يتابع الجزائريون بألم شديد مستجدات الحرب الإسرائيلية على غزة التي تدخل أسبوعها الثالث، وطغت هذه الحرب على حديث الشارع الجزائري الذي يتفاعل معها متضامنا مع الإخوة الفلسطينيين في انتظار فك الحصار وإغاثة هذا الشعب الجريح. يتابع الجزائريون بألم شديد مستجدات الحرب الإسرائيلية على غزة التي تدخل أسبوعها الثالث، وطغت هذه الحرب على حديث الشارع الجزائري الذي يتفاعل معها متضامنا مع الإخوة الفلسطينيين في انتظار فك الحصار وإغاثة هذا الشعب الجريح. وفي استطلاع ل"المساء"، أكد مواطنون بالعاصمة أنهم أصيبوا بإحباط شديد، بسبب ما يجري بغزة من إبادة للإنسان أمام الصمت العالمي، ويتابعون بالمقاهي وصالونات الشاي والمطاعم ومقاهي الأنترنت وغيرها.. كل ما يجري بالقطاع؛ وأبدى محدثونا من مختلف الأعمار ومن الجنسين تضامنهم المطلق مع إخواننا الفلسطينيين في مقاومتهم وفي صمودهم أمام آلة الدمار الإسرائيلية. فيما ذهب البعض الآخر إلى تأكيد خالص نيّتهم في الدفاع عن فلسطين متى كان ذلك ممكنا، واستنكر آخرون الموقف المتخاذل للبعض تجاه ما يجري بغزة، داعين إلى ضروة توحيد الصف العربي لوضع حد للغطرسة الإسرائيلية، ليس فقط تجاه الفلسطينيين وإنما تجاه الأمة الإسلامية بشكل عام. ولمسنا خلال استطلاعنا مدى متابعة الشارع الجزائري لكل ما يجري حوله، ليس لأن أحداث غزة طغت على حديث العالم بأسره فحسب، وإنما متابعته للأحداث حتى لا ينقطع عن مجتمعه وعن عالمه. يتابعون ويحللون... تجولت "المساء" بين مقاهي وصالونات شاي وسط العاصمة، فسمعت حديثا واحدا بتحاليل مختلفة وبحماس شديد.. غزة هي حديث الجميع.. الكل يتفاعل مع الأحداث الدموية.. لا حديث إلا عن القصف والدمار الإسرائيلي وعن شهداء غزة وعن جرحى غزة وعن مقاومة وصمود غزة وعن آلام الشعب العربي بأكمله. في أحد المقاهى استدار بعضهم نحو تلفاز وضع بصفة عمودية بركن السقف وقد ضبط التردد على قناة إخبارية عربية تتابع ما يجري مباشرة من غزة.. بعضهم يتابع باهتمام وآخر يتابع بسخط كبير وهو يسب ويشتم، والبعض يتحاور ويحاول تقديم الحلول وهو يردد "كان من المفترض أن يُفعل بهم كذا وكذا... " (أي الإسرائيليين). اقتربنا من نادل بالمقهى نسأله عن الجو بالمكان منذ أحداث غزة، فقال انه لا حديث إلا عما يجري بالقطاع المحاصر، وان المترددين على المقهى كلهم إما يتبادلون الآراء والتحاليل حول ما كتبته الصحف الوطنية وإما يتابعون مباشرة الأخبار المتلفزة، طوال ساعات اليوم لا اهتمام إلا بما يجري بفلسطين. وقال صاحب مقهى بمدخل شارع العربي بن مهيدي، أن احد الزبائن مؤخرا طلب منه قهوة وهو يقول "أريدها قهوة ثقيلة مثل الزفت حتى انزع بها الدمار الذي يختلج بنفسي بسبب ما أرى من دمار يلحق بغزة"، واخذ ذلك الزبون يسب ويشتم الإسرائيليين والصمت العربي ما جعل زبائن آخرين يساندونه في الرأي، فأخذ الجميع يحلل من وجهة نظره الأحداث وما يجري مع تقديم الحلول الممكنة لنصرة إخواننا الفلسطينيين. وبحديثنا إلى صاحب المقهى انضم جمع من المواطنين بالمكان واستداروا حولنا لمّا علموا أننا صحفيون واخذوا يصبون جام غضبهم على بعض الذين خذلوا الامة العربية.. وقالوا "نحن نرى يوميا مسيرات الشعوب الضخمة تدعو إلى فك الحصار على غزة ونصرة الفلسطينيين وتحاول الضغط على الحكومات سواء الإسلامية أو الغربية لوقف الهمجية الإسرائيلية عن طريق عزل إسرائيل دبلوماسيا ولكن لا حياة لمن تنادي، وأن بيانات الشجب والاستنكار لا تكفي والتنديد لا يضر الفلسطينيين ولا ينفعهم". وقال شاب والسخط باد في حديثه انه يتابع أحداث غزة بانتظام واهتمام بالغين وهو يردد في قرارة نفسه، انه لا حل يقدم على طبق وإنما ما أخذ بالقوة لا يؤخذ إلا بالقوة مثلما كان شعار الثورة الجزائرية. نادل في مطعم ب"كلوزال" قال