أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خرجة غير متوقعة استعداده عقد لقاء مع الرئيس الإيراني، حسن روحاني في أي وقت شاء وبدون شروط مسبقة في قمة ستكون الأولى من نوعها بين رئيسين أمريكي وإيراني في حال التئامها منذ سنة 1979. وقال الرئيس ترامب، خلال ندوة صحفية عقدها مع رئيس المجلس الإيطالي، جوزيبي كونتي، في مقر البيت الأبيض "سألتقي بكل تأكيد مع القيادة الإيرانية إذا أرادت ذلك"، قبل أن يقول بلغة المتأكد من توقعاته أنه "على الأرجح سينتهي بهم المطاف بقبول فكرة عقد هذا اللقاء". وأضاف أن "الأمر جيد بالنسبة لهم ولنا ولكل العالم وخاصة إذا تمكنا من إيجاد تسوية جدية وليس مجرد تبذير للأوراق كما حدث في الاتفاق النووي السابق"، المتواصل الموقع شهر جويلية 2015. ولم تنتظر السلطات الإيرانية طويلا للرد على مقترح الرئيس الأمريكي وأكدت أن كل مفاوضات بينها وبين الولاياتالمتحدة يجب أن يسبقها التزام أمريكي بوقف الحملة والتصريحات العدائية ضد إيران وتأكيد الالتزام بما تضمنه الاتفاق النووي الذي أصبح يعرف ب«اتفاق ستة زائد واحد". وقال حميد أبو طالبي مستشار الرئيس، حسن روحاني إن تعامل الإدارة الأمريكية مع إيران كأمة كبيرة والحد من مواقف العداء تجاهها وعودة الولاياتالمتحدة إلى الاتفاق النووي كفيل بأن يفتح الطريق لإنهاء الفوضى الحاصلة الآن في علاقات البلدين. وأضاف المسؤول الإيراني أن بلاده كانت السبّاقة إلى طرح فكرة الحوار بينها وبين الولاياتالمتحدة من خلال المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس حسن روحاني مع الرئيس الأمريكي المغادر باراك أوباما سنة 2013 والتي سمحت بالبدء في حوار اعتمد على الثقة المتبادلة وأن الاتفاق النووي تم التوصل إليه في إطار هذه الجهود. والمفارقة أن العرض الأمريكي جاء بعد تصعيد غير مسبوق في الاتهامات والملاسنات الحادة بين البلدين بلغت حد التهديد بضرب إيران عسكريا لترد هذه الأخيرة بغلق مضيق هرمز متى شعرت أن مصالحها القومية أصبحت مهددة من أي طرف كان وأنه يتعين على الرئيس ترامب عدم المغامرة باللعب بذيل الأسد حتى وإن كان نائما. ويبدو أن الرئيس الأمريكي يريد استعمال إستراتيجية العصا والجزرة مع إيران ضمن خطة أتت أكلها مع النظام الكوري الشمالي بعد أن بلغت حدة الاتهامات بين واشنطن وبيونغ يونغ حد تبادل الصفات الذميمة بين رئيسي البلدين قبل أن يفاجأ العالم بقمّة لم تكن مطروحة بين ترامب وكيم جونغ إن توجت باتفاق تاريخي أنهى صراعا بين البلدين استمر على مدار ستة عقود. وعندما نعلم أن إيران وكوريا كانتا مدرجتين ضمن قائمة قوى "محور الشر" التي وضعها الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش قبل أن تتحول كوريا إلى صديق "حميم" ندرك أن الدبلوماسية تبقى في كل الحالات فن الممكن وأن الحروب حالة استثنائية بما يعني أن تقاربا أمريكيا إيرانيا يبقى غير مستبعد. ولكن هل يمكن استنساخ التجربة التي نجح فيها الرئيس ترامب مع كوريا الشمالية وتطبيقها على إيران في ظل المعطيات المتباينة بين هذه الدولة وتلك؟ وهي الإشكالية التي تتعامل وفقها الإدارة الأمريكية بالنظر إلى الموقع الإستراتيجي لإيران في منطقة الشرق الأوسط والأوراق الرابحة التي بين يدي طهران وخاصة إشرافها على مضيق هرمز الذي تعبره يوميا 30 بالمائة من الصادرات النفطية في العالم، بالإضافة إلى القدرات العسكرية الإيرانية والتي تحتم على الرئيس الأمريكي الأخذ بعين الاعتبار حسابات الربح والخسارة في حال اندلعت حرب مفتوحة جديدة في منطقة الخليج. وبالنظر إلى الأوضاع التي تعرفها منطقة الشرق الأوسط، فإن كل نزاع مسلح بين البلدين سيكون بمثابة فتيل حرب سيشعل كل المنطقة إذا أخذنا في الاعتبار مسألة التحالفات القائمة والتوازنات الإقليمية وحتى العالمية والتي قد تعرف زلزالا قويا لا يستبعد أن تكون له ارتدادات دولية بالنظر إلى مصالح القوى الكبرى في إحدى أكبر مناطق العالم أهمية من وجهة النظر الجيو إستراتيجية. وهل فعلا أن الرئيس ترامب سيدخل مفاوضات مع إيران دون شروط مسبقة، وهو الذي سبق أن طرح سيلا من الشروط التعجيزية، مقابل التوقيع على اتفاق نووي جديد معها اللهم إلا إذا كانت نيته التوقيع على اتفاق ثنائي معها وسحب البساط من تحت أقدام الدول الأخرى الموقعة على اتفاق جويلية 2015. ثم إن وزير الخارجية الأمريكي وضع شروطا تعجيزية أخرى مست ماهية النظام الإيراني وشكلت تدخلا في الشؤون الداخلية الإيرانية عندما راح يطالب بضرورة "إظهار السلطات الإيرانية استعدادها للقيام بتغييرات جوهرية في كيفية تعاملها مع شعبها وتغيير "تصرفاتها السيئة" مع دول الجوار وإبداء رغبة صادقة في التوصل إلى اتفاق نووي جديد مقابل رفع العقوبات المفروضة على إيران وإقامة علاقات دبلوماسية وتجارية معها.