تحتفي ولاية البليدة، على غرار باقي ولايات الوطن بالذكرى الستين لاندلاع الثورة المجيدة، وبهذه المناسبة نظمت أول أمس، بقاعة المؤتمرات يوما دراسيا حول الفيلم الثوري تضمن مداخلات ومعرضا للصور وآخر للكتب وكذا عرض لقطات لأهم الأفلام الثورية الجزائرية. البداية كانت مع الملحن القدير مصطفى سحنون، الذي قدم مداخلة ممتعة حول تاريخ تأليف وتلحين نشيد "قسما"، فقال أن صاحب فكرة تأليف نشيد حول الثورة الجزائرية، هو مواطن اسمه ميلي، كان صديقا لعبان رمضان ويوسف بن خدة، وفي جلسة سمر طلب ميلي من صديقيه أن يهتما بوضع نشيد وطني يعرّف بالثورة إلى الجزائريين فكان ذلك، ليبدأ البحث عن مؤلف يمتلك هذه القدرة وجاء الاختيار على مفدي زكريا. وواصل سحنون في سرده فقال إن مفدي زكريا، كتب القصيدة وهو في سجن سركاجي ومن ثم قدمها للممثل محمد توري، الذي قام بتلحينها مستندا بفرقة موسيقية متكونة من ممثلين من بينهم، حسن الحسني ومصطفى بديع وقدور صرافي، إلا أن أعضاء من جبهة التحرير الوطني رفضوا هذا اللحن بحجة قلّة حماسيته. وتواصلت قصة نشيد "قسما" الذي زار هذه المرة تونس وقام بتلحينه محمد تريكي، إلا أنه هذه المرة وقع الرفض من طرف عيسى مسعودي، حيث أن تريكي لحن كل مقطع بلحن خاص وأضفى عليه غنائية لا تناسبه، ومع ذلك لم ييأس مفدي زكريا وأخذ النشيد إلى مصر وبالضبط إلى إذاعة "صوت العرب". وبمحطة هذه الإذاعة، حيث يُعتمد على تقديم الأشعار للملحنين حسب دورهم في لائحة أعدت لهذا الغرض، كان نشيد "قسما" من نصييب الشاعر محمد فوزي، إلا أن أبو الفتوح، رئيس لجنة النصوص رفض أن يقدم نشيد ثوري لشاعر عُرف بتلحينه لقصائد الحب، وبعد مد وجزر وتدخل الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر، حقق محمد فوزي نجاحا كبيرا بتقديمه لتلحين رائع لنشيد "قسما"، هذا الأخير عرف فيما بعد، إضافات من طرف الموسيقي الجزائري هارون الرشيد. أما الفنان حسان بن زراري، فتحدث عن تمثيله في فيلم "دورية نحو الشرق" لعمار بلعسكري، وذكر ظروف التصوير القاسية، حيث تلقى الممثلون تدريبات عسكرية لمدة 15 يوما، إضافة إلى نومهم في أكثر من مرة في الجبال وكذا معاناتهم من البرد الشديد، لينتقل إلى مشاركته في فيلم "وقائع سنين جمر" للأخضر حمينة، الحائز على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، وكيف شعر بحزن شديد حينما غيّر المخرج قراره في تقديم دور البطولة له واختيار الفنان رويشد لأداء هذه المهام. بالمقابل، وإجابة منه عن أسئلة طلبة أربع ثانويات من ولاية البليدة الذين حضروا اللقاء، قال حسان إن الجزائر تزخر بطاقات بشرية ومادية كبيرة في عالم الفن السابع إلا أنها تحتاج إلى دعم كبير من السلطات المختصة، وكذا إلى قرار سياسي رفيع يعيد للسينما بريقها ولن يتم ذلك إلا بتوفير قاعات سينمائية، كما أكد عدم وجود منتج سينمائي بأتم معنى الكلمة، وإنما هناك منتج تنفيذي يشتغل بمال الدولة، ليطالب في الأخير بضرورة إخراج المزيد من الأفلام المتعلقة بالثورة المجيدة. من جهته، قدم الشاعر الأخضر السائحي، مقاطع من ديوانه "معلقة الجزائر"، تلتها مداخلة للأستاذ الجامعي عبد الغني بلقيروس، بعنوان "الصحافة والإعلام أثناء الثورة التحريرية في الولاية التاريخية الرابعة" جاء في بعضها أن البليدة عرفت بروز خيرة الاعلامين في عهد الثورة التحريرية، ومن بينهم سي مختار واسمه الحقيقي محمد الأخضر السائحي، وكذا بوعلام أوصديق، وأحمد حاج حمدي المدعو أحمد ارسلان، كما تناول بعض العناوين الصحفية التي ظهرت في المنطقة مثل صحيفة "الثورة" وصحيفة "التل". وفي الأخير تم تقديم شهادات مشاركة وعرفان من طرف رئيس الجمعية الثقافية "الوفاء" التابعة لبلدية مفتاح، السيد عبد الحليم شبوب، ونالها المحاضرون وكذا الصحفيون، إضافة إلى الفنانة فضيلة أوعبد السلام التي قدمت بالمناسبة، مونولوغ عفوي عن الوطنية. كما تم إسدال الستار عن معرض الصور والكتب حول ثورة أول نوفمبر.