* email * facebook * twitter * linkedin تشهد معظم المدارس القرآنية والمساجد بورقلة إقبالا كبيرا للأطفال مع بداية كل عطلة صيفية، حيث تحرص العائلات الورقلية مع نهاية كل موسم دراسي، على تسجيل أبنائها للالتحاق بهذه المدارس والزوايا لتعلّم وحفظ القرآن العظيم على أيدي شيوخ وأئمة مؤهلين ومتطوعين، وما إن يضع هؤلاء الأطفال محافظهم المدرسية حتى يشرعوا في متابعة دراسة من نوع آخر، واستعمال أدوات تعليمية خاصة؛ كاللوحة والقلم الخشبي و«الدواية" أو المحبرة (قنينة الحبر التقليدي)، وهي الأدوات التعليمية التقليدية التي يتسلحون بها وهم متوجهون إلى المساجد والزوايا لتعلم أجزاء من كتاب الله العزيز الحكيم. تعوّل أغلب العائلات الورقلية على الفترة الصيفية للاستفادة منها؛ من خلال تمكين أبنائهم من تحصيل جانب من العلوم الشرعية، سيما منها حفظ حصص من القرآن العظيم عبر مختلف المرافق الدينية المنتشرة بالمنطقة، بغرض عدم تفويت الفرصة عليهم في هذا المجال الديني، نظرا لأنّ أغلبهم لا تتاح لهم فرصة الالتحاق بالمدارس القرآنية أثناء الموسم الدراسي الرسمي. وعبّرت السيدة زهرة (أم لثلاث أطفال) في تصريح لوأج، عن "فرحتها الكبيرة'' بمداومة أطفالها على مسجد الحي خلال كل عطلة صيفية لتعلم القرآن الكريم، ما ساعدهم - حسبها - على تحسن قواعد اللغة العربية لديهم، وساهم هذا النوع من التعليم في تطوير مستواهم وتوسيع مداركهم التعليمية، وبالتالي الحصول على نتائج دراسية "جيدة". أوقات فراغ طويلة يري أولياء آخرون، من جهتهم، أن لجوءهم إلى هذا النوع من التعليم في فصل الصيف يعود إلى تخوفهم من أوقات الفراغ الطويلة لأبنائهم، وما يطرح ذلك من أخطار السقوط في أوحال الآفات الاجتماعية، في ظل انعدام وسائل التسلية والترفيه في مثل هذه المناطق من جنوب الوطن. وأجمع أغلب التلاميذ في انطباعات رصدتها وأج، على أنّ العطلة الصيفية تُعد "فرصة لا تعوّض" لحفظ القرآن العظيم رغم أنّهم يتابعون ذلك خلال الموسم الدراسي العادي، إلا أنهم خلال هذه الفترة يتفرّغون أكثر لتعلّم الأحاديث النبوية والمتون وسور قرآنية بتركيز أفضل. وفي هذا الصدد يقول الطالب عزيز (15 سنة) تلميذ في الطور الثانوي: "لم أتمكّن بسبب البرنامج التعليمي المكثف، من الالتحاق بالمدرسة القرآنية. وتُعد العطلة الصيفية فرصة كبيرة، حيث أتردد على مسجد الحي في كل عطلة. لقد عاهدت نفسي على ختم كتاب الله العزيز الحكيم خلال هذه العطلة'‘. أما مريم ذات الأربعة عشر ربيعا فأعربت عن رغبتها في تعلم وحفظ القرآن الكريم خلال العطلة الصيفية؛ لأن لديها الوقت الكافي لذلك، وهي تدرسه وتحفظه بالمنزل تحت إشراف مدرستها، وقد حفظت نصفه تقريبا. وتعتمد عملية التعليم على كتابة آيات الذكر الحكيم على الألواح وحفظها والقراءة الجماعية للحزب المقرّر، وعرضها على المدرس، ومحوها بعد ذلك، قبل الانتقال إلى سورة جديدة، هذا إلى جانب تعليم الكتابة والترتيل الصحيح ومخارج الحروف. ويقول تقي الدين مدرس بالمدرسة القرآنية بمسجد "الفجر" بحي النصر (الضاحية الغربية لمدينة ورقلة)، "نستقبل أزيد من 400 تلميذ من مختلف الأعمار خلال كل عطلة صيفية، وقد لاحظنا خلال السنوات الأخيرة، رغبة واهتماما كبيرين من الأولياء بخصوص توجيه أبنائهم نحو المدارس القرآنية". أقسام خاصة بتعلّم القرآن الكريم ويفضّل عدد من الأئمة ومدرسي القرآن الكريم بورقلة، تخصيص أقسام خاصة لاستقبال الأطفال الراغبين في هذا النوع من التعليم خلال العطلة الصيفية، لتخفيف الضغط عن المدارس القرآنية. ويقول في هذا الشأن إبراهيم قريشي (مدرس متطوع بالمدرسة القرآنية طالب نذير بالرويسات)، ‘'إنّ أغلب العائلات تسجل أبناءها خلال فترة الصيف لتعلم القرآن العظيم، ما يشكّل ضغطا على المدارس القرآنية والمساجد أيضا". وأوضح أنّ هذه المدرسة القرآنية تستقبل أزيد من 80 تلميذا جديدا كل عطلة، ما يطرح - حسبه - مشاكل عدة؛ سواء من حيث ظروف الاستقبال أو فعالية التدريس. وبُرمجت مبادرات تطوعية من طرف طلبة ختموا كتاب الله العزيز الحكيم لتدريسه في تلك الفترة؛ بهدف تغطية النقص المسجل في طواقم المدرسين. ويوجد من بين هذه الفئة أمينة (38 سنة)، وهي مدرسة بمسجد "محمد المغراوي" بحي أولاد نصير وسط مدينة ورقلة، تضمن هذا العمل التطوعي منذ 12 سنة، حيث تحرص على تحفيظ أزيد من 100 تلميذ خلال الفترة الصيفية. وتُعد ولاية ورقلة واحدة من الولايات التي يتوج طلبتها بالمراتب الأولى وطنيا في حفظ القرآن العظيم، حيث تحصلت العديد من المدارس القرآنية على المراتب الأولى سنويا من حيث عدد التلاميذ الحافظين للقرآن الكريم من كلا الجنسين ومن مختلف الفئات العمرية. ويحصي قطاع الشؤون الدينية والأوقاف بولاية ورقلة، أزيد من 400 مسجد و27 زاوية و30 مدرسة قرآنية، حسب معطيات مديرية القطاع.