رسم الاجتماع السابع الجزائري الإسباني رفيع المستوى المنعقد أول أمس، بالجزائر، مرحلة جديدة للتعاون الثنائي في مختلف المجالات وفق مقتضيات جديدة تواكب الرهانات الجيواستراتيجية والأبعاد الاقتصادية لكلا البلدين، لا سيما عبر رفع مستوى شراكتهما الاقتصادية والصناعية إلى نفس مستوى الامتياز الذي تتسم به علاقاتهما السياسية، من خلال الاستفادة من القرب الجغرافي وتكامل اقتصادهما. وحدد البيان المشترك الصادر عقب الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس حكومة مملكة إسبانيا السيد ماريانو راخوي براي، إلى الجزائر المنحى الاقتصادي والتعاون الذي سيؤطر علاقات الشراكة الثنائية خلال السنوات القادمة، لاسيما من خلال تشجيع مختلف مؤسساتهما، على غرار منتدى رؤساء المؤسسات والنادي التجاري والصناعي الجزائري الإسباني لتكثيف العقود ومضاعفة اللقاءات بين المتعاملين الاقتصاديين ورجال الأعمال من البلدين. ومن أجل دفع علاقاتهما الاقتصادية يعتزم الطرفان تشجيع الإنعاش المتوازن لمبادلاتهما وتشجيع تطوير استثماراتهما والشراكة الدائمة القائمة على المنفعة المتبادلة لمؤسسات البلدين، إذ أكد الطرف الجزائري في هذا السياق أن إجراءاته حول الواردات الرامية إلى الحد من آثار الانخفاض الحاد لعائدات صادرات الجزائر «عامة وغير تمييزية ومؤقتة ومخصصة لمواجهة حالة استثنائية» . من جانبها كشفت إسبانيا أن هذه الإجراءات قد أضرت جدا بصادراتها نحو السوق الجزائرية، معربة في هذا الصدد عن أملها في رؤية «كافة الظروف مجتمعة في أقرب وقت من أجل إنعاش جوهري للمبادلات التجارية بين البلدين». ومن خلال دراسة الحالة الراهنة للتجارة الثنائية خلص البلدان إلى أن «بنية المبادلات تبقى متنوعة قليلا ولا تعكس الإمكانيات والفرص الاقتصادية للبلدين»، إذ أعربت الجزائر عن رغبتها في إقامة علاقات شراكة مثمرة بين مؤسسات البلدين، مشيرة إلى الأهمية الخاصة لخلق مشاريع مشتركة في البلدين وكذا ترقية الاستثمارات الإسبانية المباشرة على أراضيها. كما شكلت زيارة السيد راخوي، فرصة للبلدين للاتفاق على تبادل المعلومات والتجارب ذات الصلة بترقية الصادرات خارج المحروقات لدفع تنمية اقتصادهما. وبخصوص التعاون الثنائي في مجالي الصناعة والطاقة، يعمل البلدان على إقامة شراكة صناعية وتكنولوجية متنوعة، حيث أكدا في هذا الصدد عزمهما على تشجيع المتعاملين الاقتصاديين لترقية نشاطات صناعية ذات الفائدة المتبادلة، لا سيما في قطاع المناولة في مجال السيارات والزراعة الصناعية والخزف وكذا الصناعات الكيميائية والبلاستيكية. وبخصوص تعاونهما في مجالي النقل والأشغال العمومية، يطمح الطرفان إلى إبرام اتفاق توأمة بين ميناء وهران وميناء إسباني. كما يسعيان إلى تطوير التكوين وتبادل الخبرات في هذا المجال، بالإضافة إلى تشجيع إنجاز مشروع تعاون بين مجمع» سيرورت» ومدرسة «ايسكولا أوروبا دي شورت سي شيبينغ». واتفق الطرفان على التعاون في مجال صيانة الأشغال الملاحية والمينائية وكذا المجالات ذات العلاقة بالإشارة البحرية، والمساعدة التقنية من أجل إعداد مخطط مدير للصيانة وتعزيز المنشآت الملاحية والمينائية والإشارات الملاحية. وبخصوص قطاع السكن والعمران والمدينة، أكد البلدان تمسكهما بتعزيز روابط التعاون في هذه المجالات لا سيما فيما يخص تبادل التجارب والخبرات في التخطيط والتسيير الحضري وكذا إصلاح البنايات القديمة بالإضافة إلى تسيير المدن. أما مجالات التعاون في قطاع البريد والمواصلات والتكنولوجيات والرقمنة، فقد جدد البلدان بشأنها استعدادهما لتعميقها في المحافل الدولية لا سيما ضمن الاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية وكذا الاتحاد البريدي العالمي. وكان الوزير الأول أحمد أويحيى، صريحا خلال منتدى رجال الأعمال عندما تأسف لضعف الاستثمارات الاقتصادية الإسبانية في الجزائر خارج قطاع المحروقات والتي تنحصر في 47 شراكة فقط، أبرمت على مدى 15 سنة بمبلغ يقل عن ملياري أورو، مسجلا مجيء أكثر من 500 مؤسسة إسبانية منذ سنة 2000، قبل مغادرتها الجزائر بعد إتمام ورشاتها. من جهته دعا رئيس الحكومة الإسبانية السيد ماريانو راخوي براي، مؤسسات بلاده إلى الاستثمار في الجزائر، مؤكدا أن الجزائر شريك «استراتيجي» لإسبانيا، فيما اغتنم وزير الصناعة والمناجم يوسف يوسفي، المناسبة ليعرب عن التزام الجزائر بمرافقة المؤسسات الإسبانية في مشاريع الشراكة الخاصة بهم. كما أكدت كاتبة الدولة للتجارة بالحكومة الاسبانية السيدة ماريا لويزا بونسيلا، من جانبها على ضرورة تعزيز الشراكة بين البلدين.