تزخر ولاية سكيكدة التي تتربع على مساحة إجمالية تقدر ب4118 كلم مربع، بإمكانيات سياحية طبيعية في غاية الجمال والروعة، كفيلة في حال استغلالها أحسن استغلال، بأن تحولها إلى قطب سياحي بامتياز، خاصة أنها تتميز بتضاريس متنوعة تشكل مناطق جبلية تمتدّ من شرق الولاية إلى غربها، على طول امتداد شريطها الساحلي. أهم ما يميز جبال سكيكدة، غطاؤها النباتي المتميز والكثيف والمتنوع، ناهيك عن قممها الشامخة كمرتفعات جبل سيدي إدريس، وحجر مفروش، ورأس بوقارون ورأس الحديد، وفلفلة وسطيحة وجبل الكوفي...، لتضفي إليها سهولها الممتدة جنوب جبالها نكهة خاصة، تزيدها جمالا ما بعده جمال، كسهول وادي الصفصاف ووادي قبلي والوادي الكبير وسهل عزابة، دون إغفال المنطقة المتواجدة بين جبالها، لاسيما تلك الواقعة بين منطقتي الحروش وعزابة المتميّزة بمراعيها مترامية الأطراف التي تشبه المراعي النورموندية في الأراضي المنخفضة. يبقى الشريط الساحلي في هذه المنطقة الممتد على مسافة تقدر بحوالي 147 كلم، المتميّز بشواطئها الساحرة التي تمتزج فيها زرقة البحر باخضرار غطائها النباتي، في مشهد رومنسي تزيده أصوات نوارس البحر، وزقازق مختلف الطيور، وأصوات الأمواج، حينما تصطدم بالصخور، جمالا، ليتحوّل كل ذلك إلى سنفونية خالدة ترتاح لها النفوس. حسب مديرية السياحة للولاية، فإن ولاية سكيكدة تبقى من ولايات القطر الجزائري التي تملك مؤهلات سياحية كبيرة، تخص شواطئ بحرية تمتدّ من رأس الحديد، أقصى شرق الولاية، إلى رأس بوقارون غربا بالمصيف القلي، ناهيك عن تنوع خلجانها وجزرها وأشباه الجزر الموزعة عبر سطورة، والعربي بن مهيدي إلى غاية فلفلة، والمرسى والقل، وكركرة، إلى جبال وغابات كجبل الغوفي، وغابة بني توفوت، وجبل سيدي إدريس، وحجر مفروش والعاليا، وسطيحة ومرتفعات جبال زردازة، وخناق مايون والعوينات وعين قشرة، وغابة قرباز، وأعالي جبال سطورة، وأولاد أعطية، وبني زيد...، ناهيك عن منطقة قرباز الرطبة المصنفة كمحمية طبيعية، دون نسيان توفرها على عدد هام من الحمامات المعدنية للعلاج والاستجمام كحمام الصالحين، وحمام الحامة الواقع داخل إقليم بلدية عزابة. «رأس الحديد" أو شاطئ السحر والجمال من بين أهم الكنوز السياحية الخلابة التي تزخر بها سكيكدة، شاطئ رأس الحديد المتواجد أقصى شرق الولاية ببلدية المرسى، على بعد أكثر من 70 كلم عن مدينة سكيكدة، على الحدود مع ولاية عنابة، يعد واحدا من بين أجمل الشواطئ على الإطلاق، رغم أنه غير محروس بسبب صعوبة مسالكه، فالزائر لهذا الشاطئ، سيصطدم لامحالة بلوحة فنية يمتزج فيها البحر بلونه الأزق الذي يختلط بلون جبالها الصخرية، التي تغطيها بعض الشجيرات الجبلية في تشكيل بانورامي أرادته الطبيعة أن يكون ديكورا مميزا، أضفى على المكان صورة من الجمال. وما زاد في روعة هذا الشاطئ، الهدوء الذي تكسر صمته الأمواج المترامية على الكتل الصخرية الجاثمة بكبرياء حينا، وعلى الشاطئ المتميز بطبيعة رماله حينا آخر، كأنها في عزف موسيقي ترقص على إيقاعه بعض نوارس البحر التي تجد في خليج رأس الحديد فرصة للتعبير عن الانعتاق، كأنها ملت ضجيج البواخر المارة على طول الشريط البحري لسكيكدة، كما تتواجد في مكان غير بعيد عن الشاطئ، منارة رأس الحديد الشهيرة التي شيدت سنة 1907، كأنها حارس أمين يدخل الطمأنينة إلى النفوس. الذاهب إلى هذا الشاطئ انطلاقا من مدينة سكيكدة، مرورا ببلدية فلفلة، ستشده حتما مشاهد طبيعية نادرة تتشكل من كتلة جبلية تغطيها أشجار باسقات، تنتهي