تتواصل المساعي العربية على أكثر من صعيد لرأب الصدع داخل البيت الفلسطيني الذي لا يزال يعاني من تشتت صفه منذ أزيد من عام ونصف ووسط مؤشرات باستمرار تعمق هوة الخلاف. ففي الوقت الذي لا يزال فيه النقاش قائما حول المبادرة المصرية لتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة والتي لم تجد طريقها إلى التجسيد طرح اليمن من جانبه مبادرة جديدة لاستئناف الحوار بين حركتي المقاومة الإسلامية "حماس" والتحرير الفلسطينية "فتح" وسط عودة الاتهامات والملاسنات الكلامية بين الحركتين. وهو ما يطرح التساؤل حول إمكانية نجاح المساعي اليمنية من منطلق أن شبح الفشل سيخيم على المساعي اليمنية وهي التي كانت لها تجربة سابقة في هذا الشأن إضافة إلى أن كل المحاولات السابقة لتحقيق المصالحة الفلسطينية اصطدمت برفض كل طرف تقديم تنازلات وأكثر من ذلك أبدى كل جانب تمسكه بمواقفه المبدئية مما زاد في تعميق هوة الخلاف بين أطراف المعادلة السياسية الفلسطينية. والكل يتذكر المساعي المصرية التي باءت بالفشل في آخر لحظة بعدما كانت الظروف قد هيئت من اجل احتضان القاهرة لأولى جلسات الحوار الوطني الفلسطيني بداية شهر نوفمبر الماضي. وجاءت المبادرة اليمنية لتدعو إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى خلال ستة أشهر التحضير لانتخابات نيابية ورئاسية وإعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس وطنية قد صيغت على قاعدة الاتفاقات التي سبق التوصل إليها في صنعاء والقاهرة وتقترح رعاية مصرية وسورية وتركية للحوار والمصالحة الفلسطينية. وأبدت السلطة الفلسطينية موافقتها على مشاركة سوريا في رعاية الحوار الداخلي الفلسطيني وقال عزام الأحمد رئيس كتلة حركة "فتح" في المجلس التشريعي الفلسطيني أن السلطة الفلسطينية لا تعارض مشاركة سوريا في المبادرة اليمنية. واستعمل الأحمد لهجة أكثر دبلوماسية وبعيدة عن لغة التهديد والوعيد التي طفحت على السطح بين الإخوة الأعداء مباشرة بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة حيث أعرب عن استعداد السلطة لبدء الحوار مع حركة "حماس" وجميع الفصائل الفلسطينية. وشدد المسؤول الفلسطيني على أهمية الحوار لأنه يبقى السبيل الوحيد لإنهاء حالة الانقسام بين الفلسطينيين التي قال أنها تخدم فقط مصالح المحتل الإسرائيلي وأضاف "علينا أن نتوجه إلى طاولة الحوار ونعلن من الدقيقة الأولى إنهاء حالة الانقسام وعودة الوحدة الجغرافية". وكانت الحكومة الفلسطينية المقالة قد فندت اتهامات السلطة الفلسطينية باعتقال وتعذيب كوادر من حركة فتح بسلاح المقاومة أثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. ووصف المتحدث باسم الحكومة المقالة طاهر النونو اتهامات السلطة بالخطيرة وبأنها فبركة إعلامية تهدف إلى حرف البوصلة الإعلامية عن مسارها وخلق فتنة فلسطينية داخلية. وقد عاد التوتر لميز العلاقة بين حركتي حماس وفتح في وقت كان يتوقع أن توحد فيه المحرقة الصهيونية في غزة الصف الفلسطيني بعدما عادت الملاسنات والاتهامات بين الإخوة الأعداء في مشهد أثقل كاهل الفلسطينيين الذين وجدوا أنفسهم أمام كيانين واحد في الضفة الغربية وآخر في قطاع غزة. ووسط هذه التطورات من المقرر أن يصل غدا إلى القاهرة وفد من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" لإجراء محادثات مع مسؤولين مصريين بشأن قطاع غزة وذلك بعد أن أنهى رئيس الهيئة السياسية والأمنية بوزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد زيارة مماثلة إلى القاهرة. وقال حسام زكي المتحدث باسم الخارجية المصرية إن مباحثات وفد حماس مع المسؤولين المصريين ستتناول المسائل الخاصة بتثبيت وقف إطلاق النار وفتح المعابر مع غزة وغيرها.