لنا لما سألناه عن موقع أحداث غزة من حديث رواد المطعم فأجاب: "لا حديث إلا عن غزة، الزبائن يجلسون في انتظار الطعام وهم يمسكون الجرائد يطالعون أخبار غزة، وإذا تحدث احدهم عبر الهاتف فالحوار يدور حول أوضاع غزة حتى أنا أحيانا أنسى طلب احد الزبائن وأنا أتصفح الجريدة التي تلقى أمامي محاولا الاطلاع على المستجدات.. قلوبنا معهم ونتضرع بالدعاء لفك كربهم". انخفاض في المبيعات بسبب العدوان حملنا استفساراتنا وسألنا بعض العينات الاخرى من الشارع حول تضامنها مع الإخوة في فلسطين، فقال شاب كان يقف بأحد مداخل عمارات شارع بن مهيدي: »أحس قلبي يتمزق وأنأ أرى الدمار بغزة وتزايد شهدائها وجرحاها.. واعتقد أن مشكلة فلسطين ليست المساعدات الإنسانية من مال وغذاء أو دواء وإنما في التواطؤ لصالح إسرائيل. والقضية في هذا المقام لم تعد مصير شعب فقط وإنما مصير أمة عربية وإسلامية على السواء. لا يمكنني تخيل العالم العربي دون فلسطين كما يسعى الكيان الإسرائيلي لتطبيقه، لقد كبرنا على حب فلسطين، منذ صغري وأنا اسمع أهلي وكل محيطي يتحدث عما يجري بفلسطين وعن مجازر صبرا وشتيلا وبقيت الصورة والتساؤلات في ذهني.. لم أكن حينها أعي أو أدرك ما يجري بهذا البلد وكبرتُ.. وكبُرتْ القضية الفلسطينية وفهت الآن التواطؤ الحاصل ضد هذا الشعب، ولا نملك في مقامنا إلا التضامن بقلبنا ولا أقول أن هذا "ضعف إيمان لأننا كمسلمين لدينا الإيمان كله.. والله يقول في كتابه العزيز "واعدوا لهم ما استطعتم من قوة" والقوة هنا ليست العسكرية فقط وإنما توحيد الصفوف، لأنه مثلما قال الرئيس الراحل بومدين الدولة لا تزول بزوال الرجال كذلك فلسطين لابد ألا تزول بزوال (استشهاد) قادتها أو ثوارها، علينا كعرب وكمسلمين أن نتحد لان الدور قادم لا محالة بعد فلسطين على دول عربية وإسلامية تقف ضد التيار الاسرائيلو - أمريكي«. من جهته، قال بائع ملابس، أن التجارة تراجعت بثلاثة أرباع » لأن الناس ليس لهم القابلية للشراء والتمتع بالتبضّع في ظل ما يجري من عدوان ضد سكان غزة«. وأضاف » أينما اذهب لا حديث إلا عن قصف غزة. لا نملك جاها ولا سلطانا ولكننا نناصرهم في قضيتهم ومطالبهم والنصر لهم قريب«. وتساءل صاحب مكتبة بأودان كيف يطلق على من يدافع عن أرضه وعرضه بأنه إرهابي؟ وما الذي يمكن ان يجري في العالم لو ان العدوان كان على إسرائيل نفسها أو على أية دولة أجنبية؟ حينها كانت المعادلة ستنقلب ويدخل كل من يعارض مقاومة الفلسطينيين حاليا في حرب معلنة ومفتوحة لنصرة إسرائيل أو أي دولة! هذا هو التواطؤ ضد شعب فلسطين وضد الأمة الإسلامية كلها، فالتحاليل تشير إلى ان الدور قد يكون بعد فلسطين على لبنان وسوريا وإيران، وهكذا ليجري ما جرى في العراق وفلسطين.. وحتى الذين صمتوا على العدوان سيأتي الدور عليهم يوما ما لان اعتقاد الكيان اليهودي ان دولة إسرائيل العظمى تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات.. وهي ارض الميعاد المنتظر إقامتها حسب المزاعم اليهودية... ويقترح شاب آخر على العرب المثل القائل: نتحد ونخطأ خير من أن نتفرق ونصيب، في إشارة إلى محاولة الاتحاد، والأكيد ان النصر سيكون من عند الله لأن القضية عادلة وما ضاع حق وراءه طالب. نفس الصورة عاشتها نوادي الانترنت، إذ يؤكد مسير محل انترنت بقلب العاصمة، ان أحداث غزة طغت على اهتمام رواد المكان بحيث يتسابق كل منهم إلى دخول مواقع الأخبار المختلفة للاطلاع على المستجدات ومنهم من يستعمل تقنية اليوتوب في اطلاعاته وإرسال احدث صور الدمار اللاحق بغزة وحتى تبادل الأخبار الأخيرة فيما بينهم، وكثيرا- يقول- ما تتعالى أصوات الأخبار من المواقع الإخبارية فلا نسمع إلا القصف أو دوي سيارات الإسعاف أو بكاء الناس والأطفال.. فندرك حينها أنها من قلب غزة...