مع مدخل منطقة صنهاجة قرباز الرطبة المحمية عالميا، بالشواطئ البحرية الجميلة. أما ببلدية المرسى الساحلية التي سبق لها أن استفادت منطقتها من التوسع السياحي المتربعة على مساحة تقدر ب112 هكتار، منها 83.35 هكتارا في إطار التهيئة مصادق عليها، من دراسة تقنية شاملة لإنشاء منطقة سياحية كبرى في الجهة الغربية منها، أوكلت إلى مكتب إسباني متخصص في الدراسات التقنية الخاصة بقطاع السياحة، حيث تتوفر على هياكل ومنشآت سياحية كبيرة ومرافق خدماتية وأخرى للنزهة والترفيه، تبقى مفتوحة للاستثمار الوطني والأجنبي. تشمل هذه الدراسة في مجملها، إقامة "بنغالوهات" ومساكن سياحية وفنادق ب3 و4 و5 نجوم، ناهيك عن مخيمات عائلية وبيوت سياحية، ومرافق ترفيهية خدماتية، كمحطة للبنزين ومركز خاص بالراحة والاستجمام، وآخر للتنشيط الثقافي والمحاضرات، والندوات ونادي التنس ومحطة لمعالجة المياه ومركز للصناعات التقليدية. شبه جزيرة القل بين سحر البحر وروعة جبالها من بين أجمل المواقع السياحية بسكيكدة أيضا، مدينة شولوس، أو القل الواقعة غرب سكيكدة المتميّزة بشواطئها الساحرة الخلابة التي تجمع بين زرقة البحر واخضرار الغطاء النباتي الممتد على طول جبلي دامبو وسيدي عاشور، وسط سيمفونية رائعة من الألحان التي تعزفها أمواج البحر التي تتلاطم بالصخور، كأنها في معبد طبيعي. تبقى القل، بطبيعتها الجبلية المتميزة وبحرها الجميل وكثافة غاباتها متعددة الأنواع والأصناف، وشواطئها الواسعة ذات الرمال الناعمة وطيبة سكانها، مدينة سياحية دون منازع ترعاها بركة سيدي الكبير، ويحميها جبل سيدي عاشور الذي يعلو المدينة بكبرياء وشموخ كأنه يحرسها، بخلاف جبل دامبو من جهة البحر الذي أرادته الطبيعة أن يكون ديكورا، ليزيد المنطقة بهاء ويضفي على شبه جزيرة القل هيبة. كما تبقى مدينة القل بطبيعتها التي يحاصرها البحر من كل النواحي وبخلجانها الساحرة، مدينة حقيقة فريدة من نوعها على المستوى الوطني.. أما شاطئ تمنارت الساحر الذي يبعد عن مدينة القل بحوالي 18 كلم، يعد هو الآخر من بين أجمل شواطئ المنطقة، رغم أنه يصنّف من بين الشواطئ غير المحروسة منذ سنة 2002، بسبب بعض الظروف التي عاشتها المنطقة خلال العشرية السوداء، ليبقى أمل أهالي المنطقة أن تسارع الجهات المعنية من أجل تحويله إلى منتزع سياحي بامتياز، لاسيما مع توفره على كل الظروف التي تسمح بتحقيق ذلك، حتى يساهم في ترقية السياحة في هذه المنطقة الآمنة العذراء. مواقع سياحية على طول الشريط الساحلي أما بعاصمة الولاية التي تعدّ عروس الشرق دون منازع، فتزخر هي الأخرى بكم هائل من الكنوز السياحية والمعالم الثقافية والآثار، كالمسرح الروماني، ومقر البلدية الذي يحتوي على أغلى الألواح الزيتية العالمية، والمتحف البلدي، ناهيك عن قصر مريم عزّة، وكنيسة القديسة تيريزا، ومحطة القطار الفريدة من نوعها، ومسجد سيدي علي الكبير، والمتحف الجهوي للمجاهد، وقصر ودار الثقافة، والمكتبة الرئيسية التي أنجزت كلها بالطابع المعماري العربي الأندلسي، دون إغفال مجمع شارل "مونطالو" الشهير المتواجد بشارع زيغوت يوسف الذي يضم، إلى جانب النزل البلدي، البنك المركزي والقباضة الرئيسية للبريد وما يحيط به من حدائق التي لم تعد تحمل سوى الاسم فقط، يضاف إليها شريطها الساحلي الرائع الممتد من شاطئ القصر الأخضر إلى سطورة، مرورا بشواطئ الجنة، والعسكري الصغير، وبيكيني الكبير ومولو. إلى غاية ميرامار والمحجرة، عبر ممر ترابي، دون إغفال شواطئ العربي بن مهيدي إلى غاية