بحلول يوم 10 ديسمبر من الشهر الجاري تمر 60 سنة عن الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يتضمن مبادئ وقيم تتعلق بحماية وترقية الحقوق الاجتماعية والسياسية والاجتماعية للإنسان بغض النظر عن ديانته وعرقه. ففي مثل هذا اليوم من عام 1948 صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن هذا الاعلان الذي جاء ليضع حدا للانتهاكات الخطيرة والتجاوزات التي عرفتها الحرب العالمية الثانية في مجالات حقوق الانسان وتسببت في مقتل حوالي 50 مليون شخص. ويتضمن الاعلان العالمي لحقوق الانسان 30 مادة ترجمت الى اكثر من 200 لغة وهي تكرس في مجملها الحق في الحياة و التعليم والعمل وحرية ابداء الرأي وممارسة الشعائر الدينية بكل حرية ونبذ كل اشكال العنف والتمييز العنصري. و قد تزامن الاعلان العالمي لحقوق الانسان مع حدوث سابقة خطيرة عرفتها البشرية و المتمثلة في اعلان الحركة الصهيونية العالمية عن قيام الدولة العبرية فوق الاراضي الوطنية الفلسطينية وهو الامر الذي اعتبره المختصون خرقا لهذا الاعلان. و بالرغم من التفاؤل الذي تبديه بعض الاطراف بان هذا الاعلان قد جاء لحل النزاعات والصراعات وترسيخ مبدأ الحق في الحياة بالنسبة للبشر الا ان هناك تجاوزات وانتهاكات خطيرة وصراعات تحدث يوميا في نقاط مختلفة من العالم وخاصة في المناطق المحتلة بالصحراء الغربية والاراضي العربية والعراق، حيث تمارس مختلف أشكال التعذيب و القمع والتنكيل على شعوبها من طرف قوات وجحافل الاحتلال وذلك في ظل انعدام رد فعل ايجابي للمجتمع الدولي. وأما الحصار العسكري والاقتصادي الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ سنوات وخاصة منطقة غزة لهو دليل واضح على ان هذا الاعلان لم يحقق الاهداف التي جاء من اجلها والمتمثلة اساسا في حق الانسان في الحياة. و بالتوازي مع ذلك هناك من يرى بأن البشرية قد حققت خطوات معتبرة بعد صدور هذا الاعلان في مجال حماية وترقية حقوق الانسان، حيث تمكن المجتمع الدولي من القضاء على العنصرية في عدة مناطق من العالم وانشاء محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب وكذا حل النزاعات المسلحة والصراعات و ترقية الحقوق المدنية والسياسية للأفراد ومحاربة الفقر والامراض وحماية الحريات الفردية والجماعية. ويجمع الملاحظون على ان هناك تحديات جديدة يعرفها المجتمع الدولي في المرحلة الراهنة و التي تتطلب من الاممالمتحدة وهيئات المجتمع المدني التي تعمل في حقل حقوق الانسان والحكومات، مواجهتها للتصدي بقوة لهذه التحديات وخاصة فيما يتعلق بظاهرة الارهاب والفقر والمجاعة والتغير المناخي. و في هذا الاطار قررت الاممالمتحدة الاحتفال بالذكرى ال 60 للإعلان العالمي لحقوق الانسان طوال سنة 2008 وعبر مختلف نقاط العالم وذلك من خلال تسطير برنامج تساهم فيه الاممالمتحدة والقطاعين العام والخاص ووسائل الاعلام والمدارس ورجال الفن وسائر ممثلي المجتمع المدني في شتى انحاء العالم. و من المنتظر ان تعلن الجمعية العامة للامم المتحدة بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال 60 للاعلان العالمي لحقوق الانسان عن بداية هذه السنة الدولية من اجل الاضطلاع بأنشطة ترمي الى توسيع الثقافة والتعليم في مجال حقوق الانسان وتعميقها. وتسعى الاممالمتحدة من خلال هذا الاحتفال الذي سيكون على مدار السنة الى جعله حدثا شموليا يركز على دور الانسان في جميع مناطق انحاء العالم بوصفه الحامي لهذا الاعلان والمستفيد منه كذلك. ولإعطاء اكثر فعالية لهذه الاحتفالات فقد دعا المفوض السامي لحقوق الانسان شركاءه في مجال حقوق الانسان من كافة انحاء العالم الى ايلاء اهتمام خاص للحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية للاشخاص المحرومين من حريتهم في السجون وسائر أماكن الاحتجاز.