وقعت الجزائر وإسبانيا، أول أمس، عدة اتفاقيات لتعزيز التعاون في مختلف مجالات الصناعة والطاقة والإدارة والسكن وكذا في مجالي التبادل العلمي والثقافي، وقررتا تعزيز الشراكة المجددة بينهما والارتقاء بها إلى شراكة استراتيجية، ملتزمتين في البيان المشترك الذي توج الاجتماع الخامس رفيع المستوى بين البلدين بدعم علاقاتهما الاقتصادية والتجارية في سياق فتح الاقتصاد الجزائري والحركية الإيجابية للنمو الذي تشهده الجزائر في السنوات الأخيرة. وشملت الاتفاقيات التي وقع عليها البلدان في إطار الاجتماع الخامس الجزائري - الإسباني رفيع المستوى، والذي أشرف عليه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الحكومة الاسباني السيد ماريانو راخوي بروتوكول اتفاق للتعاون الصناعي وترقية الشراكة ومذكرة تفاهم في ميدان التعاون الطاقوي ومذكرة تفاهم لتسهيل منح التأشيرات، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم في مجال التعاون الثقافي واتفاق إداري للتعاون العلمي والتكنولوجي والدعم المتبادل في ميدان الحماية المدنية. كما تضمنت الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين اتفاقيات التعاون في مجالات البناء والسكن وصناعة الأحذية والورق وإنشاء مركز لتطوير صناعة النسيج. وبالمناسبة، فقد أعلن البلدان التزامهما بتعزيز الشراكة المجددة بينهما والارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية لتجسيد طموحات الدولتين والاستجابة بشكل تضامني لتطلعات الشعبين، وجددا في البيان المشترك الذي توج أشغال الدورة إرادتهما في إدراج العلاقات الجزائرية - الاسبانية في إطار شراكة يمكن أن ترقى إلى نموذج مرجعي ضمن الفضاء الأوروبي متوسطي. واتفقت الجزائر وإسبانيا طبقا للبيان على تعزيز علاقاتهما الاقتصادية والتجارية في سياق انفتاح الاقتصاد الجزائري والحركية الايجابية للنمو الذي شهدته الجزائر خلال السنوات الأخيرة ولاسيما مع إنجاز البرنامج الخماسي لتطوير الاستثمارات العمومية 2010-2014، والذي يمنح، حسب نفس المصدر، "فرصا هامة لعلاقات الشراكة والأعمال بين البلدين"، معربتين في سياق متصل عن ارتياحهما للتقدم الذي سجل في علاقاتهما الثنائية منذ انعقاد الاجتماع رفيع المستوى الرابع بمدريد في 7 جانفي 2010. وفي حين أكدا أهمية القدرات الناجمة عن الجوار الجغرافي وتكامل اقتصاديهما اعتبر البلدان أن التحديات الحالية يجب أن ينظر إليها "كفرصة إضافية لتقريب وتحريك اقتصادي البلدين في صالح تشجيع الاستثمار واستحداث مناصب شغل"، وأشار البيان في سياق متصل إلى الشراكة الاستراتيجية التي تربط البلدين في قطاع الطاقة، مؤكدا ارتياح الطرفين للتسوية النهائية للنزاع بين سوناطراك و«غاز ناتورال" إثر الإجراء التحكيمي بينهما "مما يفتح مرحلة جديدة من أجل تعميق التعاون الطاقوي بين البلدين". وأشادت الجزائر وإسبانيا بالمناسبة بانطلاق تشغيل أنبوب الغاز "ميدغاز" ابتداء من شهر افريل 2011 واعتبرا أن هذا المشروع البناء ذا البعد الاستراتيجي يساهم بطريقة فعالة في إقامة شراكة مجددة، كما أعربا في نفس الوقت عن ارتياحهما لتضاعف الروابط الجوية والبحرية التي سجلت خلال السنوات الأخيرة بين الدولتين. وفي إطار التزامهما بإعطاء دفع قوي لتعاونهما في الجانب الاقتصادي، اتفقت الجزائر وإسبانيا على عقد منتدى للأعمال خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية بالجزائر برئاسة وزيري الصناعة في البلدين، وأبرزتا أهمية هذا المنتدى الذي سيسمح للمستثمرين والصناعيين في البلدين بالتعارف والاتفاق على مشاريع شراكه في عدة قطاعات منها البناء والأشغال العمومية والنقل والمحروقات والكهرباء والصناعة وغيرها من القطاعات التي تعتبر مجالات وفرصا لشراكة رابحة للطرفين.