أكد مروان عزي، الرئيس السابق لخلية المساعدة القضائية لتطبيق تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، في حوار مع «المساء»، أنه بعد 13 سنة من تطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية تمكن الجزائريون من تعميق» التصالح مع الذات» سنة تلو أخرى، موضحا استفادة أزيد من 32 ألف ضحية مأساة وطنية، من تدابير الميثاق، مبرزا اقتداء دول أجنبية بالتجربة الجزائرية في هذا المجال، مما تُوج باعتماد الأممالمتحدة اقتراح الجزائر اعتماد يوم عالمي تحت شعار «العيش معا في سلام» يصادف تاريخ 16 ماي من كل سنة. ❊ المساء: تمر اليوم السبت 13 سنة على استفتاء ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، بصفتكم الرئيس السابق لخلية المساعدة القضائية لتطبيق تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، ما هي أهم المكاسب التي تحققت على الصعيد الأمني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي؟ ❊ عزي: من بين أهم النتائج استعادة الأمن والاستقرار في جميع ربوع الوطن، وقد ترتب عن ذلك عودة التنمية إلى المناطق التي كانت مهجورة، ودبت الحياة من جديد في القرى والأرياف التي غادرها أهلها خلال العشرية السوداء، كما استعادت الجزائر سمعتها بين الدول، وأصبحت كلمتها مسموعة ومؤثرة في المنابر الدولية والإقليمية. أما على الصعيد الاقتصادي فنتائج التنمية والاستثمارات الأجنبية تعكس الثقة التي أصبح يضعها المستثمرون في الجزائر؛ كسوق واعدة ومستقرة، وهو الأمر الذي كان غير متاح تماما في السابق. ❊ بحكم رئاستكم خلية المساعدة القضائية، كم عدد الأشخاص الذين استفادوا من تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية؟ ❊ حتى نهاية رئاستي خلية المساعدة القضائية لتطبيق تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية؛ أي منذ 2006 إلى غاية 2016 خلال عشر سنوات، تمكن أزيد من 32 ألف متضرر من الاستفادة من تدابير السلم والمصالحة الوطنية في مختلف ربوع الوطن، وهم يمثلون مختلف الفئات، وفي مقدمتهم الإرهابيون التائبون الذين سلّموا أنفسهم للسلطات الأمنية وتخلوا عن السلاح، ثم عائلات ضحايا الإرهاب. وشملت التدابير أيضا من فقدوا مناصب عملهم ومن تضررت تجارتهم أو محاصيلهم الزراعية ومواشيهم جراء الأعمال الإرهابية. ❊ المساء: ما هي أكثر المناطق التي استفاد سكانها من تدابير السلم والمصالحة الوطنية؟ ❊ جميع الجزائريين استفادوا من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية بدون استثناء، حيث «يُنظر إليهم» في إطار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية «كضحايا المأساة الوطنية» بدون استثناء؛ سواء كانوا إرهابيين تائبين أو من ضحايا الإرهاب، وحتى إن كانت هناك مناطق تضررت أكثر من أخرى، غير أن جميع ولايات الوطن مسها الإرهاب، وكانت غير آمنة وغير مستقرة مع اختلاف في طبيعة الأعمال الإرهابية بين التفجيرات والقتل الجماعي أو الفردي للمواطنين أو حرق المحلات أو المحاصيل الزراعية ونهب الممتلكات والأموال. ❊ ما هي قراءتكم لاستمرار توبة الإرهابيين بالجنوب الكبير؟ ❊ استمرار توبة الإرهابيين عبر الوطن لا سيما في الجنوب الكبير، يثبت مرة أخرى أنه لا خيار لهم سوى العودة إلى أحضان الوطن، والاستفادة من تدابير السلم والمصالحة الوطنية، التي تبقى صالحة وحلا أمثل للمغرّر بهم بدل مواصلة السير في طريق مسدود أمام الخطط الأمنية لقوات الجيش الوطني الشعبي. ❊ كيف استفادت الدول الأجنبية من التجربة الجزائرية في مجال المصالحة الوطنية؟ ❊ الكثير من الدول الأجنبية استفادت من التجربة الجزائرية الخاصة بالسلم والمصالحة الوطنية، وأخذت بمقاربتها، مقتنعة بالنتائج التي توصلت إليها بعد تطبيق الميثاق؛ من سلم وأمن واستقرار طوى سنوات من الدم والدمار. ومن الدول التي سارت وتسيير على خطى الجزائر نجد دولة مالي، تونس وسوريا أيضا. ❊ مبادرة الجزائر الخاصة باليوم العالمي «للعيش معا في سلام» الموافق ل 16 ماي من كل سنة، هل هي ثمرة للمصالحة الوطنية أم للجهود الدبلوماسية؟ ❊ الأممالمتحدة أخذت باقتراح الجزائر الخاص بمبادرة العيش معا في سلام، لاقتناعها بنجاعة التجربة في مكافحة الإرهاب وبسط الأمن والسلم والأخوة، بفضل تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، والمواقف المشرفة التي كانت تتمسك بها الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب، وثبوت صحة نظرتها مع مرور الوقت، والدليل أن كبرى الدول تعود إليها في هذا المجال وتعتمد على خبرتها، خاصة أنها تراعي الحلول السياسية في النزاعات، وتبتعد عن الحلول المسلحة والتدخلات الأجنبية.