تنوع المعالم الأثرية والإرث التاريخي والثقافي لولاية سكيكدة، يسمح بتطوير فضاء سياحي ذي طابع ثقافي، فالماضي التاريخي للولاية والآثار الرومانية ونصب الدولمان المنتشرة عبر ربوع إقليم الولاية والأعياد المحلية التي تشتهر بها يدفع حتما الى تشجيع هذا المنتوج السياحي وتسويقه محليا، ويمكن استغلاله في الدليل السياحي للولاية. الولاية تزخر بالعديد من المواقع الأثرية التي وإن استغلت استغلالا ستحولها إلى قطب سياحي بامتياز في هذ الجانب، ومن بين تلك المواقع التي تمّ اكتشافها بالولاية الآثار الرومانية المقدسة أو كما تعرف بموقع «لمساجد» أو «بارسيانيس» الواقعة بالجهة الشمالية الشرقية لبلدية فلفلة بمحاذاة شاطئ قرباز الجميل على بعد 53 كلم شرق مدينة سكيكدة. حسب مصدر من مديرية الثقافة للولاية، فإن الآثار الرومانية المقدسة التي تعود إلى الفترة الرومانية هي عبارة عن مجموعة من الحجارة المنحوتة المتناثرة على مساحة تقدّر بأربعة هكتارات تتواجد بها إلى جانب ذلك بناية رومانية مهدمة عليها آثار واضحة للجدران المنحوتة وأيضا قطعة من الفسيفساء كبيرة الحجم تحتوي على زخارف هندسية متعدّدة الألوان زيادة إلى وجود بعض الآثار لأواني فخارية وجزء لعمود فخاري. وحسب نفس المصدر، فإن اكتشاف هذه الآثار التي تعود للمدينة الرومانية المقدسة «بارسيانيس» يقدم رؤية واضحة لنوعية التجمعات العمرانية الرومانية في شمال إفريقيا، بالخصوص وأنها تقع على التماس مباشر مع شاطئ البحر زيادة إلى ذلك، فإن قطعة الفسيفساء التي تمّ العثور عليها بذات المكان تقدم نظرة شاملة عن خصوصية هذه المدينة. الموقع هذا، خصّته وزارة الثقافة خلال سنة 2012، إلى جانب الموقع الأثري الروماني المعروف باسم قلعة «القلة» بأولاد حبابة، والمتربعة على مساحة تفوق 9 هكتارات بدعم مالي هام من أجل إعادة تأهيل الموقعين الأثريين بالولاية، حيث تمّ الشروع في عملية تحديد الحدود الفعلية لأثار «بارسيانيس» بغرض إنجاز دراسة لمخطط الحماية والتثمين على غرار جلّ الموقع الأثرية المتواجدة عبر الولاية، والتي كان من المقرّر أن ستشهد عملية تهيئة واسعة حسب أهمية الموقع ووضعيته، كالموقع المكتشف بالمكان المسمى «دوار الرضوانية» ببلدية السبت جنوب - شرق مدينة سكيكدة، والذي هو عبارة عن مزرعة رومانية قديمة تتربع على حوالي 6 هكتارات ويضم هذا الموقع تابوتا حجريا ومعاصر للزيتون وأواني فخارية جنائزية، بالإضافة إلى خزان تحت الأرض كان يستعمل إما لتخزين الماء أو المواد الغذائية، إضافة الى الموقع الأثري الواقع ببلدية أم الطوب والذي يعود إلى الحقبة الرومانية والممتد إلى غاية إقليم بلدية بين الويدان على مساحة تقدر بأكثر من 4 هكتارات والمتضمن على عدد كبير من الحجارة المنحوتة ومعاصر للزيتون وكذا مطاحن للقمح. فسيفساء تشكّل أسطورة حاضر وماضي روسيكادا تقاوم النسيان كما تتواجد ببلدية القل آثار تعود إلى الحقبة الرومانية، والمتمثّل في «معبد نبتون» تمّ اكتشافه خلال عملية ترميم لمسجد سيدي علي الكبير بالقل الذي بني عام 1756، وعثر على أدراج تحت الأرض، حيث أنه تمّ خلال الاحتلال الفرنسي اكتشاف في نفس المكان حجارة كتب عليها باللاتينية «نبتونو» كما يعدّ المسجد الكبير كنزا أثريا بني من طرف العثمانيين، فالآثار التاريخية تجسّد البعد التاريخي للمنطقة الضارب جذوره في عمق التاريخ من بينها ما تزخر بها منطقة تمالوس وكركرة بالجهة الغربية من الولاية وكذا سوق اليهود بالقرب من منطقة بوالنغرة بأولاد اعطية، تشمل روائع مغليتية هامة عبارة عن نصب معالم تعود إلى العصر النيوليتي أي 20 ألف سنة قبل الميلاد زيادة على وجود العديد من الآثار التي تعود إلى الحقبة الفينيقية من القرنين 11و12 ق.م بالخصوص على طول الواجهة البحرية بكل من روسيكادا «سكيكدة»، وشولو «القل»، وسطورة، ناهيك عن الآثار الرومانية المختلفة لا سيما تلك التي تؤرخ لحكم الملك أنطونيوس خلال الفترة ما بين 182 و96 بعد الميلاد والتي من خلالها عاشت روسيكادا أزهى أيامها الذهبية، إلى جانب الآثار الوندالية والإسلامية. ويعرف المسرح الروماني الذي يعود عهده إلى فترة حكم الإمبراطور أدريان في القرن الثاني، تدهورا كبيرا رغم أن أشغال الترميم لم تنتهي من سنوات، ووضعيته تعقدت أكثر، إضافة الى الحديقة الأثرية الملحقة بالمسرح الروماني التي خضعت لأعمال تهيئة كبيرة من قبل، الا أن الأحوال الجوية الأخيرة اثرت على الحائط الذي انهار وتحتاج هي الأخرى الى عناية جادة. تعزيز جذور الولاية الضاربة في غابر الأزمان رغم العمليات الهامة التي قادت إلى الكشف عن مواقع أثرية في سكيكدة، والتي نفضت الغبار عن تاريخ وإرث حضاريين وعززت جذور الولاية الضاربة في غابر الأزمان ابتداء من عصر ما قبل التاريخ وصولا إلى الحقبة الاستعمارية مرورا بالعديد من الحضارات والثقافات التي تعاقبت عليها، لاتزال هوية سكيكدة الأثرية عبر الحضارات المتعاقبة بين مطرقة الإهمال وسندان الجهل، تشهد المواقع الأثرية المتواجدة بمدينة سكيكدة حالة من الإهمال الذي أثر على بقاء مخزونات هذه المواقع في المتاحف التي وضعت فيها. وإذا كانت بعض المواقع مثل «قرباز»، «قلعة القلة»، «مسجد سيدي علي الذيب» و»قصر مريم عزة» الشهير ببن قانة قد حازت على التصنيف، فإن معظم المواقع لم يتسن لها ذلك، بما في ذلك تلك الواقعة بمدينة سكيكدة والمتمثلة في «الخزانات الرومانية» بمنطقة سطورة و»خزانات سبع أبيار»، لكن ظلّت هذه المواقع غير مصنفة، لحد الآن، حيث تشير بعض المصادر إلى وجود عدد من العراقيل الإدارية البيروقراطية التي حالت دون وضع حدّ لعبث الإنسان لتترك مفتوحة على الهواء وعرضة للتلف والإهمال.