أبرز المشاركون في ندوة حول «النظام الضريبي البيئي» نظمت أمس، بالجزائر العاصمة، دور وأهمية الضريبة البيئية على النفايات لاسيما الخطيرة والسامة منها كإجراء تحفيزي يهدف لتغيير السلوكات السلبية بحكم مبدأ تغريم «الملوّث الدافع» القائم على تحميل المتسببين في التلوث أو استنزاف مورد طبيعي نادر، التكاليف الاجتماعية المنجرّة عن ذلك، حيث يزداد التأثير السلبي لهذه النفايات على البيئة ومختلف الأوساط الحيّة، مع تنامي حجم الانتاج الاجمالي على المستوى الوطني المقدر ب2 مليون و550 ألف طن سنويا منها 330 ألف طن مصنّفة كنفايات سامة وخطيرة. وأوضحت ممثلة وزيرة البيئة والطاقات المتجددة المكلّفة بتسيير المعهد الوطني للتكوينات البيئية المشرف على تنظيم هذه الندوة فاطمة الزهراء حاتي، في هذه الندوة التي احتضنها أمس الأربعاء، فندق «الرياض» بسيدي فرج (غرب العاصمة)، أن هذه الضريبة لا تمثّل شكلا من أشكال الإتاوات أو التحصيلات المالية بقدر كونها إجراء تحفيزي سيدفع دون شك المسؤولين عن الإخلال بالنظام البيئي أو تلويثه عن مراجعة السلوكات السلبية التي تحدث في هذا السياق، وتحديدا المؤسسات والشركات والمصانع والوحدات الإنتاجية المختلفة التي لا تعير أدنى اهتمام لنظافة المحيط والفضاءات العمومية. وأكدت السيدة حاتي، خلال هذه الندوة في إطار الشراكة المبرمة بين المؤسسات في التكوين البيئي، بحضور إطارات وموظفين بعدة هيئات عمومية ك»نفطال» و»المجمّع الصناعي للإسمنت فرع زهانة»، وممثلي بعض مكاتب الدراسات أن هذا الموضوع الحسّاس يكتسي أهمية خاصة حيث يستوجب على كافة المسيّرين الصناعيين والمستثمرين في مختلف المجالات الإنتاجية والتحويلية التقيّد بالقوانين والإجراءات التنظيمية والنصوص والأحكام والشروط المحدّدة لنشاطهم الإنتاجي وعلاقة كل ذلك بمدى الحفاظ على البيئة، داعية الهيئات الصناعية إلى ضرورة مراقبة نفاياتها الكيماوية السامة والعمل على القضاء عليها أو تدويرها إن تطلّب الأمر ذلك، وهذا لتفادي الوقوع تحت طائلة التغريم عبر هذه الضريبة البيئية. ومن جهتها أشارت المفتشة في مجال البيئة رشيدة محجان، في تدخل لها إلى موضوع تسيير النفايات الصناعية الذي أصبح هاجسا يرهن مستقبل الأوساط الأيكولوجية والمحيط البيئي بشكل عام، أمام التنامي الكبير لهذه النفايات السامة التي أضحى إنتاجها يقدّر ب330 ألف طن سنويا من أصل العدد المذكور آنفا (2 مليون و550 ألف طن على المستوى الوطني)، حيث تتصدّرها نفايات قطاع المحروقات ب34 بالمائة وقطاع البيتروكيمياء ب23 بالمائة، والمناجم ب13 بالمائة لتليها نفايات قطاع النسيج ب4 بالمائة، داعية الشركات الصناعية إلى ضرورة التزامها بمعالجة نفاياتها قبل طرحها من أجل التقليل من حجم تلوث المحيط وبالتالي الحفاظ أكثر على البيئة. كما أوضحت السيدة محجان، في السياق أن موضوع تسيير النفايات الصناعية له علاقة وطيدة بعملية الجمع والفرز قبل المعالجة، مشيرة إلى أن ذلك يعتمد على اعتماد مسبق يسلّم من قبل وزارة البيئة والطاقات المتجددة قابل للتجديد كل 5 سنوات. وفي السياق ذاته استعرض المختص والمكوّن مصطفى أوعباس، في تدخل له خلال هذه الندوة مضمون وفحوى هذا النظام الضريبي البيئي القائم في مجمله على التغريم المالي عن كل نشاط أو سلوك من شأنه المساس بسلامة ونظافة المحيط البيئي بمختلف أوساطه المائية والترابية والجوية، سواء بتعريضه لشتى النفايات لاسيما الصناعية والسامة، أو بتخريبه أو أي مساس به، مشيرا إلى أن المتسبّب في ذلك يتعرّض لتغريم ابتداء من 50 ألف دينار مرشّحة للمضاعفة في حال الاستمرار في ذلك. وهذا حسب التشريعات والنصوص القانونية المعمول بها. وخصّصت الفترة المسائية من عمر الندوة لعرض التنظيم البيئي على ضوء واجبات المؤسسات، حيث تناول المختص والمكوّن الوليد بولقرون في هذا المجال، مبادئ وأسس هذا التنظيم وكيفية تقيّد المؤسسات والشركات به، وفق القوانين والنصوص المتوفرة، حيث اعتبرها شرطا أساسيا في مجال الارتقاء وصون المنظومة البيئية بمفهومها الواسع. وجاء تنظيم هذه الندوة من قبل المعهد الوطني للتكوينات البيئية الذي ساهم منذ تأسيسه في 17 أوت 2002 برسم المرسوم التنفيذي 02-263 المتمم بالمرسوم التنفيذي رقم 12-174 ل11 أفريل 2012، ما يعادل 12084 شخصا على المستوى الوطني بما فيهم المؤسسات والجماعات المحلية والجمعيات إلى جانب 4 ألاف عون بلدي وكل الهيئات الفاعلة في مجال البيئة. ناهيك عن مساهمته في إقامة 2276 ناديا أخضر بالأطوار التعليمية الثلاثة عبر الوطن بالاضافة إلى توسيع إنشاء الحدائق البيداغوجية. كما يسعى المعهد في إطار مشاريعه الستقبلية لاستهداف فئة المحبوسين من خلال تخصيص برنامج تكويني لهم في المجالات البيئية، حيث سيستفيد من ذلك أكثر من 300 محبوس عبر 36 مؤسسة عقابية عبر الوطن.