فلفلة، خاصة أن هذه المنطقة بدأت تشهد خلال السنوات الأخيرة نموا ملحوظا فيما يخص الهياكل السياحية، على غرار الفنادق والقرى السياحية، وحظائر الألعاب المائية، في انتظار استلام أول حظيرة للألعاب بالمدينة، لتبقى سطورة في كل هذا بمينائها للترفيه وككل موسم صيف، تصنع أفراح عاصمة روسيكادا ليل نهار. جزيرة سيريجنا، أو الوجه الآخر للسياحة بسكيكدة تشكل جزيرة سيريجينا الواقعة في الجهة الغربية من مدينة سكيكدة، على بعد عدة أميال من خليج سطورة الساحر، قبالة الشاطئ الكبير الجميل بمساحة إجمالية تقدر ب06 هكتارات، واحدة من بين أروع جزر الساحل السكيكدي دون منازع، فهي تشكل لوحة فنية طبيعية أبدعتها يد الخالق، تحيط بها مياه البحر الصافية الزرقاء كزرقة السماء من كل جانب، وتؤمها أنواع من الطيور البحرية المختلفة، في مقدمتها النوارس التي تجد فيها مستقرا آمنا لها. وما يزيد في جمال هذه الجزيرة الساحرة التي تضم في الواقع جزيرتين صغيرتين، إضافة إلى احتوائها على أكثر من 30 صنفا نباتيا، منها صنفان نادران، حيث يعلو الجزيرتين منارة مربعة الشكل يعود تاريخ إنجازها من قبل السلطات الاستعمارية إلى سنة 1874، تقوم بتنظيم حركة تحرك البواخر القادمة إلى ميناء سكيكدة، لتخضع سنة 1961 إلى عملية إعادة تهيئة شاملة فرضتها الظروف آنذاك، كما توجد بها بعض الآثار الرومانية والفينيقية التي لا تزال شواهدها خالدة. للإشارة، يتواجد على طول الشريط الساحلي لولاية سكيكدة الممتد على طول مائة وأربعون كلم، 10 جزر بين كبيرة ومتوسطة وصغيرة. الآثار الرومانية، إضافة أخرى للسياحة المستقبلية إلى جانب كل هذا، تزخر ولاية سكيكدة بالعديد من المواقع الأثرية التي بإمكانها أن تلعب دورا رياديا في مجال ترقية وتطوير السياحة من بينها، الآثار الرومانية المقدسة، أو كما تعرف بموقع "لمساجد" أو "بارسيانيس" الواقعة بالجهة الشمالية الشرقية لبلدية فلفلة، بمحاذاة شاطئ قرباز الجميل، على بعد 53 كلم شرق المدينة. تتشكّل الآثار الرومانية من مجموعة حجارة منحوتة متناثرة على مساحة تقدر بأربعة هكتارات، تتواجد بها إلى جانب ذلك بناية رومانية مهدمة عليها آثار واضحة للجدران المنحوتة، تشكل قطعة من الفسيفساء كبيرة الحجم تحتوي على زخارف هندسية متعددة الألوان، زيادة إلى وجود بعض الآثار لأوان فخارية وجزء لعمود فخاري. للإشارة، فإن وزارة الثقافة خصّت هذا الأخير سنة 2012، إلى جانب الموقع الأثري الروماني المعروف باسم قلعة "القلة" بأولاد حبابة (أقصى جنوبسكيكدة)، والمتربعة على مساحة تفوق 9 هكتارات، بدعم مالي يقدر بمليار دينار من أجل إعادة تأهيل الموقعين الأثريين، ومن ثمة تحديد الحدود الفعلية لأثار "بارسيانيس" بغرض إنجاز دراسة لمخطط الحماية والتثمين، على غرار جل الموقع الأثرية المتواجدة عبر ولاية سكيكدة، والتي كان من المقرر أن تشهد عملية تهيئة واسعة حسب أهمية كل موقع وحالته، كالموقع المكتشف بالمكان المسمى "دوار الرضوانية" ببلدية السبت جنوب شرق سكيكدة الذي هو عبارة عن مزرعة رومانية قديمة تتربع على حوالي 6 هكتارات، ويضم تابوتا حجريا ومعاصر للزيتون وأوان فخارية جنائزية، بالإضافة إلى خزان تحت الأرض كان يستعمل إما لتخزين الماء أو المواد الغذائية، وأيضا الموقع الأثري الواقع ببلدية أم الطوب الذي يعود إلى الحقبة الرومانية، والممتد إلى غاية إقليم بلدية بين الويدان على مساحة تقدر بأزيد من 4 هكتارات، والمتضمن لعدد كبير من الحجارة المنحوتة ومعاصر للزيتون ومطاحن للقمح. ❊ بوجمعة ذيب