعدها تم إهداء آلة موندولين للسيد عمرو، عزف عليها الطالب كسيلة مقاطع موسيقية جزائرية ومصرية. كما أدت أوركسترا المعهد النشيد الوطني كاملا، ثم أغنية «بالله يا حمامي»؛ ترحيبا بالحضور. على هامش الاحتفالية التقت «المساء» بالسيدة لمياء محمود رئيس شبكة «صوت العرب»، التي عبّرت عن سعادتها بهذه الزيارة للجزائر، وبتكريم الراحل محمد فوزي الذي ساهم في رائعة «قسما» الذي خرج من «صوت العرب» سنة 1956، وتحمّل تكاليفه الراحل فوزي وسجل بأستوديو «صوت العرب». وبعد 51 سنة على وفاته ها هو هذا الملحن يلقى الوفاء من الجزائر التي عشقها وآمن بثورتها المجيدة. وعن «صوت العرب» قالت السيدة لمياء: «لقد تم إعلان بيان 1 نوفمبر على أمواج «صوت العرب» في أول يوم للثورة. وقبلها بأشهر كان عندنا أبرز زعماء الثورة الجزائرية. وأقول إن هذه الإذاعة لم تكن ناقلا فقط، بل كانت مشاركا في أحداث جرت، كما أن طاقمها الصحفي كان في قلب الجزائر عبر جبالها لتغطية ما جرى». أشارت المتحدثة إلى أنه بعد اتفاقيات إيفيان ثم تحديد موعد الاستفتاء على الاستقلال من طرف الشعب الجزائري. وقام الفنان الكبير عبد الحليم حافظ في 4 جويلية سنة 1962 في أثناء تنشيطه ذكرى تأسيس «صوت العرب»، بقراءة إعلان تحرير الجزائر من الاستعمار. ومن ضمن ما قاله: «لقد صوّت 93 بالمائة من الجزائريين بنعم للاستقلال»، وحينها أدى أغنيته المشهورة للجزائر «قضبان حديد انكسرت» في 5 جويلية 62 . أما حفيد الملحن، وهو السيد عمرو منير فوزي، فقال ل «المساء» إنه يزور الجزائر لأول مرة، في حين أن أخاه عاش بها سنة كاملة في إطار عمل. وأكد أن والده الذي تلقّى الدعوة تعذّر عليه الحضور لظروف قاهرة، ثم راح يتحدث عن «قسما» الذي يُعتبر رابطا بين الشعبين الجزائري والمصري الذي طالما جذبه هذا النشيد القوي ذو الكلمات التي تهز الوجدان، ووقف له في ملاعب كرة القدم في احترام وإعجاب. وعن علاقة العائلة بالجزائر أكد المتحدث أنها وثيقة، كما أن جده لايزال أحد عمالقة الفن العربي ويُحتفى به في مصر. أما فيما يتعلق بوثائق أو مخطوط كتابة «قسما» أو غيرها من الأشياء التي بقيت من ذكرى الراحل، فأشار إلى أنّها من شأن وحق والده الدكتور منير. للتذكير، فإن محمد فوزي من مواليد 1918 وتوفي سنة 1966، وكان مطربا وملحنا ومنتج أفلام واهتم بالبرامج الإذاعية منذ 1938، ويبقى «قسما» معلما بارزا في مساره.