توصل المتدخلون في الملتقى الدولي الأول حول جسم الإنسان بين الضرورة الطبية والضوابط الشرعية والقانونية خلال الأشغال التي اختتمت مؤخرا بالجامعة المركزية، إلى مجموعة من التوصيات التي تم تأطيرها في محاور عدة، أهمها تأطير المفاهيم العامة لنقل الأعضاء والأنسجة والتبرع بين الأحياء والأموات. وقد شكلت المحاور موضوع نقاش بين الأطباء وعلماء الشريعة الإسلامية بكل ما يتعلق بجسم الإنسان بين الضرورة الطبية والقواعد الشرعية وما يتبعها من نصوص قانونية في ذلك. وحول ذلك قالت فوزية صبيحي، طالبة دكتوراه بجامعة مستغانم وصاحبة أطروحة "مدى احترام مبادئ التعامل بالدم ومشتقاته وخصوصية الجسم البشري في ظل التطورات العلمية"، قالت إن الدم ومشتقاته يُعد عضوا من أعضاء جسم الإنسان، ويدخل التعامل به "طبيا" في نفس الإطار الذي يتم التعامل به مع باقي أعضاء الجسم، إذ إن هناك مواد قانونية قائمة لتنظيم العمليات وفق الشريعة الإسلامية، لردع كل مخالفات ممكنة في هذا المجال، لاسيما المتاجرة بتلك المادة وإدخالها حيز العمليات المالية التي يصنفها القانون بالعمليات الإجرامية، التي يعاقب فاعلها بسنوات من السجن النافذ أو بغرامات مالية تختلف باختلاف الجريمة. وأوضحت فوزية صبيحي أن الدم ومشتقاته أصبح اليوم يدخل في عدة تركيبات طبية وصيدلانية، يعتمد عليه خبراء الصحة في إنشاء بعض المحاليل التي من شأنها خلق علاج لبعض الأمراض، ما جعل هذه المادة أو "العضو"، حسب المتحدثة، تتعرض للطلب المتزايد بحكم أهميتها الكبيرة؛ الأمر الذي أدى إلى ضرورة تأطير التعامل بها وبمشتقاته؛ لحماية "كرامة البشرية" في ذلك، على حد تعبيرها. وقالت صبيحي إن الاعتماد على الشريعة الإسلامية في تلك الأحكام أمر هام جدا؛ لأن الوقوف أمام الضرورة الطبية يجعلنا دائما أمام الضوابط والأحكام الشرعية، التي نرجع بها إلى خبراء الشريعة الإسلامية لتوضيح الأحكام وحسن فهمها؛ حماية لجسم الإنسان وحفظ حقوقه وصيانة لكرامته في ذلك. وعلى صعيد آخر، تم خلال الملتقى مناقشة محور هام جدا، وهو التبرع بالأعضاء والأنسجة بين الأحياء ومن الأموات. في هذا الخصوص قالت البروفيسور بن حليمة أستاذة بجامعة الطب بالجزائر، إن ثقافة التبرع بالأعضاء لاتزال غائبة وسط المجتمع الجزائري. والدليل على ذلك الرقم المحتشم بعمليات التبرع بالأعضاء التي تمت بين سنتي 2005 و2017، والتي لم تتعد 1700 نزع وزرع للأعضاء، مقابل 24 ألف مريض في انتظار عملية زرع الأعضاء، وغياب هذه الثقافة، حسب المتحدثة، هو غياب الجانب المكلف بعملية التحسيس والتوعية حول أهمية العملية. وأكدت المتحدثة أن حث المواطن على تبنّي ثقافة التبرع بالعضو بين الأحياء أو من الميت إلى الحي، عملية لا تُعد سهلة أبدا، وهي ثقافة يتشارك في نشرها العديد من الأطراف؛ بداية من المراحل التكوينية من عمر الفرد إلى غاية السلك الطبي في المؤسسة التي يتلقى فيها العلاج. ❊نور الهدى بوطيبة