تمكن مدوّنون ونشطاء على شبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بعد نجاح حملتهم الشعبية «خليها تصدي»، الموجهة لمناهضة الغلاء الفاحش لأسعار السيارات المركبة في الجزائر، من إقناع الحكومة على الإصغاء لرسائلهم ودفعها من أجل التحرك لإعادة النظر في سياسة تسويق المركبات في الجزائر، كما ألحقت الحملة ركودا كبيرا في مبيعات السيارات المركبة وتخفيض أسعارها. ظلت أسعار السيارات المركبة في الجزائر تشكّل الهاجس الأول لغالبية الجزائريين بسبب غلائها الفاحش، رغم استفادة جميع العلامات المعنية بالتركيب من امتيازات وإعفاءات ضريبية وجمركية هامة، كان من المفترض أن تنعكس على سعر المركبات الموجهة للمستهلك الجزائري، لكن الواقع كان مخيبا للآمال، فلا أسعار المركبات كانت في متناول المستهلك، ولا الخزينة العمومية استفادت، لأن استيراد السيارات من الخارج قبل فتح الباب لمركبي السيارات، كان يدر على الخزينة أموالا في شكل حقوق جمركية وضريبية، فضلا عن هذا، كانت المركبات المستوردة تصل إلى المستهلك بسعر أقل بكثير عن السيارات المركبة في الجزائر، غير أن المدوّنين، استطاعوا بتفاعلاتهم الإيجابية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، من تغيير هذا الواقع والتأثير الإيجابي في الاتجاه الذي يخدم مصلحة المستهلك الجزائري، من خلال إطلاق حملة «خليها تصدي» على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، التي تهدف إلى «مقاطعة شراء السيارات المركبة في الجزائر، لجميع العلامات بطريقة سلمية وحضارية حماية لمصالحهم». اكتست حملة «خليها تصدي» طابعا وطنيا وعرفت انتشارا على المستوى الوطني، وفي جميع الولايات، حيث شهد «الفيسبوك» ميلاد العديد من الصفحات، هدفها خفض سعر السيارات المسوقة في الجزائر وتسقيف أسعارها مقارنة بالامتيازات التي يتحصل عليها مركبو العلامات. على سبيل المثال، حقّقت صفحات مثل «مقاطعة شراء السيارات» و»مقاطعة شراء السيارات في الجزائر» و»منشريش» و»خليها تصدي» وكذا «مقاطعون».. إعجابات وتفاعلات مليونية، وكانت بوابة لتسجيل الملاحظات والانعكاسات التي تركتها الحملة داخل الوطن وخارجه. قدم المدوّنون إحصائيات عن أسعار العلامات المسوقة في الجزائر وفي بلدانها الأم، والفروق الكبيرة في أسعار المركبات، مع الاستشهاد بما هو موجود في البلدان المجاورة، وهي وسائل الإقناع التي لقيت صداها الإيجابي وفتحت المجال لتقديم مساهمات من جزائريين مقيمين في الخارج، والدعم للحملة وشرعية مطالب المدونين. تفاعل برلماني مع «خليها تصدي» حملة «خليها تصدي» وصل صداها إلى البرلمان، حيث تفاعل ممثلو الشعب بطريقة إيجابية مع نداء المدونين، وهو ما جعل الكثير منهم يتحرّكون لتلبية المطلب المعبّر عنه شعبيا، وتقول في هذا الموضوع النائب، بسمة عزوار، عن جبهة المستقبل ل»المساء»، أنها قامت بإيداع سؤال شفوي موجّه لوزير الصناعة والمناجم، يوسف يوسفي، تدعوه فيه إلى فتح تحقيق في مجال تركيب السيارات والنظر في الارتفاع الكبير في أسعار السيارات المركبة بالجزائر، لأنها أصبحت مطلبا شعبيا بامتياز. تضيف أن حملة «خليها تصدي» التي تفاعلت معها هي بشكل إيجابي «شرعية وتعكس انشغالا هاما معبر عنه في القاعدة، لا يمكن أن يبقى النائب إزاءه سلبيا ومكتوف اليدين»، لهذا تقول بأنها خصصت منشورات على صفحتها لدعم الحملة ومساندتها، معتبرة «الفيسبوك» نافذة للاستماع لانشغالات واهتمامات المواطن التي أصبح غلاء السيارات المركبة في الجزائر يتصدرها اليوم. نفس الشكوى رفعها نواب من مختلف التيارات السياسية لوزير التجارة السابق، محمد بن مرادي، يدعونه إلى العمل على إيصال انشغال شعبي يتمثل في إعادة النظر في سياسة تركيب السيارات بالجزائر وإيجاد حلول، والترخيص لعملية الاستيراد بعد أن أصبح اقتناء السيارات المركبة في الجزائر، ورغم استفادتها من جميع الإعفاءات الجمركية والضريبية «حلما بعيد المنال»، واستشهدوا بما سجلوه في الواقع وحملة «خليها تصدي». الحكومة تتفاعل إيجابيا مع مطلب المدونين بعد النجاح الكبير في التأثير على أسعار السيارات المركبة في الجزائر، التي تراجعت أسعارها بنسبة 19 بالمائة لجميع العلامات، تدخلت الحكومة التي تعاطت بشكل إيجابي مع المطلب الشعبي الذي رفعه المدونون على شبكة التواصل الاجتماعي في حملة «خليها تصدي»، حيث وعد وزير التجارة سعيد جلاب، بتشكيل لجنة تحقيق وتقص للنظر في الأسعار الحقيقية للسيارات المركبة محليا، وقال بأنّ الحكومة حريصة على متابعة الانشغال الذي عبّر عنه المستهلك الجزائري، بسبب الغلاء الكبير لأسعار المركبات. لمواجهة الركود.. المركبون يروجون لسلعهم بحكم النجاح الكبير الذي حققته أكبر حملة فيسبوكية «خليها تصدي»، سارع مركبو السيارات إلى اقتراح تخفيضات على أسعار المركبات، قدّرت نسبتها ب19 بالمائة لبعض العلامات، لكن ذلك لم يشفع لهم في استعادة ثقة الزبائن ورفع الركود الذي أصاب سلعهم، وهو ما اضطر المركبين إلى الشروع في حملة «تمويه» بالشوارع، مثلما وقفت عليه «المساء»، من خلال إيفاد ممثلين إشهاريين وعمال بالمصانع ووحدات التوزيع المنتشرة على مستوى التراب الوطني، للقيام بجولات «ترويجية» للسيارات الجديدة، والتجول بالشوارع والمناطق الشعبية مثل باب الوادي، والطرق السريعة بشرق وغرب العاصمة، من أجل إعطاء انطباع عن وجود إقبال على السيارات المركبة، وأن حملة «خليها تصدي» لم تحقق مبتغاها. ❊ شريفة عابد