وإذ ذكر البيان المشترك الذي توج أشغال الدورة الخامسة للإجتماع الجزائري - الإسباني رفيع المستوى، بأن هذه الدورة تتزامن مع تغييرات سياسية إقليمية ودولية عميقة وأزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة، أشار إلى أن هذا الإجتماع ينعقد في وقت تسجل فيه العلاقات بين الجزائر واسبانيا تطورا إيجابيا، يتميز بتكثيف الحوار السياسي والتعاون الاقتصادي بين البلدين وتأكيد الأهمية التي توليانها للاستقرار والأمن في الضفة الغربية من حوض المتوسط. وبالمناسبة، حي الطرف الاسباني مسار الإصلاحات الطموحة التي باشرتها الجزائر واعتبرها لبنة هامة في تعزيز الممارسة الديمقراطية في الجزائر، معربا عن ارتياحه "لتنظيم انتخابات تشريعية ومحلية في الجزائر جرت في هدوء وشفافية وديمقراطية"، فيما قدم من جانبه "البرنامج الحكومي الإسباني لمواجهة الأزمة الاقتصادية"، مبرزا أن هذا الاخير "يرمي أساسا إلى تطهير ميزانيات الدولة وتحقيق التوازن في الميزانية من أجل إعادة الاقتصاد إلى طريق النمو واستحداث مناصب الشغل". وأعرب البلدان، من جانب آخر، عن ارتياحهما لتعزيز الحوار ولتشاور السياسي على كافة المستويات وقررا تكثيفهما. وكان رئيس الحكومة الاسبانية قد حل صبيحة أول أمس الخميس بالجزائر في زيارة رسمية بدعوة من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وذلك في إطار انعقاد الدورة الخامسة للاجتماع الثنائي رفيع المستوى. وأجرى المسؤول الإسباني الذي كان مرفوقا بوزراء الخارجية والتعاون والداخلية والتجهيز والطاقة والسياحة والثقافة الى جانب كاتب الدولة المكلف بالتجارة، محادثات مع الوزير الأول السيد عبد المالك سلال توسعت بعد ذلك إلى أعضاء وفدي البلدين، وحضرها عن الجانب الجزائري السادة شريف رحماني وعمار تو وعبد المجيد تبون وعمار غول ومصطفى بن بادة ومحمد تهمي وعبد اللطيف بابا أحمد ومحمد بن مرادي وهم على التوالي وزراء الصناعة والنقل والسكن والأشغال العمومية والتجارة والشباب والرياضة والتربية الوطنية والسياحة. كما حضر المحادثات وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد دحو ولد قابلية والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل. وفي كلمة له في افتتاح أشغال الإجتماع رفيع المستوى بين البلدين أبرز السيد سلال إرادة الجزائر وإسبانيا لإعطاء علاقاتهما الثنائية الطابع المميز الذي تستحقه بالنظر إلى القدرات الهائلة التي يمتلكانها، معربا عن قناعته بأن هذا الاجتماع الخامس من نوعه سيشكل معلما جديدا في مسعى تعزيز وتنويع العلاقات الجزائرية-الإسبانية وفرصة ممتازة لوضع حصيلة للأشواط التي تحققت على درب تعزيز هذه العلاقات والبحث عن سبل جديدة للعمل على تحسين آليات وإطار التعاون الجزائري-الإسباني. كما عبر الوزير الأول عن ارتياح الجزائر الصادق للتطور الذي شهدته العلاقات الجزائرية-الإسبانية خلال السنوات الأخيرة في ميادين مختلفة وفي عدة قطاعات للنشاط من خلال التطور المرضي للمبادلات الاقتصادية والتجارية، مسجلا بأن هذا التطور كان مصحوبا بتكثيف الحوار والتشاور السياسيين في مختلف المستويات وبتبادل الزيارات والاتصالات بين البلدين خلال السنة المنصرمة. في حين اعتبر السيد راخوي الذي استقبل من قبل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وجمعته به محادثات على انفراد، الدورة الخامسة للاجتماع رفيع المستوى الجزائري-الاسباني مرحلة تاريخية ولحظة حاسمة في تعميق العلاقات الثنائية، معبرا في تصريح للصحافة عقب الاجتماع رفيع المستوى الذي ترأسه مناصفة مع رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة عن إرادة البلدين في إعطاء دفع اكبر للعلاقات الرامية الى تقريب الشعبين الجزائري والاسباني. وذكر المسؤول الإسباني بالمناسبة بالاتفاق الحاصل بين الطرفين لعقد اجتماع لرؤساء مؤسسات إسبان وجزائريين للعمل على دراسة العديد من الملفات والمجالات، وأشار في الوقت نفسه إلى انه تطرق مع المسؤولين الجزائريين للمسائل الاقليمية والدولية لاسيما في الساحل وكذا الوضع في ليبيا وتونس وموريتانيا، مؤكدا في هذا الصدد بأن "الرئيس بوتفليقة شخص له خبرة كبيرة في المجال الدولي"، مضيفا بأن البلدين تحذوهما إرادة قوية للعمل سويا من أجل تعزيز السلم والاستقرار في المنطقة. للتذكير، فإن زيارة رئيس الحكومة الاسباني السيد ماريانو راخوي التي تعتبر الاولى من نوعها منذ تنصيبه على رأس الحكومة الاسبانية، هي لبنة جديدة في مسار تعزيز وتوسيع هذه العلاقات على الصعيد السياسي والاجتماعي، حيث شهدت العلاقات الجزائرية - الاسبانية تقدما في مختلف المجالات خلال السنوات العشر الأخيرة، بدءا بالتوقيع على معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون شهر أكتوبر 2002 بمدريد.